كتبت : هدى إسماعيل

"يا اخواتى أنا صايم وراجل شقيان، ومراتى عايزة تجوعنى حتى فى رمضان..."، لم تكن تلك الكلمات مجرد أغنية أداها الراحلان فؤاد المهندس وصباح فى سياق درامى، بل كانت مرآة تعكس واقع الأزواج فى رمضان، فما بين العصبية والغضب والصوت المرتفع تدب المشكلات وتنشأ الخلافات، فكيف يمكن السيطرة على الغضب خلال الصيام، وكيف تتعامل المرأة بحكمة من انفعالات زوجها التى قد تراها غير مبررة؟

"الصوت العالي والاعتراض على كل حاجة"، بتلك العبارة بدأت نهى أكرم، 30 عامًا أم لثلاثة أطفال في مراحل مختلفة من العمر وصف سلوك زوجها في رمضان، متابعة "السجائر" هي السبب ومع زيادة ساعات الصيام بيزيد توتره ورغبته في الخناق طوال الوقت".

أما ليلى سليمان فتقول: جوزي بطبعه عصبي ومن أبسط الأشياء بيفقد أعصابه، العام الماضي والحالي "كورونا " كانت الضيف الثقيل على العالم الأمر الذي أجبره على التواجد أغلب الأوقات داخل المنزل خوفا من العدوى وهو أمر غريب عليه وبالتالي الخناق والصوت العالي على أبسط الأشياء أمر دائم في نهار رمضان.

ويقول محمد عبدالستار، محامي: في السنوات الأخيرة كان رمضان يأتي في درجة حرارة مرتفعة ومع مشاكل العمل ومتطلبات المنزل يصل الإنسان إلى مرحلة ضيق كبيرة فلا يستطيع التحكم في أعصابه ويكون الصوت العالي والخناق هما المتنفس لضيقه.

"مراتي هي السبب" هكذا بدأ مختار عدلي حديثه ويقول: زوجتي لا تختار الوقت المناسب لأي شيء خاصة في نهار رمضان مجرد دخولي إلى المنزل تنهال علي الأحداث اليومية بينها والأولاد ولا تنتظر حتى بعد المغرب، وبالتالي تكون الخناقة اليومية في رمضان دائما أثناء الصيام دون كلل أو ملل منها.

الغضب في الصيام

يقول خالد أبوزيد، عضو هيئة علماء الجمعية الشرعية الرئيسية: الغضب انفعال وشعور طبيعي في الإنسان، ويختلف من شخص لآخر تبعًا للحالة النفسية، ولا شك أن الإحساس بالجوع والعطش سبب يؤدي لزيادة الغضب وقلة السيطرة على الانفعالات، ولهذا جاء الصيام ليجعل الإنسان متحكمًا في انفعالاته فيرتقي بها ويُوجهها إلى ما فيه الخير لنفسه ومجتمعه، ومن المعروف أن الغضب يزيد بسبب نقص الجلوكوز في الدم وزيادة إفرازات الأدرينالين في الجسم تصعب السيطرة على الغضب والتحكم فيه، لذا فمن الضروري أن يتناول الإنسان في فترة الإفطار ما يسد نقص إفراز الجلوكوز في الدم وقت الصيام، وعليه الابتعاد تمامًا عن شرب المنبهات، وأن يكثر من شرب الماء فترة الإفطار لتعويض هذا النقص الحاصل وأن يبتعد أيضًا عن التدخين.

ويتابع: لقد أوصى النبى "صلى الله عليه وسلم" ببعض الوصايا التى تسهم فى السيطرة على الغضب منها قوله: "تسحروا فإنّ في السحور بركة"، فلا تهمل وجبة السحور وتناول فيها طعامًا صحيًّا، وابتعد عن الوجبات السريعة لأنها لا تفيد الجسم ولا تمده بما يحتاجه من مواد غذائية تساعد على ضبط إفرازات الأدرينالين والكورتيزون وغيرها، وقال: "لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر" فتعجيل الإفطار يقضي على إحساس الجوع والعطش ما يعيد للنفس اتزانها، ولا تنسى أيضًا تأخير السحور لوقت قريب من صلاة الصبح وأن يكون طعامك صحيًّا، وأن يكون الإفطار على رُطَبٍ أو تمرٍ أو ماءٍ؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه يعوض المفقود من الجلوكوز والماء والسكريات في فترة الصوم ويضبط معها نسبة الأدرينالين في الدم.

ويستطرد: من الأمور المعينة على كبح جماح الغضب والتوتر والانفعالات أن تتذكر الهدف من صومك وهو طاعة الله والامتثال لأمره والإحساس بجوع غيرنا من الفقراء والمساكين والمحتاجين، وأن غضبنا هذا وتوترنا سبب لنقصان الأجر، ولهذا يخاطبنا ويوصينا الحبيب "صلوات الله عليه" كما جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم "والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، "للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه".

أسباب تافهة

تقول د. سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع: إن أغلب الخلافات في نهار رمضان تكون لأسباب "تافهة" نتيجة توتر الأزواج ما يؤدي إلى نشوب المشكلات الزوجية رغم أن رمضان شهر الروحانيات والطاعة، ومع عدم قدرة الأزواج السيطرة على أنفسهم وخصوصا مع ضغط الصيام والحرمان من الطعام، يجب على الزوجات محاولة تفهم ذلك والابتعاد عن المناقشات الحادة التي تتسبب في زيادة عصبية الزوج وتوتره، ففي رمضان يشيع العفو والتسامح، وينتشر الخير، ويسعى الصائم المؤمن إلى تكريس كل ما من شأنه أن يقوي التلاحم الاجتماعي، ويبادر إلى الصلح بين الناس.

وتضيف: كل صائم يعرف مبدئياً أنه خلال هذا الشهر الكريم قد يكون متوتراً وينبغي عليه تجنب الاحتكاك مع الآخرين وتفادي الاختلاط مع الناس خلال الصيام، ما دام يدرك أنه متوتر وسريع الغضب؛ لأنه في رمضان تصفد الشياطين، ويتسابق الناس للقيام والذكر والدعاء لتهدأ النفوس، فبدلاً من أن يظل هذا النوع من الصائمين في احتكاك مع الآخرين؛ فإنه من الواجب عليهم البحث عن كل الفضاءات، بما فيها المساجد طبعاً التي يقام فيها الذكر وتنظم دروس العلم، والتي من شأنها أن تشغلهم عن الخصام.

لا تغضب

وللسيطرة على الغضب يقدم محمد عامر، خبير التنمية البشرية بعض النصائح قائلا:

- عود نفسك على الاعتراف عند شعورك بالغضب والتنفيس عنه بشكل سليم، فالحديث عن المشاعر قد يخفف من حدتها.

-حاول أن تبتعد عن كل ما يوترك في حياتك بشكل عام، وساعد نفسك على الاسترخاء وابتعد عن الإجهاد وخذ قسطا كافيا من النوم.

- كن على علم بكل ما قد يثير غضبك ويستفزك وكيفية التعامل معه.

- تعلم السيطرة على غضبك: كل شخص لديه رد فعل مادي أو محسوس معين، فحدد ما هو رد الفعل الخاص بك، وكيف تستطيع منع نفسك من القيام به، ودرب نفسك على تهدئة مشاعرك باستمرار.

- تعرف على علامات الغضب لديك وفور تحديدها وإدراكك لها ستبدأ بالسيطرة على نفسك وتهدئتها.

-عند غضبك استخدم طريقة العد إلى عشرة لتبرد مشاعرك وتأخذ وقتك بالتفكير قليلاً لإدراك الموقف وبأنك في حالة غضب، وعود نفسك على ذلك مراراً وتكراراً حتى لا تفقد السيطرة.

- تنفس ببطء وخذ شهيقا طويلا، ثم حاول الاسترخاء عند الزفير فهذا سيساعدك على التفكير بتريث.

- تجنب التفكير بكل ما هو سلبي.

- ممارسة الرياضة قد يساعدك كثيراً في السيطرة على غضبك، وتفريغ المشاعر السلبية لديك.

المصدر: كتبت : هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 562 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,834,313

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز