كتبت : أماني ربيع
تعد أزمة الزيادة السكانية واحدة من أخطر الأزمات التي تواجهها البلاد، فهي خطر رئيسي على المشاريع القومية التي تهدف للنهوض بالاقتصاد، لذا تحاول الدولة دائما التصدي لها عبر حملات توعية ومبادرات صحية تستهدف نشر الوعي بالأزمة وكيف أن تقنين عدد المواليد ليس رفاهية وإنما ضرورة خاصة بعد أن سجلت الساعة السكانية 100 مليون نسمةليصبح معدل النمو السكاني بمصر من أعلى المعدلات بين دول العالم.
توقعت دراسة صادرة عن معهد التخطيط القومي وصول عدد السكان لأكثر من 114 مليون نسمة بحلول عام 2030 على أن تستمر هذه النسبة في الزيادة لتصل بحلول عام 2050 إلى 125.9 مليون نسمة، وبحسب الدراسة، فإن الفجوة بين المعرفة بوسائل تنظيم الأسرة والاستخدام الفعلى للوسائليعد ضمن التحديات التى تواجه سياسات الدولة للحد من الزيادة السكانية.
"2 كفاية"
في مطلع عام 2019 أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي حملة "اتنين كفاية"، بتكلفة وصلت إلى 100مليون جنيه،بهدفخفض معدل الإنجاب الحالي من 3.5 طفل إلى 2.4 بحلول عام 2030، فضلا عن تنظيم حملات طرق الأبواببالتعاون مع عدد منالجمعياتالأهلية.
وفى إطار مبادرة الرئيس "حياة كريمة" انطلقت حملة "حقك تنظمي" لإتاحة وتقديم خدمات ووسائل تنظيم الأسرة بالمدن والقرى على مستوى الجمهورية خاصةالمناطق النائية والمحرومة استهدفت تقديم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية والمشورة من خلال توقيع الكشف الطبي وصرف وسائل تنظيم الأسرة خاصة طويلة المفعول والأدوية بالمجان، بالإضافة إلى تقديم خدمات توعوية لرفع الوعي الصحي للشرائح العمرية والمجتمعية المختلفة للتوعية بأهمية تنظيم الأسرة ومردوده على صحة الأم والطفل بالتنسيق مع العديد من الشركاء.
تمكين حقيقي لمجلس السكان
يعلق د. عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان السابق، وأستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بقصر العينيعلى مشكلة الأزمة السكانية قائلا: وفق الإحصائيات الرسمية فإن مصر لديها فائضضخم من السكان يزيد على إمكانيات البلد في الوقت الحالي، كما تحرم هذه الزيادة المواطنين من التمتع بمستوى معيشة المجتمعات العصرية، ورغم أن الهدف من الإستراتيجية القومية للسكان والتنمية "2030 – 2015"وصول عدد السكان فى مصر فى 2020 إلى 94 مليون نسمةإلا أنه وصل إلى 100 مليون فى فبراير 2020 بواقع زيادة 6 ملايين نسمة عما كان مخطط له، وفي ظل التوقعات الحالية فإننا قد نصل إلى 119 مليون نسمة بحلول 2030، بزيادة 9 مليون نسمة عن الرقم الذي وضعته الإستراتيجية.
ويتابع: حل هذه المشكلة لابد أن يتم وفقاً لإطار مؤسسي يديره المجلس القومي للسكان من خلال رسم السياسات ووضع الخطط وتنظيم الأدوار ومتابعة التنفيذ، بالإضافة إلى مشاركة الوزارات المعنية في تنفيذ الخطط كفريق عمل واحد، لكن عدم فاعلية الإطار المؤسسي لإدارة البرنامج السكانى في مصر وضعف آليات المتابعة والتنسيق وتدني مشاركة القطاع الأهلى فى مجالات تنظيم الأسرة وعدم كفاية الميزانيات وتنفيذ إجراءات مناسبة للإعلام والتوعية بالإستراتيجية وأهدافهاجعل أي جهود مبذولة بلا نتيجة حقيقية، لذلك فإن المرحلة القادمة تتطلب تمكيناً حقيقياً للمجلس القومي للسكان وتوفير الصلاحيات والأدوات التي تمكنه من إدارة دفة البرنامج السكاني الذي نص عليه الدستور وتنسيق مجهودات تنظيم الأسرة والسكان والمتابعة بين الأجهزة الحكومية وغير الحكومية، وأرى أنه إذا تبنت القيادة السياسية هذه القضية الحساسة، سوف تشهد تطورا كبيرا ونتائج إيجابية.
