رغم الحملات التى تشنها أجهزة الدولة المختلفة على الأسواق لضبط الأسعار وضمان عدم التلاعب بها وفى مقدمتها جهاز حماية المستهلك، والخطط التى تضعها ربات البيوت لمواجهة ارتفاع أسعار بعض السلع فى بعض الأحيان، وبخاصة الضرورية منها كالخضراوات والمواد الغذائية إلا أن تلاعب بعض التجار قد يقف حائلا أمام هذه الجهود سواء كانت حكومية أو أهلية وكذلك فردية. «حواء » تطلق مبادرتها «هنقاطع الغالى ونشترى المصرى »، لتدعو النساء من خلالها لمقاطعة كل ما يرتفع سعره دون مبرر واضح سوى التلاعب من قبل بعض التجار ودون إنتظار لدعوات جماعية فى هذا الإطار، حتى تعود أسعار بعض السلع فى الأسواق المصرية إلى الإستقرار ، مؤكدة على ضرورة أن لاىيكون شغلنا الشاغل فى هذا الإطار هو شراء المنتج المصرى قبل أى منتجات مستوردة.
البداية من السلع الغذائية والتى نجحت أجهزة الدولة المختلفة فى التصدى لتلاعب بعض التجار بأسعارها خاصة منتجات اللحوم من خلال افتتاح عدد من المنافذ الثابتة والمتنقلة داخل محافظات الجمهورية والتابعة لأجهزة الدولة المختلفة وفى مقدمتها القوات المسلحة ووزارات الداخلية والتموين والزراعة لتعمل على توفيرها بأسعار تتناسب مع كافة الأسر وتحد من تغول تجار الأسواق، كما ساندت الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى وأعضاء مجلس النواب جهود الحكومة فى توفير السلع التى تواجه نقصا فى السوق المحلية ما دفع ضعاف النفوس من التجار إلى احتكارها والمغالاة فى أسعارها منها أزمة البطاطس والسكر وعدد من الخضراوات والتى تم توفيرها من خلال افتتاح عدد من المعارض فى الأسواق والميادين العامة بمحافظات الجمهورية والتى شهدت إقبالا كثيفا من المواطنين.
كما اتخذ الشباب والجهات المختلفة منمنصاتالتواصلالاجتماعى"السوشيالميديا"بمختلفأنواعهاوسيلة لإطلاق عدد من الحملات احتجاجاعلىجشعالتجارالذىأدىإلىارتفاعأسعارالسلع،وطالبوابمقاطعةشرائهاحتىيتمتخفيضأسعارها،مثل"اللحوم،والدواجن،والفاكهة،والأسماك،والسيارات،والذهب"وذلكمنخلالتنظيمحملاتشعبيةتحتعناويناجتماعيةجاذبةبهدفإجبارالتجارعلىتخفيضأسعارهذهالسلعسواءالغذائيةأوالمنتجاتالأخرى منها: "بلاهاشبكةوبلاهادهب"، ومع ارتفاع أسعار الفواكه والعنب أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعى حملة "خليهاتحمض"، إلى جانب حملة "خليهاتصدى" للحد من الارتفاع المستمر فى أسعار السيارات، واحتجاجا على ارتفاع أسعار اللحوم انطلقت حملة "خليهاتعفن" فضلا عن "خليهاتكاكى" لمواجهة ارتفاع أسعار الدواجن.
مبادرتك من فكرتك
وسط كل هذه الحملات والمبادرات يبقى السؤال الأهم لماذا تنتظر المرأة المصرية التى عرفت دوما بالاقتصاد والترشيد إطلاق حملة ما لتأييدها، ولماذا لا تتبنى مبادرتها الخاصة للاستغناء عن السلع غير الضرورية؟ ولما لا تتخذ من المقاطعة سلاحا تشهره فى أوجه ضعاف النفوس ومعدومى الضمير للحد من جشعهم وتلاعبهم بالأسعار؟
"كلنالازمنقاطع السلع الغالية"هكذابدأتسماح إبراهيم،ربة منزلحديثها،وتقول:"الحكومةمشهتقدرتراقبكلتاجر،لازماحنانساعدهاعلىمحاربةالغلاء بالإبلاغ عن أى مخالفة، ومقاطعة السلع الغالية دون انتظار حملة تدعو لذلك"، لافتة إلى أن المرأة المصرية معروفة بخططها الاقتصادية التى تتغلب بها على الغلاء، كما أنها عامل ضغط قوى على السوق من خلال مقاطعة السلع المبالغ فى ثمنها قائلة: حينمايرىالتاجرالخسارةأمامهلامحالةسيجبرعلى خفضالأسعار، لذافالمقاطعةالسلاحالأمثللمواجهةجشعالتجار.
وثمنت منار خالد، موظفة ببنك مصر حملة "حواء" مؤكدة أن المقاطعة السلاح الأشهر للأسرة المصرية لمواجهة جشع التجار، وتقول: لاشك أن المرأة كانت وما زالت صاحبة الأفكار الاقتصادية لتوفير متطلبات منزلها وفق دخل أسرتها الشهرى، لذا أرى أنها تأخذ مبادراتها الخاصة فى بداية كل شهر ومع خروجها إلى السوق وارتفاع أى سلع ضرورية من خلال ترتيب أولوياتها وشراء ما هو ضرورى ومقاطعة الغالى، أو الاكتفاء بشراء كميات قليلة، أو البحث عن بدائل اقتصادية.
أما حنان السيد، موظفةبوزارة الزراعة فترى أن المرأة تتبنى أى حملة أو مبادرة تسهم فى خفض الأسعار، مستشهدة باعتماد الكثيرات على منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة ووزارات الداخلية والتموين والزراعة، وتقول: تحرص كل سيدة على وضع خطط اقتصادية لمنزلها توفر من خلالها كافة احتياجات أسرها بأقل الأسعار المطروحة بالأسواق، لذا تلجأ الكثيرات إلى شراء السلع الضرورية من منافذ "آمان" وعربات القوات المسلحة والمجمعات الاستهلاكية والتى توفر سلعا آمنة وصحية بأسعار تنافسية للمطروحة فى السوق المحلية.
فيما تتبنى هاجر عادل، مدرسة مبادرتها الخاصة "ليه نشترى المستورد والمحلى موجود"، وتقول: تنخدع الكثيرات بمنتجات الماركات العالمية بينما توجد شبيهاتها من منتجات المصانع المصرية، لذا عندما أشترى ملابسى وأولادى أحرص على شراء المصرى، إلى جانب الابتعاد عن الأسواق والمحال التى تطرح معروضاتها بأسعار مرتفعة، وأحرص على الشراء من الأسواق الشعبية مع اختيار الأنواع ذات الجودة العالية مثل منطقة الوكالة وسوقى العتبة وغزة بمنطقة مسطرد، داعية الأمهات والفتيات إلى شراء المصرى ومقاطعة المستورد لتشجيع الصناعة المحلية والحد من سيطرة الأخيرة على السوق.
استجابة ودعم
بعد استطلاع آراء المواطنين حول دعوة "حواء" عرضت مبادرتها على أعضاء البرلمان وخبراء الاقتصاد، حيث ثمن النائبعمروالجوهرى،عضولجنةالشئونالاقتصاديةبمجلسالنواب المبادرة، لافتا الى أن "حواء" كانت دائما وما زالت دعما للمرأة المصرية وسندا لوطنها، قائلا: أتطلع إلى أن تكون هناك استجابة كبيرة من قبل المواطنين للمبادرة خاصة فيما يتعلق بالسلع المكملة كالسيارات والذهب، لكن السلع الضرورية فمن الصعب مقاطعتها بشكل نهائى بل يمكن الاقتصاد فى شرائها والبحث عن بدائل موفرة لها.
وأشار الجوهرى إلى أن الحكومة لا تدخر جهدا لضبط أسعار السوق من خلال التوسعفيإقامةالمناطقاللوجستيةوضخمزيدمنالسلعفيالمجمعاتالاستهلاكيةإضافةإلىالقضاءعلىالممارساتالاحتكاريةفيالأسواق، داعيا المواطنين إلى تقديم كافة أوجه الدعم للحكومة لأن الرقابة الشعبية أهم من الحكومية وذلك من خلال الإبلاغ عن أى مخالفات للأسعار الاسترشادية، والبحث عن بدائل للسلع مرتفعة السعر، والاستفادة من المعارض ومنافذ البيع التى تنظمها الجهات الحكومية المختلفة، كمنافذ بيع الخضر واللحوم، والمجمعات الاستهلاكية ومعارض مستلزمات المدارس والملابس.
خطوة مهمة
من جانبه أشادد.ربيعمحمودنوفل،رئيسقسمإدارةالمنزلوالمؤسساتالسابقبكليةالاقتصادالمنزليبجامعةالمنوفيةبمبادرة "حواء" لافتا الى أنها تأتى فى سياق الدور التوعى المنوط بوسائل الإعلام، لافتا إلى أنمواجهة ارتفاعأسعارالسلعمسئوليةمشتركةبينالإعلام والدولةوالمستهلكوالمنتجين، ويقول: لاشك أن إستراتيجيةالمقاطعةخطوةمهمةوناجحةفيمحاربةالغلاءخاصةالسلعالتى لهابدائل.
ويدعو الدولة إلى توفيربدائلللسلععاليةالسعرعنطريقإعطاءفرصةللقطاعالخاصللاستثمارفيهابأسماءإنتاجيةمختلفةمايخلقمناخاللمنافسةلأنقلةمنتجيسلعةمعينةتتيحلمنتجيهافرصةالاتفاقعلىوضعسعرمعينلهادونمراعاةظروفالمواطن، لافتا إلى أن للإعلامدوراكبيرامن خلالشنحملاتتوعويةللمستهلكعنالبدائلالمناسبةلتلك السلع،والآثارالإيجابيةللمقاطعة، موضحا أن القانونالذىيحكمالسوق"حجمىالمعروضوالطلب"،فإذازادالطلبعنالمعروضترتفعالأسعار،ناصحا المصريات باتخاذ مبادراتهن الخاصة من خلال ترشيد استهلاكهن والاكتفاء بالضروريات، مؤكدا أن المقاطعةتحتاجإلىنفسطويلحتىتأتيبنتيجةإيجابية.
توعية مستمرة
رغم انطلاق العديد من حملات المقاطعة والتى كان لها آثار إيجابية إلا أنها عادة ما تنتهى بالفشل لتستمر الأسعار فى مسارها التصاعدى، فما السبب وراء ذلك؟
أرجعت سعادالديب،رئيسالاتحادالنوعىللجمعياتالأهليةلحمايةالمستهلك،ونائبرئيسالاتحادالعربىللمستهلك السبب إلى قصر نفس المصريين-على حد قولها-، قائلة: ثقافة المقاطعة والبحث عن بدائل اقتصادية تحتاج إلى نفس طويل وصبر من ربات البيوت، فإذا نظرنا إلى العديد من الحملات التى يطلقها رواد مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام المختلفة نجد لها مردودا قويا خلال فترة قصيرة من إطلاقها لكن سرعان ما تشهد الأسعار موجة ارتفاع جديدة، لذا أنصح "حواء" بتوعية قارئاتها بشكل مستمر بضرورة المقاطعة وعدم المسارعة إلى الشراء بشراهة عقب انخفاض الأسعار لأن ذلك سيؤدى إلى زيادة الطلب على المعروض ما يدفع المنتجين إلى زيادة الأسعار.
