كتبت : سكينة السادات
يا بنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى ياسمين, 27 سنة, خريجة كلية التجارة الإنجليزية والتى كانت ولا زالت تعيش مع أسرتها فى حى شعبى ووالدها يعمل وسيطا عقاريا أى ما يسمونه (سمسارا), وهذه التسمية طالما أزعجتها فالناس يكرهون أن يدفعوا مستحقات السمسار رغم أنه هو الذى أتم البيعة أو الصفقة وبدونه كان لا شىء سوف يتم.. المهم أن ياسمين دخلت الجامعة واندمجت مع زملائها وزميلاتها فهى إنسانة هادئة ملامحها طفولية بريئة وهم أى أسرتها قوم بسطاء مستورين لا ينقصهم شىء, لكن فى الجامعة كل أشكال وأنواع الطبقات منهم الأغنياء الميسرين, والفقراء الذين يكتبون شهادة فقر للإعفاء من رسوم الجامعة, ومنهم متوسطى الحال مثل الأغلبية العظمى ومنهم ياسمين, ولاحظت ياسمين أن هناك طالبا من فئة الميسرين الذين يذهبون إلى الجامعة وهم يقودون سيارة ملاكى فارهة لاحظت أنه يوليها اهتماما خاصا ويداوم النظر إليها وهو شاب حسن السمعة خجول جدا ومحبوب من كل الزملاء والزميلات ومحترم ولا تنكسرأنها تساءلت لماذا يوليها اهتماما خاصا فهى ليست أجمل زميلة ولا أكثرهن رشاقة وأناقة, وفوجئت ذات يوم بمحمد يقرب منها ويقول لها:
- ياسمين.. أنا غرضى شريف ومش بتاع علاقات وتسالى عاوز أقعد معاكى نتكلم حتى ممكن فى الكافتيريا بالجامعة!
******************
وتستطرد ياسمين - صعقتنى كلمة غرضى شريف هذه كيف يكون ذلك؟ والده مستشار بالقضاء ذائع الصيت ووالدى سمسار إلى اليوم يرتدى جلبابا وفوقه عباءة وبيده السبحة, محمد يسكن فى مدينة أكتوبر وأهلى وأنا منهم نسكن فى حى البساتين المشهور بالمقابر, صحيح أن أبى ذلك الرجل البسيط استطاع أن ينفق على أولاده فى الجامعات فكان منهم الطبيب والمهندس وربة البيت الجامعية وهى أختى الكبيرة وأنا خريجة كلية التجارة, وصحيح أن بيتنا مستور ولا نحتاج لشىء ولكن أبى وسيط عقارى وأبيه مستشار.. المهم يا سيدتى ذهبت معه إلى الكافيتريا وجلسنا وقلت له بالفم المليان:
- كلنا بنحبك ونحترمك يا محمد وأنت إنسان طيب ومحترم لكن أرجوك ألا تفكر فى هذا الموضوع فأنت لا تعرف عنى أى شيئا!
******************
قال: أعرف عنك كل شيء يا ياسمين وأعرف أنك زميلة محترمة وشريفة وبنت بلد وجمالك يسعدنى ويفرحنى وأنت من أريدها!
قلت: أقر وأعترف بأننى أفكر فيك وأفضلك على أى إنسان فى الدنيا ولكن الموضوع صعب جدا وخلينا زملاء وأصدقاء بس يا محمد أحسن لنا !
******************
واستطردت ياسمين.. وعلمت بعد ذلك يا سيدتى أن أسرته لم توافق على ارتباطنا وأن والدته قالت إزاى يكون والد زوجة ابني رجل لابس جلابية وبيشغل سمسارا أنا أموت نفسى لو حصل ده! وعلمت أن محمد وهو أحد أبنائها الثلاثة وهو الأوسط فى إخوته وأن أخوه الكبير تزوج من ابنة مستشار زميل لوالده, وأن أخوه الذى يصغره قد خطب ابنة خاله ووالدها من أشهر أطباء مصر! وبالطبع لم يستطع محمد أن يتقدم لخطبتى وكانت قد مرت على معرفتى به أكثر من خمس سنوات, وقال لى كل الناس: إن الموقف صعب للغاية, وقالت أمى: إذا ظلت علاقتك بمحمد موجودة فلن تفلحى ولن تتزوجى فى تاريخ حياتك ووالدك مريض طريح الفراش منذ فترة وأنا مريضة أيضا, وكان قد تقدم لى محاميا شابا من جيراننا الذين هم فى نفس مستوانا الاجتماعى وهو شاب محترم لا يعبيه شيء وكما يقولون (مننا وعلينا) يعنى أهله يزورونا فى البيت ويعرفون طبيعة عمل أبى ويعرفون تفاصيل حياتنا وهم ناس مستورين مثلنا ولكنى يا سيدتى أقر وأعترف بأننى لم أحب سوى زميلى محمد أما إسلام المحامى العريس الجار فإننى لا أحبه ولا أكرهه عادى جداً.. ماذا أفعل؟
******************
فورا وبدون تردد ورغم اعتزازى وتقديرى للمشاعر وخاصة مشاعر الحب الحقيقى فإننى لا أنصحك بالزواج من زميلك محمد الثرى ابن المستشار وأنت ابنة الرجل البسيط الشريف الذى يعمل وسيطا عقاريا!
يا ياسمين الزواج شراكه بين أسرتين وكيف المستشار الذى يعتلى منصة القضاء أن يتفاهم مع السمسار ذي الجلابية والعباءة والسبحة رغم أنه رجل شريف وليس العمل الشريف عيبا ولا ينتقص من قدر أحد! تزوجى جارك إسلام المحامى على بركة الله قبل أن يفوتك قطار الزواج انتظارا لقبول أسرة محمد والله المستعان.
ساحة النقاش