كتبت : هدى إسماعيل

ارتبط اسم بعض العصائر بشهر رمضان حتى باتت جزءا من طاولة الإفطار، وخلف كل طبق رمضاني أو مشروب قصة تعود لمئات وربما آلاف السنين، وفي الوقت الذي تطغى فيه المأكولات السريعة والمشروبات الغازية على الموائد العربية إلا أنه ما زالت الطقوس والمشروبات الرمضانية ثابتة وراسخة في قلوب الأبناء حفاظا على الموروثات الشعبية لكل دولة.

العرقسوس

العرقسوس قال عنه ابن سينا في كتابه القانون: "إن عصارته تنفع في الجروح، وهو يلين قصبة الرئة وينقيها وينفع الرئة والحلق وينقي الصوت ويسكن العطش وينفع في التهاب المعدة والأمعاء وحرقة البول".

وذكر ابن البيطار عنه "تنفع الخشونة الحادثة في المريء والمثانة، وهي تصلح لخشونة قصبة الرئة إذا وضعت تحت اللسان وامتص ماؤها وإذا شربت أوقفت التهاب المعدة والأمعاء وأوجاع الصدر وما فيه والكبد والمثانة ووجع الكلى".

العرقسوس، أو نبات السوس، هو نبات شجري معمّر ينبت في كثير من بقاع العالم، مثل سوريا ومصر وآسيا الصغرى وأواسط آسيا وأوروبا، ويصل ارتفاع هذا النبات إلى مترين.

وقد عرف المصريون العلاج بالعرقسوس وعالجوا به أمراض الكبد والأمعاء، وخلطوه بالأدوية المرة لإخفاء طعمها، حتى أنه في لحظات اكتشاف قبر الملك توت عنخ آمون عام 1923 وجدوا به بعض جذور العرقسوس.

وعلى الدرب نفسه سار البابليون واستخدموه منذ 4 آلاف عام كمقوٍ للجسم وللمناعة، كما عرفه عدد من الأطباء العرب.

الخُشاف في مصر

يصنع طبق "الخُشاف" من الياميش الذي يتكون من أنواع متعددة من المكسرات أشهرها الجوز والبندق والفستق، بالإضافة لبعض الفاكهة المجففة مثل القراصيا والمشمشية والزبيب ويطلق عليه "سيد عصائر الصائمين"، ويرجع تاريخ تجفيف الفاكهة في الشمس بهدف حفظها إلى عهد المصريين القدماء، فقد عُثر في عهد الملك رمسيس الثالث على الآلاف من جرار الزبيب في معبد الإله حابي إله النيل، وبدايةً من عهد الدولة الفاطمية ارتبط الخشاف بشهر رمضان.

قمر الدين.. سوريا

اشتهر قمر الدين بين أهل الشام وخصوصا سوريا، ويذكر التراث أن أصل تسميته يعود لبلدة صغيرة هى"أمر الدين"، ويصنف قمر الدين أو عصير المشمش المُجفف والمُحلى على أنه من أفضل المشروبات الرمضانية في بلاد الشام، كما ينتشر هذا المشروب في أغلب بلدان العالم العربي، ويزعم البعض أنه ذو أصول تركية ترجع لفترة الخلافة العثمانية، وعلى الرغم من كون تركيا أكبر منتج للمشمش في المنطقة، إلا أن السوري منه يتفوق على نظيره التركي في الجودة، لذلك تشتهر سوريا بصناعة أفضل أنواع قمر الدين، الذي يُصدر إلى البلدان العربية والأوروبية.

التمر الهندي

يعد عصير التمر الهندي من المشروبات التقليدية والشعبية ويستخرج من لب نبات ينبت في شرق أفريقيا الاستوائية.

السوبيا

يعد هذا المشروب من المشروبات الرمضانية الشعبية في مصر والحجاز، وهناك أقاويل ترجع السوبيا لعصر المماليك حين افتقر بيت المال إلى الدقيق وزاد الأرز والسكر، فتمت صناعة السوبيا بهما، وبعد فترة قل الأرز ببيت المال وتحولت السوبيا من مشروب شعبي لمشروب الأغنياء.

السحلب

رغم كونه من المشروبات المتداولة طوال أيام السنة، إلا أنه يعد من المشروبات الرمضانية المفضلة في لبنان وسوريا وفلسطين، على الرغم من أن "السحلب" مشروب شتائي بشكل عام؛ إلا أنه يقدم ساخناً لكن في شهر رمضان يقدم بارداً، وذلك بسبب الحر الشديد.

