«البايع ما بيبكيش على حاجة، والشارى ما بيفرقش معاه حاجة » مثل شعبى يردده الكثيرون خاصة عند كتابة قائمة منقولات الزوجية أو الاتفاق على مؤخر الصداق الذى يتضمنه عقد الزواج، ورغم أن أهل الزوجة يأتمنون الزوج على فتاتهم إلا أنهم لا يتنازلون عن أى من القائمة أو المؤخر ما قد يتسبب فى خلافات تصل فى كثير من الحالات إلى إنهاء العلاقة أو الطاق حالة توثيق العقد..
فى جولتنا التالية حاولنا التعرف على الأصل الشرعى والقانونى للقائمة ومدى تأثيرها فى إنجاح أو فشل العلاقة بن الزوجين.
فى البداية تقول نور، إعلامية معروفة: حكايتي غريبة وما زلت أشعر بالحسرة والكآبة كلما تذكرتها، قابلت زوجي السابق أثناء تصوير إحدى حلقات برنامجي، وأجريت معه لقاء ناجحا ومن أول لحظة شعرت أنني أحبه وأن علاقتي به لن تكون عابرة, وفعلا توطدت علاقتنا وخطبني وسارت الأمور بشكل طبيعي وأتممنا تجهيز شقة الزوجية لأشعر وكأنني أملك الدنيا، وفي عز الفرحة وقبل الزفاف بيوم جلس أبي مع خطيبى ليوقع على قائمة المنقولات الزوجية لكنه رفض واعترض عليها وأهله لتكون سببا فى إنهاء زواج قبل بدايته، والآن أحمل أهلي كل الوزر ودائما أذكر أبي أن القائمة والجهاز كانا أهم عنده من سعادتي.
أما حسام، موظف حكومي فاشترط والد عروسته مؤخرا كبيرا والذى سبب له صدمة كبيرة خاصة وأنه لم يخبره به إلا أثناء عقد القران أمام المدعوين، ورغم اعتراضه على المبلغ إلا أنه تدارك الموقف وأتم الزواج لكن ظل ذلك الموقف بمثابة حاجز نفسى بينه وأهل زوجته، بل كان سببا فى انفصاله عنها بعد فترة قصيرة من الزواج حيث كان يرفض زيارتها لأهلها ويتعمد إهانة أهلها وسبهم بأفظع الألفاظ.
رغم أن قائمة المنقولات الزوجية ومؤخر الصداق من بين العادات الاجتماعية التى يتمسك بها الكثير إلا أن إيمان عارضت أهلها عندما طلبوا منها إقناع عريسها بالقائمة والمؤخر لأنها ترى أن حياتها وسعادتها لا يقدرا بثمن، وتقول: هناك بدائل للقائمة والمؤخر الكبير فمن الممكن أن تشتري العروس الجهاز بفواتير باسمها لضمان حقها وأحيانا يتفقا معا على أن يكتب العريس أيصال أمانة يوضع عند شخص يثق فيه الطرفان ولا تأخذه العروس إلا عند حدوث تجاوز من العريس.
عادات وتقاليد
تقول د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع: الرغبة في التفاخر والعادات والتقاليد من أهم الأسباب التي تؤثر على الأهالي وتجعلهم يصرون على فرض مؤخر كبير وكتابة العريس لقائمة المنقولات ويرجع ذلك من البداية إلى المغالاة في تجهيزات الزواج حتى في الطبقات الفقيرة والمعدمة وقد سمعنا كثيرا عن نساء فقيرات دخلن السجن بسبب إصرارهن على تجهيز بناتهن بشكل مبالغ فيه، وينتشر التمسك بالمؤخر الكبير وكتابة قائمة المنقولات الزوجية والمشغولات الذهبية فى المجتمعات الريفية حتى في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية على سبيل التفاخر والتباهى أو مقارنة العروس بأقرانها من العائلات الأخرى الأمر الذى قد يتسبب فى الطلاق، لذا أرى ضرورة تغيير هذه العادات والتقاليد خاصة في ظل ظروف اقتصادية طاحنة ونسبة عنوسة كبيرة وطلاق بسبب هذه الأمور.
إذا كانت قائمة منقولات الزوجية عادة توارثتها الأجيال على مدى سنوات عديدة فكيف يراها الشرع؟
يقول د. محمد وهدان، الأستاذ بجامعة الأزهر: لاشك أن الشريعة الإسلامية أمرتنا بالاعتدال فى كافة الأمور ومن بينها الزواج الذى أكد نبينا محمد على أن التيسير فيه يزيده بركه فقال: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة"، لذا يجب على ولي أمر العروس إذا جاءه من يرضاه زوجا لابنته ويطمئن عليها معه فليزوجها له، علما بأن والد العروس ليس عليه أي التزامات نحو تجهيز الفتاة وشراء الأدوات والأجهزة لكن هذا ما تعارف عليه المجتمع بعد غلاء المعيشة وارتفاع الأسعاء، بل أوجب الشرع على الزوج تجهيز بيت الزوجية وفق قدراته، والأهم أن يكون قائما على المعروف وحسن العشرة حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم.
ويوضح د. وهدان ذهاب بعض علماء الشرع إلى أن قائمة المنقولات ليست بدعة وأن الرجل يعطي المرأة مهرا يستحلها به والذى يتمثل فى الشبكة والجهاز الذي يحضره العريس ومؤخر الصداق، مؤكدا أن ما تتضمنه قائمة المنقولات الزوجية فى حكم المهر لأن العروس تنقل أدواتها وكافة أجهزتها التى اشتراها والدها إلى شقة الزوجية لذا يجب وجود ما يثبت أن هذه الأشياء في ضمان الزوج ومسئول عنها ويحاسب عند تبديدها.
وترى المحامية أميرة عبد الحكيم أن قائمة المنقولات ليس لها أى سند شرعى بل هى نتاج للعادات والتقاليد والعرف، وتقول: في حالة توقيع الزوج على القائمة يحق للزوجة إقامة دعوى ضده بتبديد قائمة المنقولات الزوجية سواء إذا كانت العلاقة الزوجية قائمة أو كانا منفصلين، حيث تنص المادة 341 من قانون العقوبات الخاصة بخيانة الأمانة على أن القائمة بمثابة إقرار شخصى بتسلم هذه المنقولات على سبيل الأمانة ووجوب ردها عينا أو نقدا عند الطلب، وتصل عقوبة تبديد الأمانة إلى السجن ثلاث سنوات.
يقول ماجد علي، خبير التنمية البشرية: الأصل أن يثق طرفي العلاقة الزوجية ببعضهما فلا يصح أن يبدأ حياتهما وكل منهما يشك في الآخر ويخونه ويفترض سوء نيته, وعندما تشك الفتاة في رفيق حياتها وتطلب منه الإمضاء على قائمة المنقولات يحدث هذا شرخا في العلاقة بينهما وكثير من الأزواج استبدلا قائمة المنقولات والمؤخر بالمعاهدة على الإبقاء على الود والاحترام والحب، كما أن التوقيع على القائمة ومؤخر الصداق تخلق حالة من الاستعداء غير المبرر.
وينصح خبير التنمية البشرية المقبلين على الزواج قائلا: ابدأوا حياتكم بالحب وابذلوا جهدا حتى تبدأ العلاقة الزوجية بشكل سوي يغلفها الاحترام والثقة المتبادلة.
ساحة النقاش