فى أواخر الشهر الفضيل احتفى المصريون بجهاز المخابرات العامة وصقور مصر التى ألقت القبض على الصيد الثمين أحد أفاعى الإرهاب الأسود هشام عشماوى، والذى وصل لأرض الكنانة مكبلا بشروره مع أذنابه, بعدها قضينا حفل إفطار الأسرة المصرية بحضور سيادة الرئيس وطوائف عديدة من الشعب المصرى، وبعث الرئيس فى كلمته التى ألقاها رسائل طمأنة للمصريين، وتناول محاور عدة منها التعليم والصحة والشائعات التى تتبناها الأجندات الاستعمارية، وحث المصريين على الاصطفاف من أجل مصر المستقبل، تقليد رائع ننتظره كل عام، وأعلن خلاله رئيس الجمهورية عن قضاء أول أيام عيد الفطر المبارك مع أبناء شهداء الوطن من الجيش والشرطة البواسل الذين فقدوا أرواحهم من أجل أمان واستقرار نحياه جميعاً.

ومع لحظات فجر العيد وهذه الأوقات المباركة، وقبل سويعات جبر الخواطر, ارتكب المجرمون فعلتهم الدنيئة، وهو أمر ليس بجديد على الخونة فالندالة طبعهم والغدر فى دمهم والكره والغل عنوانهم, ليقع شهداء جدد من أبطالنا البواسل من خيرة أجناد الأرض لنفقد أعزاء شرفاء لم يبخلوا بجهد وعرق ودم، فقدوا شبابهم وأرواحهم, ومزقوا قلوب أمهاتهم التى فطرت فى يوم عيد، لكنهم زفوا إلى بارئهم فرب العزة اصطفاهم ملائكة السماء شهداء أحياء عند ربهم يرزقون, ورغم هذا الكمد الحقيقى الذى سحقنا جميعاً كمصريين إلا أن الأب المسئول عن رعيته، الحكيم فى احتواء مشاعره وكبح جماحها بدا موارياً حزنه الدفين على أبنائه ممن فقدناهم مجدداً، وكانت دموعه حبيسة المقلتين لا يرى سوى أطفالا أبرياء يجاهد فى إسعادهم ويداوى أحزانهم وجراحهم وهو مغمور بألم جديد يعتصر النفوس، لكنه أقسم من قبل على الثأر لمن رووا الأرض بدمائهم التى لم تفقد سدى، وأن القصاص قادم لا محالة.

وبالفعل ساعات قليلة وسمعنا ما يثلج صدورنا بتصفية عدد من التكفيريين والإرهابيين والقبض على عدد آخر منهم ممن استحلوا الدماء، ووقع الشهيد الملازم أول عمر القاضى الذى لم يتجاوز ثلاثة وعشرين عاماً زهرة شباب يانعة اقتطفتها غدراً رصاصات الإرهاب الغاشم، وخلال سويعات الأخذ بالثأر طمأننا النقيب عمر الملوانى على حسابه الخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وبعدها بلحظات يفارق الحياة شهيداً إلى جنة الخلد ليرافق درب زميله، وبرفقتهم عدد من المجندين الأبطال الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين فى ريعان الشباب لتقتلع أفئدة أمهاتهم حسرة وحرقة على هذا الرحيل الغادر، لكن يبقى حب الوطن هو الأطهر والأصدق والمدعاة للصبر والاصتبار, فرغم قساوة الهجر والفراق وبشاعة الألم إلا أن مصريتنا الصادقة وحب الوطن ومرافقة النبيين والصديقين جعلهن يحتسبن الله برضا للأخذ بثأر دمائهم الزكية الطاهرة.

وفى غمرة الأحداث ينتابنى سؤال شغلنى كثيراً لماذا نكتفى بالمواجهة العسكرية ولا نحتكم لمنطق مواجهة الفكر بالفكر؟ وإلى أى مدى سنترك مزيدا من شبابنا عرضة لهؤلاء المغتصبين لعقولهم البريئة اللقيطة لتغييبهم وتغريبهم واستقطابهم؟ أليس من الحكمة أن نؤمن فكر أبنائنا ونرتكز على هويتنا المصرية التى يحاول البعض طمسها وإذابتها! ألم يحن الوقت لإطلاق إستراتيجية ثقافية يتبناها سيادة الرئيس على غرار المبادرات الصحية العظيمة التى تقودها الدولة المصرية! فالوعى والثقافة هما قاطرتا الحفاظ على الأمن القومى، لوقف نزيف التهاوى فى مستنقع الظلمات والميلشيات الإرهابية، وحقن دماء الشهداء ممن يعتنقون عقيدتهم الأرض عرض فهم خير أجناد الأرض المرابطين المدافعين حتى آخر نفس، ويدهشنا إيمان رجالنا الشرفاء الذين لم ينتابهم الخوف أو التراجع فى أى من الأحداث المؤسفة التى يمر بها الوطن، بل تزداد النخوة والرجولة لتسطر صفحات جديدة لأساطير أبناء أرض الكنانة بعقيدة النصر التى لا تعرف الهزيمة، فإما فوق الأرض أعزاء أو تحت التراب شهداء, عشتم يا رجال الوطن وسلمت أياديكم, أما أنتم أيها الجبناء خسئتم إلى يوم الدين.

المصدر: بقلم : د. رانيا يحيى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 424 مشاهدة
نشرت فى 19 يونيو 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,824,694

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز