كتبت : سماح موسى
على مدى عدة سنوات، واجه العالم العديد من الصعاب والكوارث والأزمات، ولم يكن الفن ببعيد عن قضايا مجتمعه؛ فهو المرآة الصادقة التي تعكس ما يحدث في المجتمع، خاصة في وقت أزماته، وفى المقدمة كانت السينما المصرية على عهدها في رصد وتوثيق تلك القضايا والظواهر .. هذا ما سنعرفه من خلال آراء العديد من الكتاب والنقاد، ولكن هل نجحت فى هذا؟
ابن النيل
في البداية يرى الناقد الفني رامي عبدالرازق: أن السينما المصرية لا تتعامل مع هذه النوعية من القضايا إلا قليلا سواء بالنسبة لرصد الأوبئة أو الأمراض و الفيضانات، فهذه المصاعب لم توظف بشكل واسع لأسباب عدة أولها، لأن طبيعة بيئة المجتمع المصري مستقرة، فنجد مثلا أن الفيضانات لم تتناول سوى من خلال فيلم )ابن النيل( بطولة شكري سرحان وفاتن حمامة.
غير ذلك يوجد تناول لحوادث القطارات أو طائرات، أما على مستوى الكوارث الطبيعية فالدراما مقلة في ذلك عدا زلازل 1992 فتعرضت له الدراما في مسلسلات عدة أهمها مسلسل )أرابيسك( بطولة صلاح السعدني وهدى سلطان ومسلسل )نيران صديقة( بطولة منة شلبي، ومسلسل )زلزال( تدور أحداث العمل حول رجل يشتري منزلا بأقساط محددة القيمة والمدة، حين يأتي موعد سداد القسط الأخير يطالب صاحب المنزل بتسجيل البيت باسمه إلا أن البائع يماطل إلى أن يقع زلزال 1992 الذي يلقي فيه الشاري حتفه وينهار المنزل، المسلسل بطولة محمد رمضان وحلا شيحا.
اليوم السادس
يؤكد عبدالرازق على أن الكوليرا أشهر وباء ظهر في الدراما التليفزيونية والسينما المصرية خاصة فترة الأربعينيات، فكان فيلم «اليوم السادس » بطولة داليدا ومحسن محيي الدين خير معبر عن هذه الكارثة الطبيعية، حيث رصد المخرج يوسف شاهين من خلال اليوم السادس رحلة هروب الأم بابنها في النيل للإفلات من الحكومة على أمل تعافيه من أعراض الكوليرا بعد 6 أيام من الحجز الذي فرضته على علاجه، حيث تحاول إخفاءه حتى لا يبلغ عنه أحد السلطات التي كانت تجمع مرضى الكوليرا في مخيمات.
الوتد
يضيف رامي: وفى رأيى أن التوجيه المعنوي والتحذير وظيفة البرامج الإعلامية الموجهة، وهو سياق بعيد عن السينما والدراما فقد يعكس الفن واقع موجود بالفعل في المجتمع بشرط أن يبعد عن الاستغلال الساذج للكوارث من خلال تقديم قصة حب مثلا انتهت بسبب إصابة أحد طرفي العلاقة بوباء أو مرض على سبيل المثال.
يتفق الناقد الكبير طارق الشناوي مع الرأي السابق ويضيف: بث روح المقاومة، والتكاتف المجتمعي أهم من عرض الأوبئة والتحذير من ظهورها، فقد عرضت العديد من الأعمال بعض الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية أهمها مسلسل «الوتد » بطولة هدى سلطان ويوسف شعبان، ففي إحدى حلقات العمل قامت «فاطمة تعلبة » التي تسيطر على كل قرارات العائلة بجمع أبنائها الرجال والنساء وأولادهم وحبسهم داخل المنزل بعد انتشار وباء الكوليرا بين أهالي القرية، قالت لهم «من هنا ورايح هناكل عيش ناشف وجبنة من الحاصل وبصل وكل حاجة تتغلي، كل واحد يقرشله فصين توم ويشربليمون »، ولم تفتح باب الدار إلا بعد أن انزاحت غمة الكوليرا.
أهو ده اللي صار
أيضا مسلسل «أهو دا اللي صار » بطولة روبي، بعدما بعدت نادرة )روبي( بطلة العمل عن حبيبها يوسف، ذهبت لقريتها لتتزوج بآخر، أنجبت منه ابنتين، حلت بعدها الكوليرا في البلدة الأمر الذي جعلها تأخذ حذرها من هذا المرض بكثرة غسل اليدين والاهتمام بنظافة الملابس وإغلاق الباب عليهن، ولهذا السبب نجت هي وابنتيها من الكوليرا، أيضا فيلم )عاصفة على الريف( الذى تدور أحداثه في إطار حرب ضد وباء الطاعون فيتصارع مفتش الصحة الدكتور أشرف مع كل رموز الدجل والشعوذة في القرية ولا يتراجع عن مواجهتهم إلى أن يتحقق له النصر بعد أن يخلص البلد من وباء الطاعون.
أفلام هوليوود
أما الكاتبة الكبيرة خيرية البشلاوي فتقول: سينما الكوارث تحتاج إلى قيمة إنتاجية عالية ومهارات جيدة تخلق الوهم والخيال وتعيد تجسيده بلغة السينما البصرية، هذه النوعية من الأعمال لم تنجح في مصر مثلما نجحت في الخارج، فهي إذا تم عرضها تعرض على مستوى حدث فردي مثل فيلم «أسماء » الذى يعد عمل درامي يتناول ضمن أحداثه فتاة فلاحة تدعي أسماء )هند صبري( تعاني من مرض الإيدز، تقرر عدم الاستسلام له فتخوض حرب عنيفة ضده سواء بالسعي لعلاج نفسها أو بث الأمل في قلوب كل المصابين بهذا المرض، وتدريجيا تتمكن من تحقيق الكثير من أهدافها.
الأيام
ويتفق الكاتب وليد يوسف مع الآراء السابقة ويضيف: نلاحظ أن الكتاب الذين رصدوا الموضوعات التى تتعلق بالكوارث كالأوبئة قليلون جدا لقلة حدوث الأوبئة في مجتمعنا المصري فهذا الأمر يأتي كل عدة سنوات. أخيرا تختلف الناقدة حنان شومان مع الآراء السابقة بقولها: لم تقترب السينما والدراما المصرية من تناول أعمال عن الكوارث الطبيعية مثلما تناولته الدراما والسينما العالمية التي تعرض تلك النوعية تحت اسم الخيال العلمي.
ساحة النقاش