كتب : عادل دياب

يعشن معنا بأفكارهن وأعمالهن العظيمة، فلا ننسى أن المصرية كانت قديما ملكة متوجة بينما العالم يعيش في الكهوف، وظلت حديثا في المقدمة تسبق غيرها بخطوات. إنهن نساء رائدات نتذكرهن ونفخر بهن.

في مثل هذا الشهر قبل 66 عاما كان العالم العربي كله، وليس مصر فحسب، على موعد مع تغيير هائل في مفهوم صحافة المرأة، لقد صدر العدد الأول من مجلة "حواء الجديدة" في يناير 1955 برئاسة تحرير الكاتبة الصحفية الرائدة أمينة السعيد.

كانت الصحافة النسائية قبل أمينة السعيد مجرد بدايات لم تكتمل، ومفاهيم لم تتضح، ومن مجلة "الفتاة" التي أصدرتها هند نوفل في الإسكندرية عام 1892 لتتوقف بعد ذلك بعامين لزواج هند، مرورا بأكثر من 30 مطبوعة حاولت أن تصل للمرأة، لم ينجح أحد كما نجحت أمينة هانم السعيد.

لقد ظهرت حواء بتبويب جديد ومفاهيم جديدة واهتمامات متعددة، أصبحت فيما بعد ولسنوات طويلة مصدر إلهام لكل ما تبعها من ألوان الصحافة النسائية في المنطقة، صاغت أمينة السعيد وكتيبة العمل التي رافقتها في ذلك الوقت ما يشبه الدستور أو الكتالوج أو كتاب الوصفة السحرية لكل مجلة نسائية.

ورغم أن أمينة السعيد كانت من أهم الرائدات المطالبات بالمساواة بين المرأة والرجل، ومن أهم المدافعات عن حقوق المرأة في القرن العشرين، إلا أنها آمنت دائما بأن الحياة شركة بينهما، وأن كلا منهما خلق سكنا للآخر ومودة له. ومنذ أول أعداد "حواء" توجهت للرجل إلى جانب المرأة، وكان من أوائل صفحاتها صفحة بعنوان "من نافذة حواء" موقعة بكلمة يا ظالمني، تقابلها صفحة بعنوان "من نافذة آدم" تحمل توقيع الوحش الجميل، وهما صفحتان اقتبستهما العديد من المجلات في المنطقة فيما بعد، بنفس المحتوى لكن بمسميات مختلفة.

أمينة السعيد المولودة في 20 مايو 1910 بمحافظة أسيوط، لم تكن فقط رائدة صحفية غيرت مفهوم الصحافة النسائية، وقادت الكثير من المعارك فى مواجهة الأفكار الرجعية، وإنما هي أيضا رائدة من رائدات تعليم المرأة ومشاركتها المجتمعية والسياسية، فكانت من أوائل النساء التحاقا بالجامعة، ضمن أول دفعة نسائية تلتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1931، لتحصل على الليسانس من جامعة القاهرة عام 1935.

التحقت بكلية الآداب بعد أن قدمت أوراقها للالتحاق بكلية التجارة، وتم رفضها لأنها فتاة، فنصحها والدها بالالتحاق بالآداب، وكان طبيبا مشهورا من رواد الحركة الوطنية في أسيوط، مستنيرا سابقا لعصره. 

أثناء الجامعة تعرفت إلى مصطفى أمين الذي عرفها للصحفي الشهير محمد التابعي، وشجعها لنشر بعض القصص الاجتماعية، في هذا الوقت بدأت عملها في الصحافة، الذي انتهى بها بعد ذلك إلى دار الهلال، أما زميلها محمد فتحي الملقب بكروان الإذاعة، فقد ساعدها على العمل في الإذاعة وكانت تترجم بعض القصص عن الإنجليزية وترويها بصوتها عبر الميكرفون. 

هدى شعراوي مؤسسة الاتحاد النسائي، كان لها أثر كبير في تكوين شخصية السعيد، فمنها تعلمت الإيمان بقضية المرأة، والمحافظة على المكاسب التي حققتها ومواصلة النضال من أجلها، وكانت السعيد أول كاتبة بعد باحثة البادية تهتم بالشئون الاجتماعية.

كانت من المطالبين بإلغاء المحاكم الشرعية، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، ومنح المرأة المزيد من الحقوق السياسية، وصدر لها العديد من الكتب من أهمها: وجوه في الظلام، مشاهداتي في الهند، من وحي العزلة، الهدف الكبير، آخر الطريق، وروايات؛ الجامحة وحواء ذات الوجوه الثلاثة، كما عرفت بأشهر باب صحفي لعلاج المشكلات الاجتماعية "اسألوني" في مجلة المصور، الذي ظلت تكتبه لأكثر من أربعين عاما.

تولت أمينة السعيد رئاسة تحرير مجلة المصور، وأصبحت أول سيدة ترأس مجلس إدارة دار الهلال، وكانت أول صحفية تزور أمريكا والاتحاد السوفيتي، وأول امرأة وكيلا لمجلس نقابة الصحفيين، وعضوا بالمجلس الأعلى للصحافة، ومستشارا لدار الهلال وعضوا بالمجالس القومية المتخصصة وعضوا بمجلس الشورى لدورتين متتاليتين، كما تولت منصب سكرتير عام الاتحاد النسائي الذي أنشأته هدى شعراوي، وحصلت على العديد من الأوسمة والجوائز المصرية والدولية، توفيت في صباح الثالث عشر من أغسطس عام 1995.

المصدر: كتب : عادل دياب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 334 مشاهدة
نشرت فى 14 يناير 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,809,017

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز