إشراف : منار السيد - أميرة إسماعيل - سماح موسى - هايدى زكى- أمانى ربيع
يوم تلو الآخر تتحول مواقع التواصل إلى هوس يفسد المجتمع وتجعله أسيرا للسطحية والمظاهر، ووسيلة إلى لفت الانتباه وتحقيق الشهرة بأسهل الطرق وأكثرها عبثا بقيم المجتمع وقواعده وتقاليده، ومع تزايد التطبيقات المتاحة على مواقع التواصل الاجتماعى خاصة المتربحة وتصاعد التنافسية بينها على جذب فئة المراهقين والشباب يجب دق ناقوس الخطر لاستعادة دور الأسرة الرقابي والتوعوي لإنقاذ أبنائنا من براثن التطبيقات التكنولوجية المستحدثة..
البداية مع علية مهدي، 35 سنة، ربة منزل تقول: يمتلك أبنائي هواتف ذكية منذ سن صغيرة جدا، كنت أعتبر هذه الهواتف وسيلة تبعدهم عني وتمنحني الوقت لإنجاز أعمال المنزل، لكن تحول الأمر إلى مشكلة حقيقية خاصة بسبب الإعلانات التي تأتي خلال تصفحهم لمواقع التواصل المختلفةلتحميل بعض التطبيقات والحديث عنالربح، وعندما أدركت خطورة الأمر سعيت إلى تقييد الانترنت في هواتف أبنائيواقتصار دخولهم على مواقع معينة مناسبة لسنهم، بمتابعة شخصية مني لتجنب استدراجهمإلى أحد هذه المواقع أو التطبيقات الساعية للربح والتي تمثلخطراكبيرا عليهم.
وكان الحل من وجهة نظر فدوى سليمان 40 سنة ملء أوقات أبنائها وعدم ترك أي فراغ يسمح لهم باستخدام مواقع التواصل، فهم يجلسون على حساباتهم مرتين فقط في الأسبوع، كما أنها شاركتهم فى اختيار الصفحات التي يتابعونها والأصدقاء بما يتناسب مع اهتماماتهم، فضلا عن الذهاب إلى النادي وممارسة رياضتي الكاراتيه والسباحة، بخلاف تنمية حب القراءة لديهم والخروج في نزهات في الهواء الطلق، الأولاد يستخدمون مواقع التواصل لأنهم أحيانا لا يجدون التواصل في المنزل أنا أخلق أجواء من التواصل فيما بيننا يغنيهم عن هذه المواقع.
وعن الهوس والسخرية يتحدث إبراهيم عطية33 سنة، مصمم جرافيك فيقول: للأسف يصعبالسيطرة على استخدام الأطفال لتلك المواقع خاصة وأنهم يحبون التقليد، فعلى سبيل المثال كل أطفالالعائلة لديهم هواتف ذكية وحسابات على مواقع التواصل، وقد تحول الأمر إلى معايرة لأبنائي والسخرية منهم لأنه ليس لديهم هواتف، وفي كل تجمع يكون الأمر كارثيا لأن أبنائي يرون كل أقاربهم مندمجين مع ألعابهم وهواتفهم ويريدون رؤية ما يفعلون، كما أن أكثر من قريب يصور فيديوهات مع أولاده وينشرها لجذب التفاعل، وبعضهم لديه متابعين كثيرين ويتفاخرون بذلك أمام أبنائي الذين أصبحوا يعتبروني عائقا أمام سعادتهم رغم سنهم الصغيرة فهم في سن الخامسة والنصف والسابعة، لكن هذا الهوس يبدأ في سن مبكرة جدا، خاصة إذا كانت الأجواء مشجعة عليه.
غرس القيم
ومن الحديث مع أولياء الأمور اتضح أن المشكلة بين كافة المراحل العمرية وأنها تمثل خطورة كبيرة تهدد الأخلاق والقيم الأسرية، لذلك كان يجب الاستماع إلى آراء المتخصصين والأكاديميين لمحاولة تجنب هذه المخاطر واستعادة دور الأسرة الرقابي على أبنائنا وتعاملهم مع التكنولوجيا.
يقول د. أمجد مصلحي، أستاذ علم الاجتماع: إن المشكلة في بداية الأمر تكون من الأهل أنفسهم الذين يتركون أبناءهم للهواتف ومواقع التواصل كي ينشغلوا بعيدا عنهم، دون النظر أو التطرق للمشاكل التي سيجنونها من وراء هذا الإهمال، فعند التفكير في الزواج وتكوين أسرة يجب أن يضع الرجل والمرأة على عاتقهما الدور الرئيسي الذي سيلعبانه في حياة أبنائهما،خاصة أن هذه المواقع والتطبيقات تسببت في أزمة تواصل حقيقية داخل الأسرة الواحدة، فكل طرف يعيش في عالم منعزل، فالآباء يتركونأبناءهمعرضة للكثير من الآراء التي تستهدف عقولهم غير الناضجة، لذا فالأمر بحاجة إلى وقفة من الأسرة في سن صغيرة، لأن غرس القيم يكون أفضل كلما كان السن أصغر.
ويضيف: بدلا من استخدام التكنولوجيا للعب والرفاهية، يمكن استخدامها لتنمية ذكائهم وتنمية مهاراتهم، وهناك مواقع كثيرة مناسبة لذلك وتقدم المعلومة بشكل ممتع، هذا بخلاف الدورات التدريبية في اللغات، وإذا كان الأب والأم دائما الانشغال بالعمل أو بهواتفهما أيضا، سيحاول الأبناء أن يجدوا المتعة والتواصل حتى لو كان افتراضيا ويميلون أكثر للعزلة ويصبحون غير راغبين في بناء علاقات حقيقية في الواقع، كما أنه لا يجب أن نتعامل مع التكنولوجيا ومواقع التواصل بتهاون، فأحيانا عن طريقها يتم تجنيد الشباب والمراهقين في الجماعات الإرهابية، وحشو عقولهم بالأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى استغلالهم جنسيا، وابتزازهم وتعرضهم للتنمر والتحرش.
تعزيز الثقة بالنفس
وعن الدور التربوي تقول هناء سعد الله، الخبيرة التربوية: الأطفالوالشبابفي طور النشأة للأسف يمكن توجيههم بسهولة وتشكيل وعيهم وإدراكهم على أسلوب حياة معين،ولا يدركالأهالي أن كل ما سينطبع في عقولهم ويشكل وعيهم في الصغر سينعكس على المراحل العمرية اللاحقة، الأمر الذى يعظم من مسئولية الوالدين لحماية أبنائهما من مخاطر التكنولوجيا والتى تتمثل فى تعزيز قيم الثقة بالنفس لدى أطفالهما من خلال تنمية تقدير الذات لديهم، وألا يكون هذا التقدير نابعا من آراء الآخرين بل من داخلهم، كما أن على الوالدين اتباع النصائح التي يقولونها للأولاد ففي النهاية هما قدوة لهم.
وتتابع: أصبح من المعتاد أن يمتلك كل فرد بالأسرة حتى الأطفال هاتفا ذكيا ونتركه معه بلا رقيب، لنفاجأ بعد ذلك بأن أطفالنا وشبابنا يتخلون عن حرماتهم الشخصية لحصد الإعجاب والمتابعين، لا يفضل أن نمنعهم من استخدام التكنولوجيالكن يجدر تقييد دخولهمإلى شبكةالانترنتوتحديد المحتوى الذى يشاهدونه، وقبل إنشاء حسابات لهم على مواقع التواصل يجب تفعيل إعدادات الخصوصية عليها لضمان حمياتهم، كمايجب أن يكون هناك اهتمام من وسائل الإعلام بالتوعية بأضرار التكنولوجيا وتوفير بدائل لمواقع التواصل التي تشجع على اللهو واللعب، وأن تكون هناك مواقع يستثمر فيها الأبناء وقتهم بشكل مفيد.
الانعكاسات السلبية
عن الجانب النفسي تحذر د.أمنية عزمي،استشاري الصحة النفسية من الإفراط في استخدام مواقع التواصل فتقول: الاستخدام المفرط له انعكاسات سلبية علىالصحة النفسية للأبناء، فالكثير منها يشجع على فكرة الوصول إلى الشهرة دون بذل مجهود أو تقديم شيء له قيمة، وفشلهم في تحقيق هذه الشهرة أو جذب تفاعل مع مشاركاتهم يعرضهم للإحباط والعزلة أحيانا، كما أن انتشار الفيديوهات التي تسخر من عيب ما في الشكل أو طريقة الحديث يزعزع القيم ويشجع على التنمر والسخرية من الآخرين، وكذلك التقدير الزائد والمديح يجعل الأبناء فريسة للنرجسية.
وتؤكد على ضرورة أن يكون المنزل ساحة تواصل حقيقية للأسرة وليس مجرد فندق ينامون ويأكلون فيه، ناصحة بتخصيص يوم أسبوعي بلا مواقع تواصل أو تليفزيون أو هواتف يتحدثون فيه عما تعرضواله خلال الأسبوع، ويتشاركون اللعب والحديث ويعززون أواصر العلاقة بينهم، فالأمر ليس مجرد منع فحسب بل توعية، لذا من الأفضل أن تكون هناك علاقة صداقة بين الأهل وأبنائهم لتسهيل النصح.
**************
كيف تحمي جهازك أثناء العمل من المنزل
تجنب تماما استخدام بريدك الإلكتروني الشخصي في العمل ولا ترسل رسائل شخصية من البريد الإلكتروني الخاص بالعمل أو رسائل خاصة بالعمل من بريدك الإلكتروني الشخصي، كما يجب أن تحتوي كلمة المرور القوية على واحد « و » حرف واحد صغير « 12 حرفا على الأقل لكي يصعب توقعها أو » رمز « و » رقم « و » كبيرتخمينها، ويجب تغيير كلمة المرور كل 90 يوما، وتذكر دائما أنه يجب تسجيل الخروج من جهازك عند الانتهاء من استخدامه أو الابتعاد عنه ولو لمدة قصيرة حتى تحمي بياناتك وملفاتك إغلاق شاشة « المهمة، كما يفضل تفعيل خاصية الجهاز تلقائيا.
ساحة النقاش