الملف إعداد : إيمان عبد الرحمن - محمد عبدالعال - أمانى ربيع - هدى إسماعيل

أثارت التعديلات المقترحة لقانون الأحوال الشخصية وخاصة المادة 58 من مسودة القانون والخاصة بتغليظ عقوبة عدم إخطار الزوجة بالزواج الثانى العديد من التداعيات ما بين مؤيد ورافض، وللوقوف على مختلف الآراء حول هذه التعديلات ناقشت حواء هذه المادة مع عدد من أعضاء البرلمان والقانونيين وعلماء الشرع، فكانت جولتنا التالية.

 

نصت المادة 58 من مشروع القانون الذى تقدمت به الحكومة للبرلمان مؤخرا بشأن الأحوال الشخصية "على الزوج أن يقر فى وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا فعليه أن يبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللائى فى عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول، وللزوجة إذا تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادى أو معنوى يتعذر معه دوام العشرة بينهما، ولو لم تكن قد اشترطت عليه فى العقد ألا يتزوج عليها، وكذلك للزوجة الجديدة أن تطلب التطليق إذا لم تكن تعلم أنه متزوج بسواها ثم تبين أنه متزوج، فإذا عجز القاضى عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة"، ويسقط حق الزوجة فى طلب التطليق لهذا السبب بمضى سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى أو رضائها بذلك صراحة أو ضمنا، ويتجدد حقها فى طلب التطليق كلما تزوج بأخرى.

ونصت المادة 191 من مشروع القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل زوج خالف نص الفقرة "أ" من المادة 58 من هذا القانون.

الاستقرار الأسري

استطلعنا آراء بعض الزوجات حول مشروع القانون وكان من بينهن فاطمة السيد التى ترى أن معاقبة الزوج في حالة عدم إبلاغ زوجته بزواجه من أخرى تعود بالاستقرار على الأسرة المصرية حيث إن أغلب الأزواج يعتبرون أن إبلاغ الزوجة من عدمه مسألة شكلية لكن في حالة تعديل القانون يجعل الزوج يفكر أكثر من مرة قبل الزواج بأخرى.

وتقول راند على: تختلف نظرة المرأة إلى مشروع القانون وفق موقفها فالزوجة الأولى تراها بنظرة سلبية وتريد تغليظ وتشديد الغرامة والحبس لأقصى درجة، أما الزوجة الثانية فترى الحبس والغرامة لعدم الإبلاغ يقلص فرص الزواج.

وترى أميرة فوزى أنه من الممكن أن يلزم القانون المأذون بالحصول على موافقة كتابية من الزوجة في حالة رغبة الرجل الزواج من أخرى، وأن يتم تعديل القانون في حالة عدم أخذ رأى الزوجة الأولى يحق لها التطليق.

حوار مجتمعى

تقول النائبة عبلة الهوارى، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب: قانون الأحوال الشخصية مازال قيد الدراسة ويستلزم حوارا مجتمعيا كاملا يضم رجال تشريع ودين وكافة أطياف الشعب، موضحة أن الجميع متفق على أن الشريعة الإسلامية أعطت للرجل الحق فى التعدد وما يناقش الآن هو حق الزوجة فى الإخطار لتجنب المفاجأة ومنع اختلاط الأنساب ومشاكل التركة والميراث، مشيرة إلى أن القانون لن يخرج إلى النور قبل عام من الآن على الأقل.

ويقول النائب محمود سامى، عضو مجلس الشيوخ: إن تعديلات قانون الأحوال الشخصية يحتاج لدراسة طويلة وإن كان قدم بعض الحلول فيما يخص ترتيب الحضانة للأب وحل لقانون الرؤية، وهناك بعض المشكلات التى تسبب لغطا مثل عدم إعطاء المرأة الولاية إلا فى ترتيب متأخر بخلاف بعض الاختلاف من ناحية التفسيرات الشرعية فيما يخص ضرورة إبلاغ الزوجة فى حالة الزواج من أخرى ووقوع عقوبة مالية كبيرة أو الحبس وهل هذا يجوز من الناحية الدينية أم يتحول لقانون مدنى كتونس ولبنان.

وترى النائبة ألفت المزلاوى، عضو مجلس النواب أن الأمر به جانب فقهى وآخر قانونى، فالفقهى هو الأقوى لأن مصدره الكتاب والسنة، أما القانوني فهو صناعة بشرية يتم تعديله أو إلغاؤه وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، ويتم صياغته وفق مرجعية لضبط نصه وفائدته، وتقول: نحن نعيش فى بلد إسلامى أقر الدستور فى مادته الثانية أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، والزواج والطلاق وأحكامهما يخضعان لمبادئ الشريعة ولا يجوز غض الطرف عنها عند إقرار قوانين جديدة، فالأمر يخضع لاعتبارات الحلال والحرام، لا الصواب والخطأ، فليتزوج الرجل وفق الحقوق التى منحها له الدين وعليه أن يلتزم بما ورد من اشتراطات واضحة تختصرها جميعا كلمة واحدة هي "العدل"، أما الزوجة فإن أصابها أذى أو شعرت بإهمال وسوء معاملة، فلتذهب إلى القاضي طلبا للطلاق لقول الله تعالى: "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما".

التوافق مع الشريعة

من جانبه شدد د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر على ضرورة توافق تعديلات قانون الأحوال الشخصية المطروحة على البرلمان مع الشريعة الإسلامية، معتبرا أن العقوبة المقترحة على الزوج إذا لم يبلغ زوجته بزواجه من أخرى بالحبس أو الغرامة بها مغالاة، داعيًا إلى إعمال التفاهم والمودة، لافتا إلى أن قضايا الرؤية والحضانة ابتعدت كثيرا عن بساطة الشريعة الإسلامية والسبب في ذلك سلوك المجتمع وليس الشريعة، مؤكدا أن الأزهر الشريف هو المسئول عما يصدر من تشريعات تمس الأحوال الشخصية باعتباره جزء من التشريع الإسلامى الذى ينص الدستور في مادته الثانية على ضرورة أن يكون المصدر الرئيسي في التشريع .

مشاكل الميراث

يقول د. سيف قزامل، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وعميد كلية الشريعة والقانون سابقا: يحق للمشرع أن يضمن قانون الأحوال الشخصية ضوابط خلال مدة معينة حال زواج الزوج من أخرى كإثبات عنوان يرسل عليه إعلان الزوج لزوجته الأولى أثناء عقد قرانه على يد المأذون، كما أن إخفاء الزوج زواجه بأخرى عن الأولى والقول إنه حرية شخصية يجعلها لا تشعر بالأمان حين تكتشف ذلك، فى الوقت الذى ترى حقها فى معرفة تفاصيل تحركات زوجها وعمله والأماكن المتواجد بها أثناء الخروج ربما يحدث ظرف طارئ تحتاجه الأسرة فيه خاصة أن زواجه من أخرى يترتب عليه المبيت خارج المنزل مرة أو اثنين أسبوعيا فمن الضرورى إعلام الزوجة.

ويوضح قزامل أن إخفاء الرجل عن المرأة زواجه بأخرى يترتب عليه مشكلات فى حالة الميراث، فمن الممكن أن يتسبب فى حرمان بعض الأبناء أو الزوجة الثانية وخاصة إذا كان الزواج عرفيا ومن حق الدولة أن تقنن ذلك لتحديد عدد السكان.

عقوبة مبالغ فيها

يرى المستشار القانوني محمود سلامة أن إخطار الزوجة الأولى متعارف عليه قانونا منذ سنوات، فعند عقد القران هناك خانة في العقد لإقرار الزوج إن كان متزوجا زيجة سابقة أم لا وإن وجد لابد من تدوين عنوانها في العقد لإبلاغها، أما عن الجديد فيما يخص تلك النقطة من توقيع عقوبة حبس تصل إلى عام أو غرامة مالية من عشرين إلى خمسين ألف جينه فهو يراها مغلظة للغاية ولابد أن تخفف لأن الزوج هنا لم يخالف الشريعة الإسلامية حال زواجه بأخرى وإنما المخالفة تأتى فقط لعدم الإخطار.

المصدر: الملف إعداد : إيمان عبد الرحمن - محمد عبدالعال - أمانى ربيع - هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 642 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,806,808

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز