فرحتي فى الاحتفال بمرور 63 عاما على ميلاد مجلة "حواء" أعادت لذاكرتى أيامى بينهم التى مرت كلمح البصر, تذكرت يوم انتشرت إشاعة قوية فى الوسط الصحفى حول اختيارى لرئاسة حواء، لم أصدقها بل اعتبرتها مزحة من زملائى بمجلة "صباح الخير", لماذا أرشح لهذا المنصب المهم وهناك كثيرات غيرى من الصحفيات أكبر سنا وأكثر خبرة ويستحققن ذلك الشرف الكبير, وفى زحمة انشغالى بالعمل نسيت الموضوع حتى رن الهاتف ذات صباح فى بيتى وسمعت الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة دار الهلال فى ذلك الوقت يطلب منى الحضور فورا، وأنه أرسل سيارته لاصطحابى لدار الهلال, وفى مكتبه وجدته ينتظرنى ومعه نائبه المرحوم أحمد حمروش, شعرت بارتياح لوجود أحمد حمروش الذى كنت أعرفه جيدا، وأعجب بأخلاقه الحميدة، ولم أكن قد التقيت بمكرم قبل ذلك سوى أثناء انتخابات نقابة الصحفيين, وفى كلمات سريعة مقتضبة كعادته، أخبرنى مكرم أنه قرر تعيينى رئيسة لمجلة حواء, حاولت أن أعتذر لقلة خبرتى و.. ولكنه قال بحسم: لن أقبل اعتذارا.. وقدم لى مجلدا لأعداد آخر ستة شهور من المجلة لأدرسه وأخطط لمستقبلها, أمضيت الأيام التالية فى دوامة من الحيرة، فالمسئولية ضخمة وأنا لا أقبل الفشل, وكيف أنجح وأنا لا أعرف فى دار الهلال سوى عدد قليل، منهم رئيسة التحرير الأستاذة إيفون رياض التى كانت كثيرا ما تتصل بى لتكتب رأيى فيما تثيره من قضايا, سيدة شديدة الأدب والرقة والأناقة رحبت بى بشدة عندما زرت الدار وقت ترشحى لمجلس النقابة، وصحبتنى فى جولة بين زملائها لتزكينى وتحثهم على انتخابى, هل أزيح هذه السيدة الكريمة وأحتل مكتبها؟! ضاقت الدنيا فى عينى وقررت أن أعتذر بحسم، سأختفى عن الأنظار, سأسافر بعيدا، ولكن إلى أين وابنتى الحبيبة تستعد لزفافها! وزادت حيرتى عندما حرضنى بعض الأصدقاء على الرفض, قالوا: "المجلة تحتاج مجهودا كبيرا وأنتِ فى قمة نجاحك فى صباح الخير"، , وتذكرت يوما ذهبت مع مجموعة من الصحفيين للقاء الرئيس مبارك لنهنئه على سلامة العودة بعد محاولة اغتياله فى إثيوبيا, حاولت أن أتوارى عن نظره ولكنه لمحنى ووجه لى عتابا قويا على مقالاتى, هل نقلى من روزاليوسف عقاب أم ثواب! وفى اللقاء الأول بمحررى المجلة تبددت مخاوفى وأمدنى ترحيبهم الشديد وفرحتهم بلقائى بقوة وعزيمة وإصرار على النجاح, حواء بكل عراقتها وشهرتها وتاريخها المجيد تمد إلى يدها حلم أكبر من أن يكون حقيقة, وها هى "حواء" تقدم لى أعظم هدية بعد أن تركتها منذ سنوات، تكريما أكبر من أى تكريم نلته فى حياتى، العرفان والاعتراف بالفضل والحب الصادق الذى أسال الدموع من عينى وأنا أستقبل أحضانهم وأقرأ تعليقاتهم على صفحتى فى "الفيس بوك".. وشكرا حبيبتى "حواء".
ساحة النقاش