كتبت: شيماء أبو النصر
"لو غلبك بالمال اغلبيه بالعيال" أحد الموروثات القديمة التى سيطرت لعقود طويلة بعض العقليات المصرية، مما أدى إلى تهديد صحة المرأة فى سباق الإنجاب الذى تدخله مع صديقاتها ومن حولها لتكون النتيجة خسارة الصحة وإنهاك الجسد والعجز عن تلبية المتطلبات الصحية لأطفال قد يعانون من بعض الأمراض.
حواء تناقش تأثير الحمل والإنجاب المتكرر على صحة المرأة مع مجموعة من الخبراء والمختصين فى السطور التالية..
إيمان على، امرأة صعيدية فى الخامسة والثلاثين من عمرها لكن ما أن تراها العين تقدر عمرها بالخمسين، بدأت رحلة الزواج والإنجاب وهى فى السادسة عشر من عمرها لتكون النتيجة 6 أبناء أصغرهم عمره عام ونصف وما زال زوجها يطمع فى المزيد من الأبناء فهم عزوة على حد قوله لها.
وفى نفس الإطار المحكوم بالعادات والتقاليد المشجعة على الإنجاب المتكرر أنجبت بسمة حسن 5 بنات فى أقل 10سنوات طمعا فى الولد حتى زاد عمرها أكثر من 20 عاما فوق عمرها الحقيقى، ومع تهديد زوجها لها بالزواج من أخرى حملت وأخيرا أنجبت الولد, وعندما صارحت زوجها برغبتها فى التوقف عن الإنجاب ثار عليها فهو يرغب فى "مؤاخاة" الولد بولد آخر.
ولم تكتف فايزة.ح بأربع أبناء ولدين وبنتين, فطوال عمرها تحلم بأن تكون لديها "أورطة عيال" وألا تكف عن "أسكت يا واد اسكتى يا بنت" وهو ما دفعها للحمل مرة خامسة لترزق ببنت تشعر معها أن كفة ميزان أسرتها رجحت البنات فحملت للمرة السادسة لتكون بنتا أخرى رغم تحذيرات الأطباء لها بعدم الحمل مجددا لأن حياتها ستكون فى خطر حقيقى, حتى أن زوجها نفسه هددها بالانفصال إن فكرت فى الحمل مجددا, فقد تناست أن ابنتها الكبرى تمت خطبتها بينما تفكر الأم فى الإنجاب طوال الوقت.
الحمل الآمن
يعلق د. محمد حسن، أستاذ النساء والتوليد على المخاطر الصحية للحمل المتكرر قائلا: يكون الحمل الآمن بعد سن العشرين من العمر وليس قبل ذلك وحتى بداية الثلاثين حيث تكون المرأة فى فترة خصوبتها المرتفعة كما أن جسمها يمتلك جميع العناصر الغذائية التى يحتاجها الجنين فى فترات التكوين، إلأ أن تعدد مرات الإنجاب يؤثر بشكل سلبى على صحة المرأة ومنها تعرض جسمها للتعب نتيجة فقدانه العناصر الغذائية والفيتامينات الرئيسية ما يسبب نقص الكالسيوم والحديد في الجسم وإصابتها بفقر الدم والأنيميا، فضلا عن زيادة فرصة إصابة المرأة بأمراض الحمل والولادة مثل النزيف والولادة المبكرة وزيادة تعرضها للإجهاض وسكري الحمل وأمراض هبوط الرحم والتهابات عنقه.
مشكلات ومضاعفات
ويرى د. أسامة مصطفى، استشارى أمراض النساء والتوليد أن هناك ما يعرف بالحمل الخطر على صحة المرأة والذى يزداد مع تعدد مرات الحمل والإنجاب خاصة مع تقدم عمر الأم حيث تظهر خطورته على الأمهات الأكبر من 35 سنة، بالإضافة إلى التاريخ الطبي الذى قد يؤدي إلى إصابتها بإرتفاع ضغط الدم والسكر واضطرابات القلب ومشكلات التنفس واضطرابات تجلط الدم.
