تعانى المرأة أحيانا من كافة أشكال العنف التى توجه ضدها ومنها الختان الذى يمارس نتيجة لنظرة رجعية ما زالت تسود بعض الأفكار فى مجتمعنا، رغم التقدم الكبير فى كثير من المجالات، ورغم وجودنا فى القرن الحادى والعشرين، ورغم الدعم الحقيقى من القيادة
السياسية لملف المرأة، إلا أنها تدفع ثمن الفكر المتعنت والنظرة القاصرة والتى تتكئ على إدعاءات دينية بدون أسانيد مما يجعل المرأة والفتاة عرضة لانتهاك حقوقها الإنسانية، وأبسط هذه الأشكال هو حفاظها على نفسها وحماية جسدها من الانتهاك والذى يحدث للأسف من أقرب المقربين إلى الفتاة مما يجعلها تشعر بالقهر والإحباط ويؤثر على حياتها بالكامل فيما بعد، ويضيرها بشكل شخصى واجتماعى عاوة على الآثار النفسية السيئة التى تلحق بها طيلة حياتها، والواقع أنه رغم وجود عقوبة لهذه الفعلة الشنعاء «الختان » ثم تغليظها منذ عام 2016 إلا أن الممارسة الفعلية لهذه العادة تظل حبيسة تقاليد وموروثات خاطئة علينا جميعاً التكاتف من أجل القضاء عليها، فهى قضية يتعامل معها البعض بتفكير عقيم رجعى باعتبارها واجبا ومكرمة للأنثى، ويراها البعض الآخر كارثة تحل على الفتاة وهى فى مقتبل عمرها، والحقيقة أنها تمثل صدمة ووحشية كأهم أولويات التعرف على العنف ضد المرأة وللأسف بصناعة أهل غير واعيين يعملون على تكريس معتقدات خاطئة وأعراف وتقاليد موروثة بالية انتقلت إلينا من بعض الدول الأفريقية وانتشرت بين دول قارتنا السمراء وبعض الدول العربية.
لذلك أيضا جاء قرار تشكيل اللجنة الوطنية لمناهضة ختان الإناث مؤخراً من أهم القرارات للمساندة فى القضاء على هذه الظاهرة بالتكاتف ما بين المجلس القومى للمرأة برئاسة الدكتورة مايا مرسى والمجلس القومى للطفولة والأمومة بأمانة الدكتورة عزة العشماوى، كما أذكر فى هذا السياق الكتاب القيم والمهم بعنوان «العنف والختان ضد المرأة »، والذى شرفت بالمشاركة فى حفل توقيعه ويتناول الكتاب ظاهرة ختان الإناث وآثارها النفسية والجسدية ومدى المعاناة التى تتعرض لها الأنثى بعد قهرها وإخضاعها لتلك الجريمة.
كذلك الجهود التى تبذلها الدولة بدعم ومساندة القيادة السياسية التى استعرضت تجربة مصر فى مجال تمكين المرأة خلال قمة العشرين وحصل سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى على إشادة دولية ليست الأولى من نوعها حيث ثمنت المنظمات الدولية على دور مصر الإيجابى الذى تدعمه بوعى وإرادة حقيقية غير مسبوقة، كذلك المؤتمر الإقليمى حول القضاء على زواج الأطفال وختان الإناث والذى عقد تحت رعاية السيد الرئيس، ونظمه المجلس القومى للمرأة مع وزارة الخارجية والمجلس القومى للطفولة والأمومة والاتحاد الأفريقى، وبالشراكة مع الاتحاد الأوروبى ومنظمات الأمم المتحدة بمشاركة ما يزيد عن خمسين دولة لتكاتف الدول الأفريقية جميعها للقضاء على زواج الأطفال باعتباره قضية خطيرة تواجه الفتيات وتعمل على قتل براءتهن فى مراحل مبكرة بخلاف ما يتعرضن له من حرمان من التعليم والمشكلات الصحية نتيجة الزواج المبكر والإنجاب فى مراحل عدم اكتمال النضج.
أخيرا فإن قرار وجود اللجنة الوطنية لمناهضة ختان الإناث بمثابة تعهد جديد باستعادة أبسط حقوق النساء والحفاظ على كرامتهن الممتهنة، ويصحبه أمل بالخلاص من كافة أشكال العنف ضد المرأة.
ساحة النقاش