بقلم : سمر الدسوقى
يحكى أن رجلا تزوج من امرأة جميلة كان يحسده عليها الكثيرون، وكان يربطهما قصة حب كانت محور الحديث، ومرت الأيام وهما يعيشان في سعادة وهناء حتى أصيبت القرية التي كانا يقطناها بوباء كان يحول كل وجه مشرق وجميل إلى وجه قبيح مصاب بمرض جلدي لا علاج له، وأصيبت الزوجة بالرعب وخافت أن يؤدى فقدانها لجمالها إلى خفوت الحب في قلب زوجها، ولكن شاء القدر أن يفقد الزوج بصره جراء حادث مفاجئ في نفس التوقيت الذي أصيبت فيه بهذا المرض فلم يعرف بفقدانها لجمالها، واستمرت قصة الحب بينهما دون أدنى تغيير لمدة ثلاثين عاما حتى توفيت الزوجة، وبعد انتهاء مراسم العزاء فوجئ الحضور بتحرك الزوج بمفرده ودون الحاجة إلى أي مساعدة، فإذا به يخبرهم أنه لم يفقد بصره ولكنه خاف على مشاعر زوجته التي أحبها أن تجرح بعد فقدانها لجمالها فأخبرها بهذا حتى تستمر قصة الحب التي جمعتهما!
لا أعرف لماذا تذكرت هذه القصة الأسطورية وأنا أتابع العديد من الجهود التي تبذل من خلال دورات تأهيل المقبلين على الزواج من الجنسين والتي تنظمها بعض الجهات الحكومية والأهلية على غرار المجلس القومي للمرأة وغيره من الجمعيات الأهلية لتعريف زوج وزوجة المستقبل بكيفية التغلب على صعوبات الحياة واستمرار حياتهما الزوجية دون أي عراقيل أو مشكلات قد تعوق تحقيق هذا، خاصة مع معدلات الطلاق التي ترتفع بين الحين والآخر، والتي وإن دلت على شيء فإنما تشير إلى وجود خلل ما في الاختيار من قبل الطرفين، بل وتسرع قد لا يكون مبررا من أجل الارتباط وبأي صورة دون دراسة وتفكير متأن، ففى رأيي وبالرغم مما قد تلعبه مثل هذه الدورات التأهليية من إعداد للزوج والزوجة على حد سواء فإن المسئولية الأكبر تقع على عاتقنا نحن منذ البداية، فالزواج ليس فقط بيتا وأسرة وأولاد وحياة تبنى سريعا على أسس غير متينة فما تلبث أن تهوى ودون أي مقدمات مخلفة الكثير من المتاعب والمشكلات لكل من الزوج والزوجة فالأبناء فيما بعد، بل هو بنيان لابد وأن يوضع له الأساس السليم منذ البداية من خلال اختيار يقوم على الحب والمودة والاحترام والرغبة في المشاركة ودعم كل طرف للآخر في حياته وعمله، فبهذا تستمر سفينة الحياة، ولكن وللأسف هذا لا يحدث في أحيانا كثيرة في الواقع سواء من قبل الرجل أو المرأة فكثيرا ما يعنينا التسرع وشراء فستان الزفاف وإقامة الفرح وتأسيس المنزل قبل اهتمامنا باختيار الطرف الآخر وبدقة، والأسوء هنا أيضا هو كم عواطف الاهتمام والحب والمشاركة التي قد يدعيها البعض قبل الزواج فقط من أجل إتمامه فإذا اتخذت هذه الخطوة غاب كل هذا في لمح البصر وحل محله الإهمال واللامبالاة وتفضيل الأصدقاء والزملاء على رفيق ورفيقة الحياة، وكأننا قد أنجزنا خطوة في حياتنا ولم نعد نهتم ببذل المزيد حتى تستمر وتستمر بنجاح، فالبعض منا لا يعي أن نجاح الحياة الزوجية كالعبور من عنق الزجاجة يحتاج إلى الكثير والكثير من الجهد والتعب لتحقيق هذا، سواء من قبل الزوج أو الزوجة، فالزوجة التي تهمل في العناية بمظهرها وأولادها وزوجها وكذلك التي لا تضع نجاح حياتها الأسرية في نفس مرتبة اهتمامها بنجاح حياتها العملية عليها ألا تلوم سوى نفسها إذا قوضت هذه الحياة، أما الزوج الذي يتعامل مع الزواج على أنه خطوة قد اتخذت فيهمل أسرته وزوجته وأولاده ويعود إلى سهرات الأصدقاء والعمل لساعات طويلة دون أدنى مبرر عليه أيضا ألا يلوم سوى نفسه، فلكي تمضي حياتنا العائلية وبنجاح علينا وأن نضحي وأن نكون بديلا للصديق والصديقة وزملاء العمل، علينا أن نتعلم كيف نحافظ على الحب الذي جمع بيننا منذ البداية وبنفس القوة حتى وإن اتخذ شكل مشاعر العشرة والتقدير، فلابد وأن يظل موجودا ويانعا، فبهذا نستطيع العبور بحياتنا الزوجية من عنق الزجاجة.
ساحة النقاش