ويقول: وجود تاريخ جراحي سابق للحامل يزيد من احتمالية حدوث مخاطر أثناء الحمل مثل وضع المشيمة غير الطبيعي، وتباطؤ نمو الجنين، وتتضاعف حدة تلك المخاطر مع الحمل بأكثر من طفل والنساء اللاتي يحملن بتوأم ثنائي أو توائم متعددة، كما أن الولادات المتكررة تؤدي إلى عدة تغييرات فيسيولوجية تتجلى في هبوط المهبل وارتخاء عضلات الحوض، وتعد التغذية المتوازنة مهمة جدا بالنسبة إلى المرأة في حالة الولادات المتكررة، وينبغي أن يتخلل عامان بين كل ولادة وأخرى لاعتناء الأم بصحتها والترويح عن نفسها بممارسة الرياضة وتفادي المشاكل الصحية.
أمراض العظم والفقرات
يقول د. شيرين خليل، استشارى العظام: تعد الولادة المتكررة من الأسباب التي تؤثر على صحة المرأة حيث تحتاج الحامل إلى الانتباه لصحة عظامها أثناء شهور الحمل وبعد الولادة لما يمثله الحمل من عبء على العظام، فخلال فترة الحمل يمر الجسم بالكثير من التغييرات الهرمونية وزيادة نسبة السوائل في الجسم ما يؤثر على الأربطة وزيادة الوزن وتغير الجسم لاستيعاب حجم الجنين المتزايد ما يشكل ضغطا على المفاصل والعضلات والعمود الفقري والحوض، بالإضافة إلى سحب الجنين من مخزون الكالسيوم الموجود لدى الأم لبناء عظامه لهذه الأسباب على الحامل الانتباه لصحة عظامها ربما حتى من قبل حدوث الحمل وذلك بإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة.
ويتابع: تتعرض معظم السيدات الحوامل لآلام الظهر خاصة مع تكرار الحمل والولادة وتزداد حدة الألم في النصف الثاني من أشهر الحمل نظرا لنمو الجنين وتغير مركز ثقل الجسم ما يتطلب قوة أكبر من عضلات الظهر لمعادلتها وهذا يؤدي إلى ضغط كبير على الفقرات، كما أن زيادة الوزن التى تكتسبها الحامل فى كل مرة تتسبب فى زيادة معاناتها مع آلام الظهر حيث تكون الزيادة فى الوزن بمعدل ما بين 12 إلى 16 كيلوجرام ما يسبب ألما في أسفل الظهر، فضلا عن أن وزن الجنين والرحم يشكلا ضغطا على الأوعية الدموية والأعصاب في كل من الظهر والحوض.
نصائح عامة
لحفاظ المرأة على صحتها ينصح د. شرين بمراعاة التباعد بين فترات الحمل بحيث لا يزيد مرات حمل المرأة عن 3 مرات حتى تتمكن من استعادة صحتها وبناء جسمها، مع ضرورة الإكثار من تناول الأوراق الخضراء وشرب الحليب لتعويض الكالسيوم، وإذا حدث حمل في أقل من عامين من تاريخ الأول فإن الجنين سيأخذ حصته من جسمها سواء كانت قليلة أم كثيرة ما يجعل المرأة تفقد جزءا كبيرا من المواد المهمة لبناء جسمها ويعرضها للإنهاك وكذلك الجنين.
ويقول: يشكل الحمل المتوالي عبئا على صحة الأم خاصة حينما تكون مرضعة فإن كان المخزون بجسدها كافيا ومقبولا سيستهلكه الجنين، أما إن كان غير كاف فسيستهلك ما بجسمها، وإن كانت الأم تعاني نقص عناصر الحديد أو الكالسيوم، فإن احتمال أن يولد الطفل غير مكتمل الوزن عند الولادة يكون كبيرا أو يولد بمشكلات صحية ومرضية مثل نقص المناعة فى أفضل الحالات، أما إن منحت جسمها الفرصة لتستعيد حيويتها فستضع طفلا في صحة وحيوية.
ساحة النقاش