إشراف : منار السيد - أميرة إسماعيل - سماح موسى - هايدى زكى- أمانى ربيع
بالرغم من أننا نعيش مرحلة "التحول الرقمي" ولكننا مازلنا نعاني جهلا تكنولوجيا يجعل من أبنائنا ضحايا لمستخدمي الانترنت، وقد ظهر ذلك من الاستخدام السيئ لبعض التطبيقات التجارية المستحدثة التي سجلت أكبر عدد من المستخدمين من الأطفال والشباب، والتي حملت في طياتها الكثير من المخاطر والتهديدات الاجتماعية التى استهدفتالشباب لنشر الانحلال والفساد فى المجتمع.. ولمعرفة ماهية هذه التطبيقات وكيفية التوعية بمخاطرها والتشريعات والإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهتها والحد من أضرارها المجتمعية كان هذا الحوار مع اللواء محمود الرشيدي،المساعد الأسبق لوزير الداخلية للمعلومات.
نعيش عصر "العولمة التكنولوجية"..فكيف نحمي أنفسنا من مخاطرها؟
لا يمكنإنكار أن ثورة تكنولوجيا المعلومات في الربع الأخير من القرن الماضي حققت إنجازات غير مسبوقة أنتجت عنها شبكات المعلومات والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات التكنولوجية، حيث أصبحت الاستخدامات التكنولوجية المتعددة الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة،لكن صاحب ذلك التقدم استخدامات سيئة للتكنولوجيا ونتج عنها الجرائم الإلكترونية والسيبرانية،في حين أننا نواجه مشكلة كبيرة لبعض مستخدمي الانترنت الفاقدين للمعرفة، حيث يقعوا ضحايا لأجهزة الاستخبارات العالمية والمنظمات الإرهابية التي تظهر بكيانات وهمية ومستترة للإيقاع بشبابنا وأبنائنا، فهم يعتمدوا على استراتيجيات لجذب الشباب وهذا مايجعلنا نسمي مايحدث حولنا أننا نعيش في "عولمة تكنولوجية نعيش تقدمها ونعاني مخاطرها"،ومايدعو للأسف أن الزيادة المفرطة في استخدام شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من قبل كافة أفراد الأسرة وخاصة الأطفال والشباب تتم دون مراعاة للمعايير الفنية أو الأمنية لحماية أجهزتهم أو التعامل بشكل آمن مع التكنولوجيا، فنحن 100 مليون مواطن وأكثر من 35 مليونا من المستخدمين لا يراعوا المعايير الأمنية والفنية لحماية أجهزتهم والاستخدام غير الآمن لشبكات الانترنت.
وما الفرق بين التطبيقات الاجتماعية والتجارية؟
هناك فرق كبير بين التطبيقات الاجتماعية والتجارية،فالأولى أحد وسائل مواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة حاليا وأهمها (Facebook .. YouTube .. instgram) أما التطبيقات التجارية مثل tiktok ولايكي وغيرهمافهىتحمل في طياتها الكثير من المخاطر والتهديدات الاجتماعية على أبنائنا لما تتضمنه من محتوى وأساليب تؤثر سلبا في هويتهم وسلوكياتهم وتجعلهم في منافسات نارية مع الآخرين من مستخدمي هذا التطبيق للتفوق والإبداع الفكري والذهني دون أي ضوابط بهدف الحصول علىأعلىنسب مشاهدةومتابعة وتحقيق ربح مادي ولو على حساب خصوصياتهم وأخلاقياتهم.
ولماذا يلجأ الشباب والأطفال إلى مثل هذه التطبيقات؟
لجأ بعض الأطفال والشباب إلىهذه التطبيقات لاعتقادهم أنها بعيدة عن أولياء الأمور المتواجدين على منصات التواصل الاجتماعي، وبالتالي فهم ليسوا بموضع متابعة لأخبارهم أو سلوكهم ليشعروا بنوع من الحرية والربح السريع دون رقابة أو توجيه ما يجعلهم يفقدون روح العمل والمثابرة لتحقيق الذات والعمل الجاد ويفضلون الشهرة والتربح السريع وغير المكلف ماديا أو ذهنيا أو بدنيا ولو على حساب القيم والأخلاق.
