كتبت : إيمان الدربي
"التعلم عن بعد" أو كما يسميه البعض "أون لاين" أسلوب تعليم جديد فرضه فيروس كورونا المستجد الذى أجبر الحكومات المختلفة على اتخاذ عدد من التدابير الاحترازية فى مقدمتها تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات واستبدال الامتحانات بنظام البحث فى بعض المراحل التعليمية، لكن يبقى السؤال هليمكن تعميم التعلم عن بعد على المنظومة التعليمية فى مصر؟ وهل هذا الأسلوب الجديد يفتح جوانب أكثر إيجابية لتعليم الطلاب؟ وهل يمكن أن يستمر هذا النظام حتى بعد انتهاء الأزمة؟والأهم كيف تعامل الطلاب مع اختلاف مستوياتهم العلمية مع الدراسة "أون لاين"؟
البداية مع السيدة ميريهان يحيى، أم لطالب في الثانوية العامة والتي أصابها الذعر بمجرد علمها باستكمال ابنها دراسته عبر الانترنت بسبب عدم قدرته على استخدام التكنولوجيا، وتقول: حقيقة في البداية كنت متخوفة وابني جدا وتوقعت أنه لن يستطيع إكمال دراسته بهذه الطريقة لكن وجدت أنه بدأ فعلا بالاندماج وأصبح يفهم ويناقش مدرسيه عبر البرامج المختلفة، لذا أعتقد أن التعلم عبر الانترنتيمكن أن يكون أسلوبا جديدا للدراسة لدينا بجانب الدراسة بالفصول.
أما عن رأى الطلاب فتقول جنة خالد، طالبة بالمرحلة الثانوية:كنت متخوفة جدا من التعليم "أون لاين" حتى بعد توزيع "التابليت" والتدرب عليه في المدارس فقد كنت أجد صعوبة فى فهم الدروس واستيعاب كلام المدرسين وملاحقتهم، لكن مع الوقت استطعت التأقلم مع هذا النظام وأدركت أن هذه الطريقة لاتسمح بإخفاء أي مشكلة لدى الطالب لأن بها مشاركة فعالة حاضرة.
أما الطالب إسلام علي، بالمرحلة الإعدادية فله رأى مختلف ويقول: لم أستطع الاندماج أبدا مع الدراسة بهذا النظام فمازلت أعاني مشكلة في الفهم من المدرس، فأنا لا أستطيع استيعاب الدروس إلا من خلال الدراسة والاحتكاك المباشر بالإضافة لمشكلةإنقطاع الانترنت أحيانا وشوشرة الزملاء من خلال غرف الزووم، عموما لا أحبذ الدراسة عن بعد وحتى الآن لم أندمج مع المجموعة ولم أستطع الفهم كما يجب.
التعليم الذكى
وصف د. حسن شحاته،أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس، التعليم باستخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعى والتطبيقات بجميع أنواعها بالتعليم الذكي، ويقول: يعتمد التعلم عن بعد على استقلالية المتعلم لجمع المعلومات وتصنيفها والتعليق عليها وكتابة التقارير ووجود أكثر من رأي وحل للمشكلة، بالإضافة إلى التنوع والتعددية في الحلول للمسألةالواحدة عن طريق بنك المعرفة، وهنا نجد المتعلم أو الطالب يعتمد على التفكير لا الحفظ وإعمال العقل وإبداع الرأي واستخدام القدرات العقلية العليا وهذه سمة التعليم المتقدم.
ويتابع: لا شك أن التعلم "أون لاين" يلغي المدرس الخصوصي والكتاب الخارجي ويقضي على فكرة الحفظ والتلقين، ويعد التعليم عن بعد نقلة نوعية حيث يغير ذهنية المتعلم فيصبح هو محور العملية التعليمية وليس المعلم أو الكتاب الخارجي، كما لا يخفى على أحد ما تحملته الدولة من نفقات لتوفر أجهزة "التابلت" وشرائح الانترنت لتمكين الطلاب من متابعة دروسهم بشكل سهل وبسيط دون أن يتكلف ولى الأمر المزيد من النفقات، فضلا عن تدريب المعلمين على التعامل مع الطلاب عبر المنصات التعليمية والتطبيقات الحديثة.
تحديات المستقبل
"فلسفة التعليم الآن في مصر هي بناء شخصية مصرية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل" بهذه الكلمات بدأ د. رسمي عبد الملك،أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي حديثه ويقول: لا شك أن التعلم عن بعد تجربة حديثة اضطررنا لها بسبب انتشار فيروس كورونا وكان هناك قبلها تهيئة لمثل هذه البرامج عن طريق توزيع التابليت على الطلاب وتدريبهم عليه ووجود شبكة انترنت داخل المدارس وعمل دورات تدريبية للمدرسين والطلاب، ويبدو أن تجربة الدراسة "أون لاين" سيكتب لها النجاح لكن بشرط تقييم التجربة بشكل علمي من خلال المراكز البحثية التربوية كالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، مؤكدا قدرة هذا النظام فى القضاء على الدروس الخصوصي.
ويتابع: كما أن للتعليم عن بعد جوانب إيجابية عديدة منها مشاركة الأهالي مع الطلاب وخلق شراكة مجتمعية بين المدرسة والأسرة والمجتمع، ولم تعد مسئولية التعليم قاصرةعلى وزارة التربية والتعليم فقط لكنها باتت مسئوليةمجتمع كامل، وأرى أن الشراكة بين الأسرة والوزارة والمدرسة بأسلوب تعليمي جديد تجعل هناك فرصة لبناء شخصية طالب مبتكر يستطيع مواجهة التحديات المستقبلية.
أداة مساعدة
أما د.أشرف محرم،أستاذ السياسة التعليمية بجامعة عين شمس ومدير مركز اليونسكو الإقليمي لتعليم الكبار أسفيك فيقول: التعليم ليس هو التدريس فقط لكننا نربي ونعلم وندرب الطالب ونحرص على توعيته وتعليمه كيف يتعامل مع المهارات الحياتية، وفي مؤسسات التربية لايجوز استبدال الاحتكاك المباشر،لذا يظل التعليم "أون لاين"أدوات تساعد في تطوير المنظومة التعليمية.
ويضيف: أؤكد أن التعليم ليس تدريس فقط لكنه تربية وتدريس، فهناك التعليم القائم على الإبداع وآخر يعتمد على الحفظ، فهل ممكن أن نحل مسائل رياضية دون معرفة القواعد مثلا أو حتى الحساب دون حفظ جدول الضرب، لذا فإن المهارات الأساسية هي إتقان مهارات القراءة والكتابة والحساب، ليظل التعلم عبر الانترنت وسيلة اساسية تكتمل فى رأيي بالاحتكاك المباشر بين الطالب ومدرسيه من خلال الذهاب إلى المدرسة وقاعة المحاضرات، ولكنها يمكن أن تقوم بدورها بشكل منفرد.
ساحة النقاش