لا شك أن المسرح القومي يعد أعرق المسارح المصرية بموقعه التاريخي بالقرب من حديقة الأزبكية التي عرفت بأنها مدينة الفن والترفيه في بدايات القرن الماضي وما قبله، والذي تحول من مكان لترفيه طبقة الأغنياء والأجانب، إلى ملاذ المتعة والترفيه للأسرة المصرية ولا سيما المتوسطة على مدى عقود مديدة.
ولم يكن ذلك خافيا على حكومة ثورة 23 يوليو عام 1952 التي طهرت البلاد من الاستعمار، وقضت على الحكم الملكي في البلاد، ليتحول اسمه إلى «المسرح القومي»، شهد المسرح القومي في تلك الحقبة ـ وبخاصة عصره الذهبي في الستينيات ـ رواجا غير مسبوق بفضل عظماء تلك الفترة من الكتاب المسرحيين والمخرجين والمبدعين الذين أسسوا لمرحلة جادة وجديدة في تاريخ المسرح المصري أبدعها جيل استفاد من المناخ الذي هيأته فترة الخمسينيات منذ قيام الثورة والحلم الثوري المشتعل وقتها الذي وفر الحريات للإبداع، وكان من بين رموز تلك الفترة أسماء بقيت خالدة إلى ما شاء الله: يوسف إدريس، نعمان عاشور، سعد الدين وهبة، ألفريد فرج، لطفي الخولي، ومن المخرجين عبد الرحيم الزرقاني، سعد أردش، نبيل الألفي، كرم مطاوع، ولأن المسرح القومي جزء لا يتجزأ من أرض مصر الولادة؛ فإنه في الحقب التالية لم تخلوا فترة زمنية إلا وشهد انتعاشة جديدة لعروض المسرح القومي مثلما حدث في الثمانينيات عندما شهدت عروض المسرح القومي إقبالا جماهيريا عبر مشاركة فنانين كباراً في عروضه التي شهدت العرض المسرحي الناجح "أهلا يا بكوات" بطولة حسين فهمي وعزت العلايلي، و"إيزيس" لتوفيق الحكيم وبطولة سهير المرشدي، ثم قفزة مسرحية جديدة مع العرض المسرحي "الملك لير" بطولة الفنان القدير يحيى الفخراني والتي عرضها المسرح في عدة مواسم، وقبلها كان هناك عرض "منمنمات تاريخية" عن نص سعدالله ونوس، و"دماء على ستار الكعبة" للشاعر الكبير فاروق جويدة.
مؤخرا أسعدنا خبر تولي الفنان القدير الشاب أحمد شاكر مسئولية إدارة المسرح القومي الذي نتوقع منه إعادة أنواره بعروض محترمة تناسب الأسر المصرية المتعطشة، وليعيد أمجاد مسرحنا القومي، خاصة وأن أحمد شاكر فنان ملتزم قادر على المهمة التي استعصت على الكثيرين.
ساحة النقاش