كتبت : سكينة السادات

يا بنت بلدى..حكيت لك طرفا من حكاية الدكتورة إيمان 27 سنة طبيبة نابهة عن عائلة طبية, فالأب طبيب عظام والأم طبيبة أمراض نساء وتوليد والأخ طبيب عظام مثل أبيه, وقد تخرجت إيمان فى كلية الطب وعملت طبيبة امتياز بقصر العينى وحكت لى أنه كانت فى حياتها فى أول التحاقها بكلية الطب قصة عاطفية انتهت بالفراق إذ كان الطرف الآخر زميلا لها بنفس السنة الدراسية وكان وحيد والديه لا يتحمل أية مسئولية, وكان يضيق ويسخر من نظام الدكتورة إيمان وأسرتها الطبية التى تتسم بالدقة والانضباط ومن ثم فلم تستمر العلاقة بينهما وانفصلا, وظلت الدكتورة إيمان بلا علاقات عاطفية حتى تخرجت وإذ كانت تركز جهودها فى دراستها حتى قابلت الدكتور أدهم وهو يكبرها بست سنوات وهو يعمل بأحد المستشفيات وبالصدفة علمت أنه من أسرة طبية مثلها, وباختصار شديد توافقا وتحابا وتقابل الوالدان الطبيبان واتفقا على إتمام الخطبة وعقد القران فى شهر فبراير وكان ذلك فى شهر نوفمبر العام الماضى, على أن يقيم الزواج بعد حصول الدكتور أدهم على شهادة الزمالة من لندن فى مدة أقصاها عام واحد يتم خلاله إعداد وفرش شقة الزوجية ثم كانت المفاجأة الأليمة التى دمرت العالم كله!

واستطردت الدكتورة إيمان.. نعم يا سيدتى.. كان كل شىء يتم حسب الاتفاق وكنت أنا وخطيبى أدهم نتكلم كل مساء عن طريق "الواتس آب" نتبادل الأخبار والرسائل حتى داهم وباء الكورونا العالم وظهرت إصابته البالغة فى إنجلترا حيث يدرس خطيبى الدكتور أدهم للزمالة وظهرت الإصابات فى مصر واجتمع بنا الرؤساء الكبار فى المستشفيات وخيرونا بين قبول العمل لمقاومة الوباء كعمل وطنى تجند له كل خريجى كليات الطب من كافة التخصصات أو البقاء بعيداً عن الوباء, وكما تعرفين نحن ندرس كل الأمراض فى الكلية ثم نتخصص, فالكل على دراية تامة بكل الإجراءات, وفعلاً قبلت بدون تردد أن ألتحق بالجيش الأبيض بل قبلت بالإقامة إلى جوار المرضى فى المستشفى حتى أكون معهم 24 ساعة يومياً, وفعلاً كنت أطمئن أبى وأمى عن حالى تليفونياً وفى نفس الوقت كنت خائفة عليهم من الإصابة بالمرض لأنهم تعدوا الخامسة والخمسين من العمر, وبالنسبة لكبار السن فإن فرص الإصابة بالفيروس تكون أكثر من الشباب, وزادت المأساة حدة فقد انقطع الطيران بين مصر وسائر بلاد العالم, زيادة على أن الدكتور أدهم كان ضمن فريق العمل الذى عهدوا إليه أيضاً بمقاومة الفيروس فى إنجلترا نظراً للإصابات الكثيرة التى سنيت بها المملكة المتحدة التى قاربت الخمسين ألفاً وهو رقم مفزع, وقامت الحكومة البريطانية بتكليف كل الأطباء من كل الجنسيات بالعمل فى مكافحة الوباء, وصرت عندما أهاتف خطيبى ولا يرد أصاب بالفزع والرعب وتراودنى الأفكار السوداء بأنه ربما يكون حتى أصيب بالفيروس وبالطبع أكتم توجساتى عن والده ووالدته فقد كانا أكثر قلقاً عليه, وعندما تحدثت معه ذات مرة عن ضرورة عودته إلى مصر فى هذه الظروف للمساعدة والعمل هنا قال إن الإنجليز وعدوه بأن يدخل امتحان الزمالة فور الانتهاء من مقاومة الفيروس, وقالوا له أيضاً إنه إذا سافر بأية طريقة إلى مصر فإن الشهور التى درسها بالفعل سوف تضيع عليه وأنه بعد ذلك لابد أن يبدأ من أول وجديد الأمر الذى سوف يكلفه مبالغ طائلة قد لا تستطيع أسرته أن تتحملها!

واستطردت الدكتورة إيمان.. أما بخصوص شقة الزوجية التى كنت قد بدأت العمل فى إعدادها فكل شىء توقف تماماً يا سيدتى, العمال لا يأتون بحجة أنهم جالسون فى بيوتهم بأمر الحكومة وأنا شخصياً لا أجد وقتاً لكى أباشر العمل كما كنت قبل الوباء, وحياتى كلها مركزة فى كتيبة العمل الطبى لمقاومة وباء الكورونا, وخطيبى لا يعرف حتى يعود إلى مصر ولا كيف ولا أعرف إذا كنت سأتزوج أم لا فحياتى مرتبكة وحالتى النفسية سيئة للغاية ولا يدرى بى سوى ربى سبحانه وتعالى!

شعب مصر يلهج بالثناء والشكر لأطباء مصر وممرضيها وممرضاتها فهم جبهة الدفاع الأولى فى مواجهة الكارثة والوباء, وقد صبرت كثيراً ولم يبق إلا القليل بإذن الله فصبراً جميلاً وسوف ينزاح الوباء والله سبحانه وتعالى يوفقك ويعيد إليك خطيبك بأمن وسلام بإذن الله تعالى.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 431 مشاهدة
نشرت فى 18 يونيو 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,581,877

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز