كتبت : سماح موسى

رغم النجاحات التي يحققها الوالدان في عملهما لتوفير حياة كريمة لأبنائهم إلا أن البعض قد تشغله أمور الحياة عن دوره الأساسي في غرس القيم التي نشأ عليها أجيال كثيرة كالانتماء واحترام الآخر والأمانة وتحمل المسئولية والصدق ليتحول أصدقاء السوء ووسائل التواصل الاجتماعي لمصدر يستقى منه بعض الأبناء قيمهم وأخلاقهم، فكيف يمكن العودة إلى القيم الصحيحة وما الأساليب التربوية التي يجب على الآباء اتباعها لمواجهة ما يتعرضون له من عوامل خارجية تفسد تربية أبنائهم؟

تساؤلات عديدة تدور بأذهان الآباء حاولنا تقديم إجابة لها من خلال مجموعة من المختصين فى جولتنا التالية..

في البداية يقول عبدالرازق محمود، أب لولد وحيد: منذ أن رزقت بابني تعهدت أن أربيه تربية صالحة قائمة على قيم ثابتة أهمها حب الآخر والأمانة، والحمد لله وجدت فيه ابنا صالحا يراعى الله في كل صغيرة وكبيرة، لكن في فترة المراهقة طرأت عليه تغييرات سلوكية إلا أن قربي منه سهل عليه تخطي هذه المرحلة الصعبة.

أما ثريا محمود، أم لولدين فتقول: حرصت على غرس قيم التراحم وجبر الخواطر في نفوس ابناي منذ الصغر، فتعمدت أن أعطيهم نقودا شهريا كي يتصدقا بها وكانا يختاران المناطق الأكثر فقرا لإعطاء أهلها النقود وهو ما حصدت ثماره بعد بلوغهما وتخرجهما فى الجامعة والتحاقهما بالعمل، حيث داوما على تلك العادة بشكل أوسع من راتبهما الخاص.

ويقول محمد عبدالنبي، أب لثلاثة أبناء: علمت أبنائي على قيم تربيت عليها أهمها الحب والرحمة والعطف على الصغير واحترام الكبير إلا أنهم في مرحلة المراهقة واختلاطهم بأصدقاء كثر أفسدوا أخلاقهم بسبب انشغالى وزوجتي بتوفير متطلباتهم التي لا تنتهى حتى تعاطوا المخدرات وأصبحوا يتكلمون بألفاظ خارجة، فقررت أن أتقرب منهم وأضاعف من ساعات تواجدي معهم حتى تمكنت من تعديل سلوكهم تدريجيا للأفضل.

القيم .. موجهات السلوك بعد سرد حكايات بعض الأسر عن القيم التي يربون أبنائهم عليها، توجهنا إلى خبراء النفس والاجتماع والتنمية البشرية كي نتعرف على القيم التي يجب أن نربي أبنائنا عليها، وكيف يمكن تعديل سلوكياتهم الخاطئة.

يقول د. جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة عين شمس واستشاري العلاج النفسي بوزارة الصحة: تعد القيم من أهم موجهات السلوك وتحديد نمط الشخصية، فإذا كانت سليمة أدت إلى خلق شخص سوى يتمتع بصحة نفسية، وتشمل هذه القيم التوافق النفسي والاجتماعي والتعامل الإيجابي مع الآخرين، أما عملية التنشئة الاجتماعية فليست مقتصرة على الأسرة بل تتقاسمها مؤسسات عدة كدور الحضانة والمدرسة والجامعة وجماعة الرفاق ووسائل الإعلام ودور العبادة ومواقع التواصل الاجتماعى لكن للأسف في الآونة الأخيرة بدأ دور الأسرة يتلاشى نتيجة عوامل كثيرة منها الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع متطلبات المعيشة الذي كان سببا في سعي الآباء بدأب لزيادة الدخل حتى يتمكنوا من توفير متطلبات أبنائهم.

ويتابع: من بين المؤثرات السلبية الرفاق ،» الصاحب ساحب « وهو ما يؤكد صحة مقولة لذا أدعو إلى تفعيل دور المؤسسات الدينية ووسائل الإعلام بصورة أكبر للتأكيد على القيم والعادات والتقاليد وتقديم نماذج إيجابية تكون قدوة حسنة ومثالا يحتذى به الشباب، مع ضرورة الانتباه إلى ما يسمى بالمخدرات الإلكترونية وأقصد بها التعرض لبعض وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها من الوسائل التى قد يتعلم منها أولادنا بعض القيم السلبية، وأؤكد على أن من أهم القيم التي يجب غرسها في نفوس أولادنا الحب والمشاركة والتعاون والأمانة والصدق والرحمة وأخيرا الانتماء تلك القيمة الجامعة الشاملة.

دور الأسرة

يرى د. محمد هاني، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية أن دور الأسرة يتضمن الاهتمام بكل ما يتعلق بصحة الأبناء النفسية من خلال مراقبتهم المستمرة بشكل غير مباشر ومتابعتهم والبحث عن احتياجاتهم، ويقول: الرعاية تعني توفير المأكل والمشرب والمسكن أما التربية فقدرة الآباء على تكوين شخصية الابن وملاحظة أي تغيرات تطرأ عليه لكن للأسف اعتبرت أغلب الأسر أن مجرد توفير الرعاية بشكل أكبر قمة الاهتمام وأنهم بذلك يفضلونه عن أقرانه، كما أن هناك فرقا كبيرا بين الحاجات والاحتياجات فالأولى تعني حاجة الطفل التي يدركها بالفطرة كالأكل والشرب، أما الاحتياجات فالأشياء التي تظهر خلال تواجدنا في الحياة وأهمها حبه للعبة معينة واكتشاف مهاراته.

ويستطرد: يكتسب الابن خلال مرحلة المراهقة صفات سلبية أهمها العند، لذا على الأسرة أن تنتبه لخطورة هذه المرحلة وأن يتقرب الآباء من أبنائهم وتقديم الدعم والمساندة لهم واحتوائهم وتقييم سلوكياتهم لتعديل أي سلوك طارئ أولا بأول.

خلل اجتماعى

أما د. أميرة شاهين، أخصائي نفسي إكلينيكي لتعديل السلوك والإرشاد الأسري فتقول: لا ترتبط القيم بتطورات العصر، فمحاولة تقنين الخطأ باعتباره سلوك صحيح يسبب العديد من المشاكل لكن كل قيمة لابد أن تكون متناسبة مع المجتمع الذي نعيش فيه وأهمها احترام الذات والخوف من الله وحب الخير للغير والمحافظة على حقوقه واحترام الكبير.

ويتفق معها فى الرأى د. سامي محمود أبو بيه، أستاذ علم النفس عميد كلية التربية الأسبق بجامعة المنوفية ويقول: يضع أي مجتمع لنفسه معايير يعاقب من يخالفها، فإذا تجاوزنا قيمه وقدمنا أخرى مخالفة فإن ذلك ينعكس بالسلب على استقراره، لكن للأسف هناك الكثير من المعايير غير واضحة في أذهاننا وبالتالي لا يوجد هناك قيم نلتزم بها ما أدى إلى حدوث خلل اجتماعي نتج عنه الكثير من القيم الفاسدة أهمها عدم احترام الغير والحقد ومعاداة الآخر.

القيم لا تتجزأ

يقول د. محمد صالح، أستاذ علم النفس ومستشار وزارة التعليم سابقا وخبير تربوي: القيم لا تجزأ لكن أساليب التنشئة قابلة لذلك نتيجة متغيرات العصر فالسر في الحياة الحفاظ على القيم والتى من أهمها احترام  الآخر لأن الخلاف سبيل التشرذم والفرقة  القادرة على تدمير المجتمع، وعلى الرغم من أن أمتنا مصدر القيم إلا أن بعضنا لم يلتزم بها، لذا يتمثل دور الأسرة فى إرساء قيم الرضا والوفاء والعمل والعطاء في نفوس النشء وإعادة نظام كليات التربية والآداب بمختلف أقسامهما.

المصدر: كتبت : سماح موسى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 304 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,455,320

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز