كتبت : سكينة السادات
يا بنت بلدى.. الحاج عبدالستار قريب لأسرتنا يعيش فى مدينة بنى سويف بصعيد مصر المعروف عنه أنه رجل طيب جداً وميسور الحال وكريم جداً ويمتلك عدة شركات تعمل فى مجال حلج القطن, وكما فهمت فإن حلج القطن يعنى تهيئته وتنقيته حتى يكون صالحاً لدخول مصانع النسيج لكى يصبح قماشاً قطنياً رائعاً لا تضاهيه ملابس قطنية أخرى فى العالم كله, وباختصار كان منزل الحاج عبدالستار المكون من ثلاثة طوابق تقيم بها أسرته وأسرة شقيقه الراحل الحاج حسن هو محطة أى فرد من أفراد الأسرة أو المعارف الذاهبين إلى وجه قبلى, وهناك يجد الكرم المتناهى والترحاب.. ولذلك دهشت عندما وجدته يهاتفنى فجأة ودون مناسبة!
**********************
هاتفنى الحاج عبدالستار ولم تكن هناك مناسبة أى لم يكن هناك عيد أو مناسبة, وفرحت بمكالمته فهو من الأقارب الأعزاء المشرفين للأسرة! قال بلهجته الصعيدية المحببة: كل سنة وأنت طيبة يا أستاذة وحشتينا جداً ولدى رجاء عندك وهو أن تقابلى ابن شقيقى حسن الله يرحمه واسمه عمر وهو طالب بالسنة الثالثة بكلية الإعلام ويلح على منذ فترة لكى أرجوك أن تقابليه, وأرجو أن تنفذى طلبه من أجل خاطري! وقبلت فوراً, وجاء عمر وحدثنى بكل ما فى داخله!
**********************
قال الابن عمر, 23 سنة, الطالب بكلية الإعلام قسم الصحافة: لعلك ظننت يا سيدتى بعد مكالمة عمى لك من بنى سويف أننى أرغب فى الالتحاق بالعمل فى دار الهلال مثلاً وهذه فعلاً هى إحدى أمنياتى خاصة مع حضرتك التى هى بمثابة عمتي وقدوتى فى الصحافة, وأنا فعلاً أتمنى ذلك, ولكن الواقع والحقيقة أننى أريد أن أفضفض معك وأحكى لك عما يدور فى عقلى وقلبي!
قلت له: طبعاً أنا مثل عمتك وأمك ووالدك رحمه الله كان بمثابة الأخ العزيز تكلم يا عمر وقل بصراحة تامة ماذا تريد, وماذا يقلقك وسوف أنصت إليك بكل اهتمام وسرور وترحاب؟
قال: تعرفين يا عمتى أننى يتيم الأب والأم, فقد توفى والدى وأنا فى العاشرة من عمرى, وكما تعرفين لى أخ واحد أكبر منى وأخت واحدة أكبر منى أيضاً, وبعد وفاة والدى بخمس سنوات توفت والدتى بذبحة صدرية مفاجئة وكنت أيامها ما زلت طالباً بالإعدادية, وتولى عمى عبدالستار رعاية الأسرة بالكامل, فنحن نعيش فى بيت واحد, وقد حررته حضرتك منذ سنوات عندما كنت تعملين تحقيقاً صحفياً حول مشاكل القطن طويل التيلة ومحالج القطن, وعمى متخصص فى هذا المضمار وكان والدى رحمة الله عليه شريكه فى العمل وأخى الكبير يعمل معه الآن, أما أنا فقد اخترت دراسة الإعلام لولعى بالقراءة والكتابة ولى محاولات فى القصة القصيرة والشعر, أما أختى فقد تزوجت وقام عمى عبدالستار بكل الالتزامات وزيادة, وكذلك عندما أراد أخى أن يتزوج من إحدى قريباتنا فتولى عمى عبدالستار كل الأمر ودفع كل المطلوب وبنى له شقة خاصة به فى البيت, فأصبح البيت يتكون من أربعة أدوار بدلاً من ثلاثة, وهناك شقة مقابلة لشقة أخى فى نفس الدور الجديد قال عمى إنها خاصة بى بعد زواجى, وللآن لم أدخل فى الموضوع الذى أتيت إليك بشأنه!
قلت له: يا عمر على مهلك وقل كل ما تريد وبصراحة تامة!
قال بصراحة تامة يا عمتى أنا وأخى وأختى لا تعرف كيف نكافئ عمنا عبدالستار صاحب الفضل علينا والذى يدير العمل ويضع نصف الأرباح بالتمام والكمال فى حساباتنا ويقول إن أبى كان شريكه وهذا حقه, هذا خارج راتب أخى الذى تخرج فى كلية التجارة ويعمل مع عمى فى المحلج, وخارج جهاز أختى ومشوارها, وخارج مصاريف الجامعة التى ينفقها والشقة التى استأجرتها فى القاهرة! الموضوع أن عمى عبدالستار له ابنة فى السابعة عشرة من عمرها تدرس الآن بالمدارس الثانوية ببنى سويف, وهى جميلة ومحترمة والكل يقول من زمان أن آية ابنته هذه موعودة لعمر وعمر موعود لآية, ومن هنا لا يتقدم أحد لخطبتها رغم أن البنت التى فى موقع آية من حيث الأسرة الموسرة والسمعة الطيبة وفرحة كل هذا أنها جميلة ومحترمة ومتفوقة فى دراستها, ومصيبتى يا سيدتى التى لا أستطيع أن أحكيها لأحد إلا أنت بصفتك أمى وعمتى أننى أحببت وارتبطت إحدى زميلاتى بكلية الإعلام, وقبل ذلك لم أكن أشعر نحو آية إلا بأنها مثل أختى زينة تماماً, وقد حدث أخيراً مفاجأة من العيار الثقيل أرقتنى فلم أجد حلاً سوى أن ألجأ إليك, الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.
ساحة النقاش