وما طرق الربح على التطبيقات التجارية؟
عن طريق التطبيقات التكنولوجية "التيك توك-لايكي"وغيرهما من التطبيقات التجارية يتم دعوة المستخدمين مقابل تقديم حوافز مالية نظير استخدامهم للتطبيق، وتكمن خطورة مثل هذه التطبيقات فى عدد من النقاط أهمها أنها تتيح لمديري التطبيقات باختراق حسابات المستخدمين للتطبيق والحصول على المعلومات الخاصة بها، والخطورة الأكبر أن وسيلة الكسب من خلال هذه التطبيقات إجراء منافسات فيمابينهم لتحقيق نسبة مشاهدة عالية لتحقيق الربح السريع في المقابل التنازل عن القيم والأخلاق والعادات لتحقيق هذا الربح مايؤدي إلىانتشار الانحلال وغياب الأخلاق بين الشباب.
وهل يشترط للاشتراك في هذه التطبيقات أعمار محددة؟
رغم أن هذه التطبيقات تشترط ألا يقل سن المشترك عن ١٣عاما وألا يزيد عن ١٨ عاما لكن ليس هناك ضوابط للتأكد من ذلك ما يجعلها متاحة للجميع وبالتالي فإن ما تتضمنه من محتوىيتعارض مع القيم والأخلاق تؤثر بقوة في طبيعةوشخصية مستخدميه من الأطفال والشباب.
واجهت الدولة المخاطر الناجمة عن التكنولوجيا أمنيا وتشريعيا وتقنيا، فكيف تم ذلك؟
تأكدت الدولة أننا نعيش تحت سماء مكشوفة ونحتاج إلى بعض إجراءات الحماية للحد من مخاطر التعامل مع التكنولوجيا وبدأ ذلك في عام 2002 بإنشاءإدارة خاصة بوزارة الداخلية لتلقي البلاغات الخاصة بشبكات تكنولوجيا المعلومات وهي "مباحث الانترنت"، والآن أصبح هناك وحدات مستقلة منها في كل مديريات الأمن لتلقي بلاغات السادة المواطنين، ولها خط ساخن "108" ومقرها الرئيسي بالعباسية وذلك لتجنب المخاطر التكنولوجية المستحدثة والاستخدام غير الآمن وذلك من الجانب الأمني، وعلىالجانب التشريعي كانت الدولة حريصة على إصدار حزمة من التشريعات للحد من مخاطر الانترنت مثل بعض التعديلات التي طرأت على قانون العقوبات العامة فيما يخص جرائم الانترنت،وقانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 والذي نص على أن من يقوم بتشغيل شبكة اتصالات أو يقدم خدمات اتصالات أن يوفق أوضاعه طبقاً لأحكام القانون، وقانون حماية حقوق الملكية الفكرية والتي زادت جرائمها بعد انتشار المواقع الإلكترونية، وقانون الطفل المعدل الذي أجرى التعديل عليه لوضع مادة تجريم تعرضه لأي تحرش أو استغلال جنسي عبر شبكات الانترنت، كما أنه تم وضع قانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والذي شمل عقوبات لجريمة الاعتداء على سلامة الشبكة المعلوماتية، حيث نصت المادة 21 على إنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تسبب متعمدا في إيقاف شبكة معلوماتية عن العمل أو تعطيلها أو الحد من كفاءة عملها أو التشويش عليها أو إعاقتها أو اعتراض عملها أو أجرى بدون وجه حق معالجة إلكترونية للبيانات الخاصة بها، وأيضا قانون151 لسنة 2020 حماية البيانات الشخصية فبما أننا نعيش في عصر المعلومات فتعتبر "المعلومة" هي أثمن سلعة، لذلك تم إصدار هذا القانون لحماية البيانات الشخصية للحفاظ على الأمن القومي المصري، وبالنسبة للجانب التقني أو الفني فقد أنشأت الدولة وحدات مستقلة داخل وزارة الاتصالات لحماية الفضاء المصري الإلكتروني من أي هجمات إلكترونية.
وهل نحتاج إلى مادة علمية ضمن المناهج الدراسية لترسيخ الثقافة التكنولوجية؟
بالتأكيد..أناشد القائمين على العملية التعليميةبضرورة وجود مادة توعية تكنولوجية ضمن المناهج الدراسية، حيث إننا سابقا كنا ندرس مادة التربية القومية لغرس قيم الولاء والانتماء ومبادئ الوطنية، لذلك نحتاج الآن إلى ضرورة تضمين مادة "التوعية التكنولوجية"كمادة أساسية ضمن المناهج الدراسية ليكون محتوى علمي يتم تقديمه لأطفالنا في المدارس وشبابنا في الجامعات والمعاهد لإلقاء الضوء على أهم المخاطر التكنولوجية، بالإضافةإلى أننا نعيش مرحلة التحول الرقمي ونحتاج إلى أنيكون لدى الجميع ثقافة تكنولوجية للتعامل مع التحول الرقمي وتجنب مخاطر التكنولوجيا، كما أن الدولة لها مساعي كثيرة لإثراء دور التكنولوجيا في المدن الذكية وكليات الذكاء الاصطناعي، ومع هذه المساعي التي تبذلها الدولة لدعم البنية التكنولوجية المتكاملة يجب علينا ألانسيء استخدامها، فالمشكلة ليست في التكنولوجيا ولكن في استخدامها السيئ.
الأسرة هي خط الدفاع الأول عن أبنائها، فكيف نحافظ على أبنائنا من مخاطر التكنولوجيا؟
للأسف نحن نعيش في عصر "الأسرة الافتراضية"الذي ينتج عنها أبناء دون رقابة أو توعية، فقبل أن نعطي لأبنائنا وسيلة للتعامل مع التكنولوجيا يجب علينا تفعيل دورنا لغرس القيم والأخلاق والتوعية بالمخاطر التي قد تواجههم من الاستخدام غير الآمن، ونكون متابعين لهم بشكل دائم، لأننا مجتمع شرقي لنا قيمنا وأخلاقنا بالإضافةإلى أن أبناءنا دائما مستهدفين من خلال "حروب الجيل الرابع" وهي حرب المعلومات والتي تستهدف أبناءنا من خلال المواقع الإلكترونية والتطبيقات التكنولوجية والتجارية، والحصول على المعلومات الخاص بهم من خلال حسابتهم، فعلينا أن نعي خطورة هذا الأمر ونوعي أبناءنا بأننا نعيش حرب "احتلال العقول" وهي الحرب المستحدثة لتدمير البنية الأساسية للدولة من خلال شبابها بتدمير المبادئ والقيم والتقاليد، والتقليل مما نعيشه من إنجازات واستقرار وإطلاق الشائعات بتحريف المعلومات وتزييف الحقائق لتصدير حالة من الإحباط واليأس للشباب، كما أننا نحتاج إلى تكثيف حملات وبرامج توعوية إعلامية وثقافة تكنولوجية من خلال متخصصين وأكاديميين لتوعية مستخدمي شبكات الانترنت من كافة الأعمار وذلك لحماية المجتمع من الهجمات التكنولوجية الفاسدة بجانب تعزيز التواجد الرسمي لأجهزة الدولة من جانب محتوى هادف وإيجابي وثقافي يتم تقديمه لأطفالنا للتصدي لموجات العنف التي تحلى بها الأطفال نظرا لممارستهم للألعاب التكنولوجية المحرضة على العنف.
***********
مصر والأمن السيبراني
طبقا للمركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات بوزارة الاتصالات، تحتل مصر مركزا متقدما في المؤشر العالمي حيث تحتل الرابع » GCI« للأمن السيبراني عربيا من بين 22 دولة وال 23 عالميا من بين 193 ، محققة بذلك مجموعة درجات بلغت 95.8 بعد أن سجلت 88.3 درجة في 2017 وفقا للمؤشر العالمي للأمن السيبراني وذلك بناء على المعايير التي سبق أن حددتها الأجندة العالمية للأمن السيبراني.
ساحة النقاش