يتكون من الحليب بشكل رئيسي ومسحوق نبتة السحلب، يضاف إليه القرفة والمكسرات، ويصبح عملياً وجبة كاملة بحد ذاته؛ إذ يحتوي على جميع فوائد الحليب وفيتامينات المكسرات.

الفيمتو.. الدواء الإنجليزي

يعد مشروب "فيمتو" من أشهر المشروبات الرمضانية في دول الخليج، وهو عبارة عن مشروب مركز يتكون من السكر والماء مضافاً إليهما عصير التوت والخوخ والليمون.

وقد صُنع مشروب "الفيمتو" لأول مرة عام 1908، في مدينة مانشستر الإنجليزية كمشروب عشبي يمنح الطاقة، وعرف باسم: " فيم تونك"- "Vim-tonic" أي الصودا المنشطة، ثم اختصر ليصبح "Vimto".

كما سُجل الفيمتو كدواء عام 1912، لكن بعد عام واحد تغير تسجيله من دواء إلى مشروب غير كحولي، وأُرسل بعد ذلك إلى القوات البريطانية في الهند عام 1920، ليصبح علامة تجارية مسجلة في السوق الهندي.

وانتقل المشروب إلى الخليج عام 1927 عندما أحضره أحد الموظَّفين الهنود إلى شركة "عبدالله العوجان للمرطبات" في البحرين، وأصبحت شركة "العوجان" بعد ذلك بعام موزعاً رسمياً للمشروب لينتشر في أرجاء الخليج العربي، ولا تزال هذه الشركة حتى اليوم صاحبة الحق الحصري في إنتاجه وتوزيعه.

شوربة الحريرة .. إرث أندلسي

بعد مدفع الإفطار يبدأ سكان دولتي المغرب والجزائر في تناول شوربة "الحريرة" التي تعتمد في مكوناتها الأساسية على اللحم والعدس والدقيق، وهي وجبة من أصل أندلسي يتناولها الجزائريون عادة، بجانب طبق من المعقودة "كرات محشية بالجبن ومقلية في الزيت".

البوريك في تونس

من أشهى الأطباق الحاضرة على مائدة الإفطار التونسية رقائق العجين المحشية باللحم والخضراوات أو المكسرات والجبن إذا قدمت كحلوى، حيث تقلى المعجنات الملفوفة بالزيت أو تُخبز في الفرن وتشبه في شكلها الـ Spring roll الصيني، وحمل الأتراك العثمانيون هذا الطبق إلى الدول العربية مع البقلاوة وغيرها من المعجنات ذات طبقة العجين الرقيقة، إذ ترجع تسمية البوريك إلى الكلمة التركية "بورماك" أي الملفوف ويعد هذا الطبق من أقدم الوصفات التي حافظت على شكلها عبر السنين.

وتقدم هذه الوجبة أيضاً في دول غير عربية مثل اليونان ويسمى هناك "بوراكي". يُفرد العجين في صينية أو مقلاة، ثم يُقطع بعد الطهي ويقدم على شكل فطائر صغيرة مُحلاة بالعسل.

السمبوسة والحجاج

على الرغم من الشهرة ذائعة الصيت التي تحظى بها السمبوسة كأكلة رمضانية في أغلب دول الخليج، إلا أنها لا تعد الموطن الأصلي لها، حيث تضاربت المصادر التاريخية حول زمان ومكان نشأة السمبوسة ففي حين أرجعها البعض إلى الأتراك في العصر العثماني، أكد البعض الآخر أن موطن ظهورها كان في اليمن وتحديداً جبال حضرموت، وتعد من الأطباق الرئيسية على الموائد الرمضانية ليس في دول الخليج فحسب وإنما انتقلت اليوم إلى العديد من الدول العربية.

العصيدة.. وجبة من خيرات الأرض

تعد العصيدة من أشهر الأطباق السودانية ولا تكاد تخلو منها وجبة الإفطار في رمضان، وتُقدم كفاتح للشهية في بداية الوجبة، ويعتبرها السودانيون من الأطعمة المتأصلة في التراث السوداني، وتتكون من الذرة والدهن والقمح مع اللبن الرائب، وكان الظهور الأول للعصيدة في إقليمي دارفور وكردفان، وانتقلت فيما بعد إلى المناطق الواقعة على حوض النيل، لكن مع انتقالها اختلفت قليلاً فأصبحت لينة القوام عن الموجودة في دارفور وكردفان.

المصدر: كتبت : هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 509 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,468,990

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز