كتبت : أماني ربيع
بمجرد بزوغ فجرأول أيام الصيف تهرب الكثير من الأسر من حر القاهرة ومختلف المحافظات إلى المدن الساحلية للاستمتاع بالبحر ومياهه ونسائمه المنعشة، لكن مع المخاوف التى مازالت تهدد البعض من جراء فيروس كورونا، قرر الكثيرون عدم الذهاب إلى المصايف، لكن هل كان كورونا السبب الأوحد وراء عزوفهم عن عادتهم الصيفية أم هناك أسباب أخرى؟ وكيف استمتعوا بالصيف دون الذهاب للمصيف؟
فى البداية يقول علي عبد الله، مترجم: أعمل فى مجال الترجمة إلى الإنجليزية والفرنسية, وخلال فترة كورونا لم يكن هناك استقرار في سوق العمل، وأحيانا كنت أظل دون عمل لفترة طويلة ما اضطرني للإنفاق من مدخراتي، وهذا جعل بالطبع فكرة الذهاب إلى دهب أو شرم كما كنت أفعل كل عام مع أصدقائي أمرا صعبا جدا، كان هذا حال معظم أصحابي عموما، لكننا تحايلنا على ذلك عبر اختيار شقة أحد الأصدقاء الذي لديه شاشة تلفزيون ضخمة، ومع عودة دوريات الكرة العالمية صرنا نعتبر شقته أشبه بـ"كافيه" أو مطعم نجتمع فيها ونتشارك ثمن الطعام والمشروبات ونجلس معا للاستمتاع بالمباريات وممارسة "البلاي ستيشن".
كانت فكرة ولاء محمود، ربة منزل عملية بصورة كبيرة وعن تجربتها تقول: حاولت طوال فترة الحظر استغلال وقت الفراغ بتعلم الديكوباج عبر الإنترنت، ونظرا لظروف زوجى المادية الذى اضطر لأخذ إجازة 3 شهور دون راتب قررنا إلغاء المصيف، كما اشتركنا سويا فى تغيير ديكور المنزل واشترينا كثيرا من الزرع والورود للبلكونة، وباستخدام الورق المقوى والفوم شكلنا ورودا ومجسمات مبهجة لديكور غرف الأولاد.
وتقول علياء مهدي، 32 سنة: وتوقفت تماما عن العمل خلال فترة الحظر لأن الأماكن التي أعمل لها أغلقت، فلم يعد المصيف أمرا ممكنا، لذا قررت إحداث تغيير جذرى على البلكونة التى أصبحت بمثابة نزهتنا اليومية، حيث اشتريت سجادة تشبه النجيلة الخضراء، ووضعت الورود وفروع النور مع منضدة غرفة الصالون في البلكونة, ويوميا نتناول وجبات الطعام في الهواء الطلق مع تشغيل الأغاني, ولأنه كان من الصعب الذهاب إلى النادي ونزول أبنائى إلى حمام السباحة اشتريت طبقا بلاستيكيا كبيرا, ومن وقت لآخر أملأه لهم بالماء وأضعه في الصالة بعد أن أفرغها من الأثاث وأتركهم للعب بالماء.
أما مصطفى إبراهيم، طالب بكلية الألسن يقول: بعد فترة الحظر الطويلة كان مجرد الخروج من المنزل بالنسبة لي ولأصدقائي والجلوس معا خاصة بعد فتح المقاهي والكافيهات جيدا جدا حيث نلعب الطاولة أحيانا أو نشاهد المباريات، ونتحدث عن أحوالنا، برغم كل شيء كان كورونا إيجابيا في أمر واحد هو أنه جعلنا نشعر بالامتنان لأقل الأشياء.
إسكندرية الساحرة
إغلاق شواطئ الإسكندرية لم يكن عائقا أمام هايدي عبد المنعم، طالبة بكلية الآداب وصديقاتها من الاستمتاع بأجواء عروس البحر المتوسط الساحرة، وتقول: سافرت مع بعض صديقاتى إلى الإسكندرية حيث استقللنا القطار في السابعة صباحا وذهبنا للفطار أمام البحر عند قلعة قايتباي, ربما لم نلمس البحر لكن استمتعنا بمنظره الساحر وقمنا بعمل فيديوهات نغني فيها أمامه، ثم ركبنا الأوتوبيس السياحى، وتناولنا الغداء في مطعم أسماك شهير وبعدها المثلجات والهريسة، وعدنا بنهاية اليوم.
وتقول ليلى منصور، 35 سنة: ربما أصبحت فكرة المصيف صعبة بظروف معظمنا المادية التي تأثرت بفعل كورونا، لكن مجرد الخروج بعد الحظر كان كافيا لنا، لذا ذهبت مع زوجي والأولاد في جولة بشارع المعز والتقتنا الصور التذكارية، ومن وقت لآخر نذهب لتناول الطعام في أحد المطاعم التي يحبونها أو نتجول في المحال التجارية.
وفى محاولة من السيدة هناء عبد ربه، ربة منزل لإدخال السرور على زوجها الذى أحيل للمعاش حيث نظمت وشقيقتها وشقيق زوجها رحلة جماعية إلى بورسعيد لمدة يوم واحد الأمر الذى ساعده وزوجها كثيرا فى التخلص من المشاعر السلبية التى كادت تؤثر على حياتهما.
التجمع الأسرى
يقول د. أمجد مصيلحي، أستاذ علم الاجتماع: رغم صعوبة تجربة كورونا إلا أنه كان لها بعض الإيجابيات المهمة، فأوقات الحظر زادت كثيرا من الترابط الأسري خاصة مع جلوس جميع أفراد الأسرة في المنزل لفترات طويلة معا، وجعل كل الظروف معلنة أمام الجميع، فإن كانت هناك متاعب مادية الكل يعيشها معا، وكثير من الأولاد أصبحوا مقدرين بشكل كبير لجهود آبائهم، كذلك ساعدت فترة الحظر على نشر فكرة الرضا، فمن لم يصبهم الفيروس أصبحوا قانعين بنعمة الصحة والعافية، وكذلك بعد رفع الحظر، أصبحت أقل خروجة ممتعة لأنهم حرموا منها، فنزهة في كافيه أو مطعم أو حتى التمشية في الشارع على الكورنيش أصبحت أمرا ممتعا، والمصريون بطبيعتهم يجيدون التكيف مع الظروف، وأعتقد أن على أي أسرة أن تشرك أبناءها في كل شيء في حياتهم فيصبحوا مدركين للظروف عبر حديث هادئ حول الإمكانيات التي تمنعهم عن الذهاب إلى المصيف كما اعتادوا سنويا، الأولاد حتى لو شعروا بالحزن فسيكون لفترة قصيرة لأنهم شعروا بالمسئولية أيضا وبالسعادة لأن الأهل وضعوا فيهم الثقة وحكوا لهم وشاركوهم.
بدائل اقتصادية
يقدم حسام عيد، الخبير الاقتصادى بعض البدائل التى تساعد فى الاستمتاع بأجواء الصيف بعيدا عن تحميل الأسر ميزانية إضافية قائلا: هناك الكثير من البدائل التي يمكن بها الاستمتاع كفكرة المصيف اليوم الواحد التي غابت عن معظم البيوت المصرية، والتى يمكن خلالها توزيع الميزانية على عدد أكبر من الأفراد لتقل التكلفة، أو الذهاب للفسحة في الأماكن المفتوحة مثل النوادي حتى لو لم يوجد حمام سباحة، أو التمشية في الشارع أمام كورنيش النيل وغيرها من البدائل المتاحة التي لا ترهق الميزانية وفي نفس الوقت لا تمنع المتعة.
ساحة النقاش