التدخل الرئاسىضرورة
ينصح النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب بإعادة تفعيل إستراتيجية المجلس القومي للسكان تحت إشراف رئاسة الجمهورية، مؤكدا أن تدخل رئيس الجمهورية سيدفع الأجهزة التنفيذية إلى التعامل مع الأمر بجدية، ويقول: لا شك أن مبادرات تنظيم الأسرة وحدها غير كافية فنحن بحاجة لتضافر كل أجهزة الدولة ووزاراتها، بحيث تدرج وزارة التربية والتعليم التوعية بالمشكلة السكانية وأثرها السلبي على مستقبل المجتمع المصري ضمن مناهج التعليم المختلفة، بينما تفعل وزارة الشباب والرياضةأدوار النوادي ومراكز الشباب، وكذا المؤسسة الدينية والإعلامية، فضلا عن تنظيم برامج موجهة لهذا الغرض، وعلى وزارة التضامن توفير مرشدات منزليات يتكلمن مع النساء في البيوت، أما البرلمان فيجب سن تشريعات وقوانين وفرض غرامات على من يرتكب جرائم تخص الزيادة السكانية ومنها زواج القاصرات الذييعقد المشكلة, وعمالة الأطفال, والتسرب من التعليم، بالإضافة إلى تقديم حوافز إيجابية للأسر التي تلتزم بتنظيم الأسرة.
توعية الرجل والمرأة معا
يقول د. صلاح سلام، أستاذ النساء والتوليد والحقـن المجهـري:وسائل منع الحمل غير متوفرة بشكل كاف، كما أن 25: 35% من الوحدات الصحية دون طبيبما يجعلنا أمام عجز في الأطباء، كما أن المبادرات بحاجة إلى أن تشمل مناطق أكثر خاصة الريفيات في المناطق النائية حيث يعتبر الأهالي الأبناء ثروة قومية تدر عليهم دخلا في المستقبل،وبالطبع تختلف وسائل منع الحمل من امرأة لأخرى حسب الوزن والسن ومعاناتها أمراض مزمنة، وما إذا كانت تلد طبيعيا أم قيصريا، لكن الأهم من الوسيلة هو إقناع المرأة ذاتها باستخدامها وهذا يتطلب إقناع الرجل، فالمرأة ليست مسئولة وحدها عن الإنجاب وقد تكون مقتنعة وواعية لكن زوجها يدفعها للإنجاب، وبالنظر إلى عدد السكان الآن فإنه أشبه بغثاء السيل، أعداد غفيرة وخصائص سكانية متدنية لا تصلح لبناء دولة في طريقها إلى نهضة مستقبلية ودون التوعية الحقيقية لدى المستهدفين سنظل في دائرة مغلقة.
حوافز للملتزمين
يرى د. طلعت عبد القوي، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، ورئيس الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة:تلقى مبادراتتنظيم الأسرة نجاحا وقبولا واسعا لكنها بحاجة إلى دعم من الإعلام والمؤسسة الدينية، ويقول: لا شك أن تمكين المرأة اقتصاديا يجعلها أكثر قابلية لاتخاذ قرار بخفض معدل الإنجاب، وتقديم حوافز إيجابية للتشجيع على التنظيم، وتزويد القرى خاصة النائية والفقيرة بخدمات تنظيم الأسرة، وهناك خلل بين معدل النمو السكاني والنمو الاقتصادي ولابد من إحداث توازن بينهما، حيث لابد أن يكون النمو الاقتصادي ثلاثة أضعاف النمو السكاني، وفي ظل ما نعانيه ستزيد الفجوة الغذائية
ساحة النقاش