وتضيف: نحن فى مصر كمستهلكين ليس لدينا النفس الطويل فى مقاطعة السلع مرتفعة الأسعار، فحينما تدعو جهة ما إلى مقاطعة السلع التى ارتف عسعرها بشكل مبالغ فيه لا نجد قبولا أو استجابة من المستهلكين بل نجد من يسارع فى شرائها وتخزينها خوفا من ارتفاع سعرها أكثر من ذلك، لذا أؤيد دعوة "حواء" بمقاطعة كافة السلع الغالية والتى عادة ما تكون مستوردة سواء فى الملابس أو الأثاث أو الأجهزة الكهربائية وغيرها إلى جانب التوعية بأن المقاطعة السبيل الوحيد لخفض الأسعار، وأناشد المواطنين بدعم المنتج المحلى وتشجيعه لأنه الوسيلة لخلق التوازن فى السوق المصرية.
الوعى الاستهلاكى
من جانبه يرى محمود العسقلانى،رئيس إحدى جمعيات محاربة الغلاء أن المقاطعة أهم أسلحة المستهلكين لإجبار المنتجين على خفض أسعار السلع، مستشهدا بحملة "خليها تصدى" ونتائجها الواضحة فى خفض أسعار السيارات،وأعتبر العسقلانى دعوة "حواء" لمقاطعة السلع مرتفعة الأسعار أحد أهم الأدوار المنوط بوسائل الإعلام وهى نشر ثقافة الترشيد والاقتصاد والتى تبدأ بالمرأة المصرية باعتبارها المدير المالى للأسرة، والمطلعة على احتياجاتها ومتطلباته وما يمكن الاستغناء عنه أو استبداله بما هو أقل تكلفة.
واتفق د.على الإدريسى،نائب المدير التنفيذى لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية مع الرأى السابق ويرى أن المقاطعة لا تدعو للابتعاد عن السلع بشكل نهائي بل الاكتفاء بالاحتياجات فقط،وأرجع استمرار أسعار السلع فى مسارها التصاعدى إلى غياب الوعى الاستهلاكى لدى المصريين، قائلا: من المفترض أن يقاطع المواطن السلع التى تزيد أسعارها بصورةغيرمبررة،وكذلك السلع غيرالضرورية وهو عكس ما يحدث فى مصر، داعيا المرأة المصرية ذات الباع الطويل فى وضع الخطط الاقتصادية إلى تبنى مبادرتها الخاصة فى الاكتفاء بالضروريات والابتعاد عن السلع المكملة ودعم المحلى ومقاطعة المستورد الغالى.
وسيلة ردع
من جانبه أبدى أحمد مسعد قمر، سكرتير عام اتحاد الغرف التجارية لشعبة المواد الغذائية تأييده لمبادرة "حواء"، مؤكدا أن المقاطعة أفضل أسلحة المواطنين للقضاءعلى ارتفاع الأسعار،مستشهدا بنتيجة حملات المقاطعة لمختلف السلع التى ارتفع أسعارها كالدواجن واللحوم والسيارات، لافتا إلى أنها تحتاج إلى التخلى عن ثقافة النهم الشرائى حتى فى حالة انخفاض سعر السلعة، ويقول: كل مستهلك يشترى احتياجاته فقط من السلع ويقاطع التجار الذين يزيدون فى أسعار السلع.
ويتابع: تعد حملات المقاطعة بمثابة "إنذار" يلوح بها المواطنون فى أوجه المنتجين حالةاستنفاذ كافة المحاولات فى خفض أسعار السلع، ويؤكد الواقع أن الكثير من تلك الحملات كانت وسيلة ردع للعديد من التجار، لكن وسط كل هذه الحملات تبرز أهمية تبنى المستهلك ثقافة البحث دائما عنأ فضل المنتجات وأقل الأسعار داخل السوق،وأن تكون عملية الشراء رشيدة.
ساحة النقاش