بقلم : سكينة السادات

 

كانت فى أسوأ حال يمكن أن يصل إليه إنسان! تبكى بحرقة وتقول كلاما يائسا يدل على مدى ما وصلت إليه من آلام نفسية وإحباط كأن تقول: خلاص يا ناس.. الدنيا مابقاش فيها أمان! الواحد ماتبقاش  يآمن حتى للهدمة اللى لابسها!

وتأخذ نفسا بين شهقاتها الهستيرية وتقول: الدنيا بقت وحشة.. الواحد عايش ليه فى السواد ده كله؟

وأخيرا قالت: أستغفر الله العظيم من شر الوسواس الخناس ولولا أولادى وحاجتهم إلى لما رغبت فى استمرار هذه الحياة بعد الصدمة الشديدة التى لحقت بى! وأخيراً قالت: سوف أحكى لك الحكاية من البداية!

قالت قارئتى إيمان (36 سنة) بعد أن هدأت قليلاً وانتظمت أنفاسها وكنت قد قلت لها إننى لا أستطيع أن أتفهم ما تقول بين شهقاتها وبكائها!

قالت: أنا من أسرة حقوقية، والدى محام كبير بالنقض وله مكتب معروف لدى أهل الحى الراقى الذى تعيش فيه أسرتى حتى الآن، ووالدتى تخرجت أيضاً فى كلية الحقوق لكن لم تعمل مدة طويلة بالمحاماة إذ طلب منها والدى بعد زواجهما التفرغ لرعايتى وأخواتى الكبيران اللذان كبرا وتخرجا في كلية الحقوق أيضاً، وكذلك كانت دراستى التى أحببتها من كل قلبى ليس لأن أسرتى كلها حقوقية ولكن لشغفى بالقانون الذى وجدت فيه عالما  كبيرا يتسم بالعدالة والقدسية، وأحياناً أخرى أراه ظالما جائرا خاصة فيما يتعلق ببعض قوانين الأسرة والأحوال الشخصية وليس هذا مجال حديثنا اليوم لأن مشكلتى الشخصية اليوم تحتل كل تفكيرى وأراها نهاية بالنسبة لى!

واستطردت قارئتى إيمان أسمح أن أدخل فى الموضوع يا سيدتى مباشرة وقبل كل شيء أعرفك بطبيعتى فأنا إنسانة حساسة جدا وعاطفية جدا وتؤرقنى وتؤذينى كلمة بسيطة حتى ولو كانت غير مؤثرة، ولما كنت قد نشأت فى بيت ليس فيه بنات سواى أنا فقط وأخواى الكبيران من الذكور، فقد اتخذت لى صديقة حميمة هى ابنة خالتى هاجر وهى تكبرنى بعدة شهور فقط وهى خريجة كلية الآداب وبين والديها ووالدى محبة شديدة واحترام كبير لذا فقد اعتبرتها أختى التى لم تلدها أمى، وصارت هى وحدها صديقتى الصدوقة التى استشيرها فى كل شئون حياتى ولا أستطيع أن أقرر أى شيء دون أن آخذ رأيها حتى فى ملابسي وأدواتى الخاصة، كانت تشاركنى فى اختيارها! وأختصر فترة مراهقتى وشبابى المبكر وأصل إلى مرحلة الجامعة وأتخرج بعد حصولى على ليسانس الحقوق والتحاقى بالعمل فى مكتب والدى المحامى المعروف بالمهندسين، ثم كان لقائى فى مكتب والدى بالشاب الذى نبض له قلبى لأول مرة ثم أصبح زوجى بعد رضاء أسرتى عنه، إذ قال عنه والدى إنه سيصبح محاميا شهيرا لنبوغه وحبه لمهنة المحاماة، ولأن أسرته تضاهى أسرتنا اجتماعيا فضلا عن أننى أحسست بعاطفة صادقة وإعجاب نحوه ونفس الشعور بدا من ناحيته، فكانت النتيجة أن تمت خطبتنا بين سعادة الأسرتين ثم زواجنا ورضائى بكل ارتياح إلى طلبه أن أترك العمل لرعاية أول الأبناء ثم جاءت الابنة الثانية فكان فعلا كل وقتى مخصصا لابنى وابنتى! وآتى إلى علاقتى بصديقتى الوحيدة هاجر التى استمرت بكامل قوتها بعد زواجى من أيمن بل كنت أعتمد عليها فى كثير من شئون أولادى وكانت تعاوننى بروح طيبة، وكانت هاجر تعمل فى إحدى الشركات الخاصة وكانت قد تمت خطبتها لأحد زملائها ثم فسخت الخطبة وقالت إنه عصبى جدا ويدخن كثيرا وأن أمه لم ترتاح إليها لأنها كانت تفضل أن تزوج ابنها من إحدى قريباتها والله أعلم، أما زوجى أيمن فقد كانت علاقته بهاجر عادية وكان يرحب بها أما علاقتى بزوجى أيمن فقد كانت هادئة مطمئنة يشوبها الحب والتفاهم والاحترام ولم أكن أشكو من شيء سوى تغيبه الكثير خارج المنزل، وعندما أسأل عنه والدى يقول ربما يكون انتهى من عمله وذهب لرؤية أصدقائه، وعندما أسأله يقول إنه كان يزور أمه حتى كانت المفاجأة ذات يوم أسود فى حياتى.. الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية!

المصدر: بقلم : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 523 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,454,378

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز