كتبت : سمر عيد
مبادرات عديدة تم إطلاقها مؤخرا في إطار جهود الدولة لمواجهة الزيادة السكانية، وبالرغم من اهتمام هذه المبادرات بمواجهة هذه المشكلة، بل والعمل على قدم وساق لإبراز الأثار السلبية للزيادة السكانية على وضع الأسرة ككل، إلا أن بعض الأسر ما زالت لم تتنبه بعد إلى هذه الأثار مما يشكل عائقا أمام عمل هذه المبادرات، فى جولتنا التالية حاولنا أنت نتعرف على هذه الجهود أكثر والعقبات التى تواجهها حتى تستطيع الأسر أن تستفيد منها بصورة أكبر..
فى أواخر عام 2019 تم الإعلان عن تقديم خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بالمجان أيامنا « ل 242 ألف منتفعة من خلال مبادرة ومن ،» حقك تنظمي « ضمن حملة » أحلى المبادرات المهمة التي أطلقتها الحكومة برعاية في إطار » 2 كفاية « وزارة التضامن الاجتماعي الإستراتيجية السكانية للدولة، كما شاركت وزارة التنمية المحلية فى محاربة الزيادة السكانية أيضا تسريع الاستجابة المحلية للقضية « بمشروع »طفلين وبس « فضلا عن حملة ،» السكانية ، التي نظمتها وزارة الصحة والسكان عام 2018 وعلى الرغم من كل الجهود وغيرها من الحملات والمبادرات التي أطلقت لمواجهة الزيادة السكانية إلا أنها واجهت عقبات كثيرة حدت من النتائج المرجوة منها في التصدي للإنفجار السكاني.
الفقر والتسرب من التعليم
تقول د. سحر يوسف، مديرة التخطيط المحلي بالمجلس القومي للسكان: من خلال الأبحاث الأخيرة التى أجريناها حول أسباب التزايد السكانى وجدنا علاقة مطردة بين الفقر والمستوى التعليمي وزيادة أعداد المواليد في الأسرة، فكلما ازدادت الأسرة فقرا أنجبت أطفالا أكثر حيث يرى البعض فى كثرة الأولاد مصدرا للدخل، كما وجدنا أنه كلما كانت النساء المتزوجات أميات وغير عاملات فإنهن ينجبن أطفالا كثر، وقد كان الرقم المتوقع إلا » 94 مليون نسمة « لعدد السكان عام 2020 أن العدد الحالى كان بمثابة صدمة حيث أثبتت الإحصائيات أنه يولد طفل كل 18 ثانية.
الزوج المبكر
ترى د. لمياء محسن، أستاذة طب الأطفال بجامعة القاهرة أن الزواج المبكر كان له تداعيات سلبية كثيرة على الزيادة السكانية، وتقول: ومن أهم سلبياته زيادة الإنجاب وتدهور الحالة الصحية للنساء والأطفال خاصة وأن المرأة لا تملك قرار وقف الإنجاب بمفردها فى بعض المجتمعات، بالإضافة إلى حرمان بعض الفتيات من التعليم بسبب تزويجهن مبكرا، وعلى الرغم من القوانين التي منعت تزويج الفتاة قبل بلوغها سن 18 سنة إلا أن هناك الكثير من الأسر لا تزال تتحايل على هذا القانون بطريقة أو بأخرى وتزوج الفتيات في سن مبكرة.
الزيادة تلتهم التنمية
أما د. أحمد حمدالله السمان، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والخبير الاقتصادي فيقول: إننا أمام كارثة اقتصادية ربما ستظهر جلية بعد فترة وجيزة وعلينا أن نتخيل كيف سيكون وضعنا الاقتصادي بعد عدة سنوات إذا استمر معدل الزيادة السكانية بهذا الارتفاع الخطير، فلكي نجد مدارس ومستشفيات وجامعات وعمل وإسكان لكل هذا الكم من السكان فعلينا السير في التنمية بنفس سرعة ومعدل الزيادة السكانية وبالرغم من أننا نقوم بهذا الدور بالفعل فيما يتعلق بالتنمية إلا أن الزيادة السكانية تلتهم كل هذه الجهود ويصبح هذا أمر صعب جدا من الناحية الاقتصادية، كما أن حصة كل فرد من المياه والغذاء قد تنقص كثيرا نظرا لهذه الزيادة، لذا أقترح إعداد منظومة متكاملة تشترك فيها كافة الجهات على كافة الأصعدة ويشترك فيها رجال الأعمال والجمعيات الأهلية بتقديم حوافز إيجابية لمن ينظم الأسرة ويكتفي بطفلين فقط، مثلا كالإعفاء من مصاريف المدارس أو زيادة الحصة التموينية لمن يكتفى بطفلين أو تقديم دعم ومنح للطفلين ببعض الجامعات، وأعتقد أن الحوافز الإيجابية ستكون أفضل من التفكير بمعاقبة من ينجب أكثر من اثنين، وعلى كل فرد أن يدرك أنه مسئول عن هذا الوطن وتقدمه وازدهاره، فقيمة المواطنة والانتماء لابد أن يشعر بها كل أفراد المجتمع بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي، وعلينا التصدي لأية ثقافة أو أية تقاليد تؤخر التنمية وتعرقل مسيرة الإصلاح الاقتصادي.
ثقافة العزوة
يوضح د. وائل الكميلي، خبير التنمية البشرية أن كل مبادرات الدولة والتي أنفقت عليها الملايين تصطدم في قضية السكان بجدارين قويين يبددان كل أهداف هذه المبادرات، ويقول: الجدار الأول هو جدار ثقافة إنجاب الذكور خاصة في الريف وهى قائمة على أن الأسرة لا تستمد قوتها ومكانتها الاجتماعية إلا من خلال عدد كبير من الذكور الذين يدافعون عنها في أية مشكلة تتعرض لها، والجدار الثاني هو الخطاب الديني المتشدد لدى البعض والذي يرى أن البنين زينة الحياة الدنيا والذي يحرم تقنين الإنجاب، لذا أدعو الأزهر الشريف والكنيسة إلى تقديم خطاب ديني يقنع الناس بأهمية تقنين الإنجاب.
ويتابع: أثبتت الأبحاث أن تعليم البنات والنهوض بالمستوى الفكري والثقافي والاقتصادي للمرأة بحيث تستطيع الحصول على شهادة عليا والعمل بها في وظيفة تؤمن لها دخلا ثابتا يجعلها لا تحتاج إلى زوجها كي ينفق عليها، يجعلها صاحبة قرار وإرادة حرة في مسألة الإنجاب ولا تستجيب النساء المتعلمات والعاملات عادة لضغوط الزوج أو أهله من أجل تعدد الإنجاب، بينما تستسلم المرأة الأمية وغير العاملة لما يريده زوجها وأسرته خوفا من الطلاق أو معاناة الفقر هي وأولادها إذا لم ينفق عليها زوجها وغضب عليها إذا ما رفضت كثرة الإنجاب، وفي النهاية دعيني أقول لك من لا يملك قوت يومه لا يملك قراره، وكلمة السر في حل قضية الإنفجار السكاني هي القضاء على الأمية وتعليم المرأة وتمكينها اقتصاديا وهذا ما يقوم به المجلس القومي للمرأة برئاسة د. مايا مرسي منذ فترة طويلة.
ساحة النقاش