كتب : جلال الغندور
في كل عام مع دقة آخر ساعة في شهر أغسطس تنسدل الستار على المصايف ويعود جميع المصيفين إلى مدنهم ومحافظاتهم، لكن عام 2020 حالة خاصة فالمصايف مازالت مستمرة بل ستمتد إلى النصف الأول من أكتوبر، نتيجة لجائحة كورونا والتى أدت إلى فترة حظر طويلة ما أدى إلي طول فترة المصيف بعد انتهائها.
2020 ليست مختلفة فقط في ميعاد المصايف، لكنها شهدت أيضا دخول أماكن جديدة كمصايف منها الجديد بالكلية وبعضها كنا نعتبرها مشاتي لكنها تحولت هذا العام لمصايف والبعض الآخر كان موجودا لكن الأضواء اختفت عنها..
لسنوات طويلة تعامل المصريين مع شواطئ البحر الأحمر كالغردقة ومرسى علم ومدن جنوب سيناء باعتبارها مشاتي لكن في السنوات الأخيرة خاصة عام 2020 اختلف هذا المفهوم، فأحمد السيد هذا الصيف ذهب مع أسرته لمدينة مرسى علم وعنها يقول: انبهرت بتلك المدينة التي تستحق عن جدارة لقب ملديف مصر، شواطئ مختلفة تماما عن كل ما اعتدناه، محميات طبيعية منتشرة في كل مكان كمحمية "إمبارك" ومسكن السلاحف والدوجنج أو عروس البحر، بالإضافة للهدوء والاستجمام.
أما حمادة أنور فكان مقصده في هذا الصيف شبه جزيرة سيناء وبالتحديد مدينة طابا، ويؤكد أنها جوهرة كل باحث عن الطبيعة والاستجمام والحياة بشكل مختلف خاصة شاطئ الدلافين وسهل حشيش.
وعلى بعد نصف الساعة من مدينة نويبع كانت رأس شيطان مكان تصييف رشا نديم وأسرتها والتي تقول عن المكان: منحت الطبيعة رأس شيطان كل ما يمكن تخيله، شاطئ رملي وجبال رائعة، أودية وسهول وكهوف وشعاب مرجانية وأسماك ملونة وغريبة كالإخطبوط والأسماك القمرية، بالإضافة إلى مياه خليج العقبة الهادئة كالبساط والشفافة كالزجاج.
الحنين للماضي
تقول أماني محمد: كانت مدينة رأس البر المصيف الأهم في مصر، وكان الفنانين والمشاهير يلجأون إليها طوال شهور الصيف هربا من حر القاهرة فكنا نسمع في بعض الأفلام العربية القديمة عن مسابقة ملكة جمال رأس البر أو في مقدمة حفلة لأم كلثوم عن أنها مذاعة من هناك، وأنا تربيت منذ طفولتي على الذهاب إليها والاستمتاع بالمكان الفريد فيها وهو "اللسان" المكان الذي تلتقي فيه مياه النيل العذبة مع البحر الأبيض المتوسط.
وتستكمل أماني: مرت سنوات طويلة ونحن نتردد على رأس البر لكن مع الوقت بدأت تفقد رونقها وانقطعنا عن زيارتها، لكن هذا العام جئت مع زوجي وأولادي إليها ففوجئت بالتطور الكبير الذي حدث لها خلال السنتين الماضيتين، فنادق على مستوى عالمي، وتخطيط جديد لكامل المدينة، وامتدادات واسعة للعمران.
وتتفق معها في الرأى إسراء حسن لكن مع الاختلاف في بعض التفاصيل فتقول: لم أنقطع سنة عن زيارة رأس البر فأنا من محافظة دمياط وكنت شاهدة على خفوت نجم المدينة ثم حضرت التطور الرهيب الذي حدث فيها ولاحظت أن الفئات الاجتماعية للمصيفين اختلفت كثيرا بعد الإنشاءات الكبيرة التي حدثت للمدينة، ولكن الذي لم يختلف في رأس البر طوال السنوات هو أنك تستطيع شراء أجمل الأسماك والجمبري وبأقل من نصف سعرها في أي مدينة أخرى في مصر، لأن قرية عزبة البرج المطلة على رأس البر تمتلك أكثر من 50% من مراكب الصيد في مصر كما أن 70% من أهل القرية يعملون بالصيد.
على نفس نسق الحنين للماضي اختارت أمنية محمد مدينة فايد للتصييف هذا العام قائلة: فايد من أجمل مدن مصر حيث تمتلك شواطئ عديدة لأنها تطل على البحيرات التي تربط طرفي قناة السويس، وأعتقد أنها المكان الوحيد في العالم الذي تلتقي الأشجار والمساحات الخضراء مع الشواطئ الرملية، إلا أننا كمصريين نظلم تلك المدينة.
روعة الجديد
مدينة العلمين الجديد هي أجدد المدن المصرية والمصايف التي لجأ إليها العديد من المصريين هذا العام ومنهم سميرة عاطف والتي تقول: مع دخولي العلمين الجديدة أحسست أني انتقلت بالزمن إلى عام 2100، مدينة من طراز لم نتخيل أنه موجود، ورغم أنها كانت حلم إلا أن الإنجاز الموجود على أرض الواقع يشعرك أن القائمين عليها كانوا أشبه بخلية النحل وفي سباق مع الزمن، والآن نشاهد ناطحات سحاب مطلة على البحر الأبيض وفنادق يندر وجودها في العالم كفندق الماسة الموجود هناك، طوال الأسبوع الذي قضيته هناك لم أتوقف لحظة عن الانبهار بحجم الجمال هناك.
مصائف متعددة
يقول جمال شكري، الخبير السياحي: أماكن المصايف في مصر لا يمكن حصرها، فشواطئ مصر الممتدة على البحرين الأبيض والأحمر وخليجي السويس والعقبة كلها تصلح كمصايف، وقد اكتسبت بعض الأماكن والمدن شعبية بسبب تردد اسمها بكثرة في الأفلام ووسائل الإعلام، لكن هناك مدن كثيرة مظلومة رغم جمالها الساحر، فالمصايف أكبر بكثير من العدد القليل من القرى السياحية المعروفة في الساحل الشمالي ومدينتي الإسكندرية وشرم الشيخ، فنحن نمتلك طابا ونويبع والجونة ومرسى علم ودهب على البحر الأحمر، ورأس البر وجمصة ومطروح وبلطيم على البحر الأبيض، كل هذه المدن هي على سبيل المثال لا الحصر.
ويرجع الخبير السياحي سبب دخول أماكن جديدة كمصايف هذا العام لأزمة الكورونا ومنع الطيران بين الدول ما دفع بعض شركات السياحة التي كانت تكتفي بالسياحة الخارجية إلى ممارسة أنشطتها على المستوى المحلى، فبدأت في تنظيم رحلات للمدن الساحلية المختلفة.
ويقول أمين عبد السلام، الخبير الاقتصادي: التنوع في أماكن المصايف في مصر جعلها صالحة لتصييف كافة فئات الشعب المصري، فيمكنك إنفاق الألوف للتصييف، ويمكنك أيضا الحصول على مصيف بجنيهات معدودة، ضاربا مثلا بأغلب مدن شبه جزيرة سيناء كدهب ورأس شيطان اللتين يمكن أن تصيف فيهما بميزانية محدودة جدا، بالإضافة طبعا لمصيف جمصة المطل على البحر الأبيض.
ساحة النقاش