كتب:محمد الحمامصى

ويستمر مسلسل الانتهاكات من مشيخة الأزهر الشريف إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فالحرم الجامعي لجامعة المنصورة، جنبا إلى جنب مسلسل الوقيعة بين الجيش ومؤسسته العسكرية والشعب، والدس والتشكيك في وطنية وولاء الأجهزة السيادية كالمخابرات العامة، والطعن في الرموز الوطنية والنيل من تاريخها، وهلم جرا، حتى لم يبق شيء لم تستهدفه سهام الخسة والدناءة سعيا لهدم مصرنا العظيمة.

يحدث ذلك فيما تتواصل حروب الكلام ثرثرة وخطبا ورغيا، تحمل الكثير من الأخطاء والأخطار والفتن والقليل من النصح والإرشاد، فالجميع يبحث عما يدعم ويساند سعيه للسلطة والاستيلاء عليها، ولا أحد يعلي قيم ومصالح وأهداف الوطن، والناس تصرخ بحثا عن الكرامة والأمن واللقمة والعمل.

أعمت السلطة الجميع وضللت سعيهم، وها هو الخلل يتعمق يوما بعد الآخر وتتسع دوائر الأزمات والمشكلات، ولا إدراك ولا وعي بالنتائج التي ستترتب على ذلك، والعناد بقبحه الفج يكبر ويستفحل، والتخبط يقود الكبير والصغير حتى ليهدد بهدم المعبد فوق رؤوسنا جميعا.

يحدث ما يحدث ولا نستفيق من غينا وغرورنا وعنادنا، بل نصر ونصر كأننا نمضي بكامل إرادتنا الهشة والمتفككة والمريضة إلى حتفنا، غير مبالين بصرخات التحذير والتنبيه التي يطلقها الناس هنا وهناك في مختلف أرجاء البلاد، حتى لقد شهد الشارع المصري خلال شهر واحد فقط وهو شهر مارس الماضي 1354 وقفة احتجاجية قامت بها 40 فئة اجتماعية، أي بمتوسط 1.8 احتجاج كل ساعة و44 احتجاجاً يومياً و306 احتجاجات أسبوعياً، لتحتل مصر أعلى دول العالم في معدلات الاحتجاجات، في سابقة لم يحققها الشارع المصري من قبل، حتى في وقت ذروة الثورة المصرية.

هذا عن الاحتجاجات الفئوية، أما عن التظاهرات فلو أحصيناها ستتجاوز هذه الأرقام، ثم يخرج من يخطب ويثرثر مدعيا كذبا وبهتانا، أن كل شيء "عال العال" و"الجو جميل والدنيا ربيع" و"قفلي على كل المواضيع"، في استخفاف واضح بالمسئولية وبما تمر به الوطن العظيم من تدهور.

لن يستمر ذلك طويلا، وكما يقولون "الكذب ملوش رجلين" في إشارة إلى عجز الكذب وعدم قدرته على مواصل خداعه، وسرعان ما يطوق الكذب صاحبه ويقتله بعد أن يفضحه على الملأ، ولكن لكل أجل كتاب حتى "إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".

لنتوقف عن الخطب والكلام المرسل، فحسب الإمام الرضا "كَثْرة الْكَلامِ تَبسُطُ حَواشِيَهُ وَتَنقصُ مَعانِيَه فَلا يُرى لَهُ أَمَدٌ ولا يَنْتفِعُ بِه أَحد".. لنتوقف عن مسلسل الأكاذيب الذي جر ويجر لنا الكوارث، فنحن على أبواب ما لا يحمد عقباه من فتن وتطاحن، لن ينجو منه أحد قريب أو بعيد، ما لم ننتبه فورا.

لننجو بأنفسنا ووطننا ونتوقف عن الكذب نهجا وتنظيما وطريقا وعملا، فليس بعد الصدق نجاة حتى في أحلك الظروف، وكما يقول من قال:

الصدق منجى.. والكذب سنجه

تقطع ما توصل.. تغرق متنجى

 

المصدر: مجلة حواء-محمد الحمامصى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 593 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,867,860

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز