كتبت: منال عثمان
أكثر ماكان يميز المطربة الكبيرة "شهرزاد" هذا الكبرياء الأبى الذى كان يقطر من أسلوبها على مدى تاريخها الطويل..فهى لم يتوقف عطاءها الفنى إلا قبل خمس عشرة سنة من رحيلها عن 85 عاما لكن وكما أكد معاصروا فترة تألقها كانت تعمل كيفما تريد هى لا كيفما يسيرها الآخرون..فقد كان لديها اعتزاز كبير بنفسها وبموهبتها حتى فى أوج أزمة الغناء رفضت أية تنازلات فمن يتعامل مع العمالقة وفى فترة كان حرفا مبهرا فى أبجدية الغناء من الصعب أن يقبل ما هو دون المستوى فى كل شىء >>
"شهر زاد" مطربة من العيار الثقيل ولعلنا فى سطورنا القادمة نلقى الضوء على صوت رائع سكت منذ أيام قليلة عن الكلام .. أما عن الغناء فمنذ زمن حين تتقافز الأراجوزات يصمت العمالقة طويلا حتى يرحلون.
حياتها
تعارضت أقاويل عدة حول اسمها الحقيقى فهناك من يقول "شفيقة محمد السيد" ، وآخرون يقولون إن اسمها "شهرزاد" الحقيقى وقد أطلقه عليها والدها عاشق الغناء خصوصا غناء "أم كلثوم" الذى ورثته عنه ابنته التى كانت عاشقة حتى الثمالة لغناء "أم كلثوم"، وكانت تغنى أغانيها فى أى مكان تتواجد فيه ، وقد لعبت "أم كلثوم" دورا كبيرا فى حياتها فيما بعد .. وذهبت الصغيرة لعيد ميلاد زميلة لها فى المدرسة كانت والدتها ممثلة مسرحية و فى هذا الحفل كان مدعو "أنور وجدى ، وزكى طليمات" ، وانطلقت تغنى فى ميلاد زميلتها بصوت رائع أغنية "أم كلثوم" (يا طول عذابى ) وانبهر بصوتها القوى الرنان "زكى طليمات" فعرض عليها مباشرة بطولة أوبريت (العشرة الطيبة) الذى كان يبحث له عن بطلة لها هذا الصوت لكن توقفت الأمور مع رفض والدها أن تحترف ابنته الفن ومع الوقت والتوسلات منها ومن شقيقها "شفيق" الذى كان يدرس العود فى معهد الموسيقى العربية ومحاولات "زكى طليمات" وافق الأب ووقفت أمام "كارم محمود، وحسين رياض" وقدمت (العشرة الطيبة) الأوبريت الذى نجح جدا وأعقبه أكثر من أوبريت ناجح مثل (ليلة من ألف ليلة)،وحققت "شهرزاد" نجاحا جيدا وقد حضرت "أم كلثوم" افتتاح أوبريت (العشرة الطيبة) وصفقت طويلا لـ"شهرزاد" وأثنت على صوتها وكان هذا اللقاء محفورا فى ذهنها وتحكيه دائما ، ولاقتناعها أن الموهبة لابد أن تكون مقرونة بالدراسة التحقت بمعهد الموسيقى العربية لدراسة (السولفيج) وتقابلت هناك مع عازف التشيللو "محمود رمزى" الذى طلبت منه أن يقدمها لـ"أم كلثوم" التى كانت متواجدة فى المعهد ..وأخذها من يدها وقال لثومة - هذه شهرزاد المجنونة بك .. فضحكت سيدة الغناء وقالت له - أعرفها جيدا وسمعتها فى (العشرة الطيبة) إنها جميلة الشدو بل تملك صوتا من أقوى الأصوات..فبكت "شهرزاد" أمام كل هذا الثناء من "أم كلثوم" وبادرته قائلة - لماذا لا تتزوجها يا محمود ؟ فقال سريعا موافق على شرط تغنى فى فرحنا ..ووافقت "أم كلثوم" وأحيت زفاف "شهر زاد" التى كانت فخورة جدا بهذا دائما وظلت تحكيه طوال حياتها لأنه سابقة فريدة من نوعها فى هذا الزمن الذى كانت "أم كلثوم" اعتلت فيه هرم الغناء العربى دون منافسة.
هى والعمالقة
وقد ذخر تاريخ "شهرزاد" بالعديد من الأسماء اللامعة فى عالم التلحين بل نكاد نجزم أنها غنت لكل العمالقة وإن كانت أشهر أغانيها (عسل وسكر) إلا أن لها مع الأستاذ "السنباطى" التى تعرفت عليه عن طريق شقيقها أكثر من عشرين أغنية منها (إدينى من وقتك ساعة ، وحكاية المنديل ، ويا ناسينى )،ومع "محمد عبد الوهاب" أكثر من لحن رائع مثل ( فى ظل الورد،فى قلبى هنا)..ولحن لها فريد الأطرش(إدينى ميعاد و قابلنى).. والموسيقار "محمود الشريف" لحن لها (بعت لك جواب وليه ماجانى الرد، و أحب اسمك) ..و"أحمد صدقى" لحن لها (جانى مرسالك،وفى قلبى حكاية)..ولحن لها أيضا "كمال الطويل ، وبليغ، وحلمى بكر" وغيرهم من عمالقة النغم ، وقد غنت "شهرزاد" فى كل البلاد العربية وقدمت حفلات ناجحة للغاية خصوصا حفل تونس الذى حضره رئيس تونس الأسبق "الحبيب بورقيبة" وأبدعت بشكل رائع جعل "بورقيبة" يعتذر عن استكمال بقية الحفل ويقول - بعد هذه السيدة لا أريد أن أسمع أحدا،ويقولون كان هناك كبار جدا فى الغناء بعدها ،و أيضا غنت فى حفلات ثورة .52
ومع خلو الساحة من معظم العمالقة وإيمان "شهرزاد" أن هذا الزمن لا يعوزها ولا يعوز أى عملاق أغلقت على نفسها باب بيتها المطل على النيل سنوات عديدة لم تكن ترى خلالها إلا أسرتها ومنهم حفيدتها المخرجة "هبه يسرى" التى نفذت فيلما اسمه (ستو زاد) عن حياة جدتها الرائعة التى رحلت تاركة تاريخا رائعا من الغناء .. وداعا "شهر زاد"
ساحة النقاش