كتبت : ابتسام أشرف
"مصائب قوم عند قوم فوائد" انطبق هذا المثل على المقاهى والرجال الذين أجبرتهم مخاطر كورونا على المكوث بالمنازل طوال ساعات الحظر التى كانوا يقضونها على المقاهى والتى كانت فرصة لعودة الحميمية للأسرة، ورغم مضاعفة الحكومة لنسبة إشغال المقاهي من 25% إلى50٪ إلا أن بعضها ما زالت تفقد للكثيرين من روادها، فهل بات الحجر المنزلى اختياريا بعد أن كان إجباريا؟
فى الأشهر الأخيرة أتاح المكوث الإجبارى الذى فرضه كورونا على الشعوب عامة والمصريين خاصة فرصة التقرب لأفراد الأسرة واستعادة صلات أضعفتها ظروف الحياة, وطول ساعات العمل والتى تعد إحدى إيجابيات الأزمة، وعن ذلك تقول أميمة محمد ٤٣سنة:أحببت فترة الحظر رغم المخاوف الكثيرة التى كانت تروادنى حول إصابة أحد أفراد أسرتى بالفيروس، ورغم كثرة سلبيات تلك الفترة إلا أنها كانت فترة احتضان للأسرة,فزوجي وأبنائي الذكور تعرفوا على بعضهم من جديدبعد أن كانوا طوال الوقت مرتبطين بالعمل والمقهىأصبحالبيت مكان تجمعهم، حتى بعد انتهاء الحظر لاحظت أنهم تعودوا على النقاش سويا وأن يكون هناك جلسة تجمعهم يوميا.
أما أمير منير,مدرس فيرجع قلة تردد الرجال على المقاهي رغمفرضالكثيرمن القرارات الوقائية إلىالظروف الاقتصادية التي مر بها العالم أجمع خلال الفترة الماضية والتى أجبرت وبشكل خاص رب الأسرة على أن يقتصد ويعلم أن بيته أولى بأمواله، ويقول ضاحكا:في الفترة الماضية اكتشفت أن زوجتي تعد فنجانامن القهوة أفضل بكثير مما أتناوله على المقهى، بالإضافة إلى أننا أعدنا اكتشاف بعضنا البعض من جديد واستعدنا قوة علاقتنا.
ويقول نور سامي،مهندس: اكتشفت المنزل من جديد وكأنني كنت مغيبا في كوكب آخر،بناتي وزوجتي أصبحوا على مقربة مني حتى أننا أصبحنا أصدقاء نلعب مع بعضنا على الإنترنت وكذا الألعاب الورقية وكأن تلك الفترة فرصةللم شمل الأسرة، وجدت متعا كانت غائبة عني كنت فقط أرىالخلافات والأجواء المشحونة بالواجبات الدراسية والتمارين الرياضية، لكن خلال الفترة الماضية شعرت بالدفء الأسرى عن حق.
مخاوف من الإصابة
أما محمد أحمد,٥١ سنة, محاسب فيرجع تناقص أعداد المترددين على المقاهى إلى استمرار تواجد الفيروس وانتشاره الذى يصاحبه المخاوف من الإصابة به، ويقول: لا شك أن من إيجابيات فيروس كورونا لمة العائلة ومراجعة الحسابات مرة أخرى في مسألة صلة الرحموهو ما لمسته بنفسى فى علاقاتى بأقاربى وكذا كثير من زملائى وأصدقائى الذين أكدوا لى أن فترة الحظر كانت فرصة عظيمة لاستعادة العلاقات التى أضعفتها تسارع وتيرة الحياة.
وتقولأميرة القاضي, ٦٥ سنة, ربة منزل: لدي أربعة أبناء جميعهم متزوجين،ورغم أنهم كانوا يقضون معظم أوقاتهم ما بين العمل والجلوس على المقاهى أو الخروج مع الأصدقاء إلا أن فترة الحظر نجحت فى إعادة ترتيب أولوياتهم وأصبح المنزلأهم من التجمع مع الأصدقاء لكل منهم،كما أن الخوف من انتشار الفيروس أشعرنى كثيرا بمدى حبهم لي وخوفهم علي،وبعد انتهاء الحظر لم تعد المقاهى ملاذهم الوحيد بل أصبح لديهم يوم نتجمع فيه سويا في مكان مفتوح مع أخذ جميع الاحتياطات ومسافات التباعد الاجتماعي, وأصبحوا يشاركون زوجاتهم أكثر في الأعمال المنزلية, فقد رأوا مدى تعبهنأثناء الأيام التي جلسون بها في المنزل.
تقوية العلاقات الأسرية
توجه د. هالة يسري،أستاذ علم الاجتماعرسالة لرب الأسرة قائلة: عشت مع أسرتك فترة لم تتح لك من قبل بسبب العمل وضغوط الحياة اكتشفت خلالها أفراد أسرتك وهواياتهم وابتعت عن المقاهى وصحبتها واستعدت الدفء الأسري والمشاركة المنزلية، فلتكن قدوة حسنة لأبنائك ونموذجا يحتذى به وتأكد أن إصدار الأوامر ليس الأسلوب الصحيح لتوجهأبنائك فالنصيحة والحوار المشترك الطريق الأقصر لقلوب أبنائك.
أما حنان رشدي جندي، استشاري العلاقات الأسرية والصحة النفسية فتقول: أظهرت الفترة الأخيرة للرجال مدى المعاناة التى تتحملها النساء، حيث مكنهم المكوث في المنزل مراقبة ما تقوم به من مهام منزلية والدوامة التى تعيشها منذ الصباح وحتى المساء، فضلا عن التقرب إلى الأبناء والتعرف على مشكلاتهم وتطلعاتهم وأحلامهم المستقبلية والتى كانت قاصرة على الأم باعتبارها المتواجدة الدائمة بالمنزل.
وتقول بسمة سليم،استشاري التنمية البشرية:أعادت فترة الحظر إلى الأسر المصرية العلاقات الحميمية سواء بين الزوجين أو الآباء والأبناء, حيث عادت الألعاب الجماعية التى كانت تجمع بين أفراد الأسرة فضلا عن التشارك فى الأعمال المنزلية سواء من قبل الزوج والأبناء وهو ما أظهر مدى التعب الذى تتحمله الأم، لذا أتمنى أن تكون تلك الفترة نجحت فى تغيير نظرة الرجال إلى مهام المرأة والذى بدأ بشائره بقلة رواد المقاهى ما يدل على تفضيل الكثير من الرجال الجلوس بالمنزل والاستمتاع بالأجواء الأسرية على المقاهى التى قد تكون سببا فى إصابتهم بالفيروس الذى يهدد حياة أفراد الأسرة.
ساحة النقاش