بقلم : إقبال بركة
كان أحد المواطنين يسير فى شارع بمدينة بيجين فى الصين
فتعثرت قدماه فى شيء ملقى على جانب الطريق وتبين بعد فحصه أنه جثة لفتاة وليدة تركها أبواها لتموت وحيدة، تكررت هذه
الجريمة كثيرا فى الصين الشعبية بسبب قانون يمنع الوالدين من
إنجاب أكثر من طفل، ثم أصبح طفلين فيما بعد، جريمة قتل األنثى
الوليدة تحدث أحيانا والسبب رغبة اآلباء فى إنجاب الذكر.
اليوم بعد أن توصل العلم الحديث لمعرفة
نوع الجنين بعد عدة أسابيع من الحمل، أصبح
من الشائع إجراء جريمة قتل للجنين األنثى
وهى فى بطن أمها.. جريمة قتل يحرض
عليها األب وقد ترتكبها بعض األمهات
بعد تردد، خاصة فى المستويات االجتماعية
المنخفضة التى يكتشف فيها األبوان بعد
فوات األوان أن اإلنجاب ال يقتصر على الفرحة
بالوليد وإنما يمتد ليشمل المسئولية المادية
و النفسية عنه حتى يشتد عوده، وقد يكون
لدى الوالدين وازع ديني فيرفضان اغتيال
جنينهما ويتواصل مسلسل اإلنجاب بال توقف،
وفى بعض الدول األجنبية ال يتورع الوالدان
عن إصدار الحكم بإعدام الجنين األنثى، وقد
أصدرت األمم المتحدة بيانا خاصا بهذه
الظاهرة المؤسفة يتضمن رقما من الضحايا
يصل إلى عدة ماليين ..
ما هو الحل لتلك »المعضلة«.. إن التجربة
ال تعلم الناس، ثبت هذا بالفعل.. فكم من
ذكر قوبل بالترحاب وعومل معاملة الملوك
واألمراء ثم إذا به حين يكبر يتحول إلى وحش
ال يرضيه إال امتصاص دماء كل من حوله..
وجرائم قتل الشبان آلبائهم و أمهاتهم
وإخوتهم تعددت منذ سنوات حتى بات
البعض يخشى أن تصبح ظاهرة.. وإذا لم
يقتل الشاب العاق أمه أو أباه فهو يقتلهما
طنفسيا لدرجة شذوذهما عن القاعدة الثابتة
التى تجعلهما حريصان على حياته، وقد قرأنا
مؤخرا عن أكثر من أب قتل ابنه المدمن، ثم
األم التى سكبت الكيروسين على ابنها العاق
الذى كان يضربها كثيرا، فأحرقته.. الخ.
فهل سيرتدع »عشاق الذكور« عن اضطهاد
زوجاتهم ألنهن لم ينجبن الذكر.. هل
ستشفى عجائزنا وبعض الشابات أيضا من
داء كراهية النوع بل وكراهية النفس، ويبدأن
فى ترديد حكايات نجاح البنات وتفوقهن
التى تغشى األبصار وتظهر لكل ذى عينين
بصيرتين وعقل غير متحيز! متى نعيد لألنثى
كرامتها ونعلم الناس أن يرتضوا قضاء اهلل
وأن يثوبوا إلى رشدهم و يتوقفوا عن إيذاء
النفس باإلكثار من التناسل! بل إن السؤال
الذى ينبغى أن يشغلنا هو كيف ننقذ المرأة
من مصير »هاملت« الذى أصيب بالجنون
وتسبب فى قتل كل من حوله: أمه التى كان
يحبها إلى أقصى حد، وحبيبته أوفيليا البريئة
الجميلة التى كانت على استعداد ألن تفعل
أى شىء إلسعاده، ووالدها رئيس الوزراء،
وأصدقائه المقربين، وعمه الملك!
كيف نعيد الثقة واالعتزاز بالنفس إلى
األنثى، فتقف شامخة ترفض الضغوط عليها
وتعلن أن البنت والولد كالهما هدية من اهلل
الخالق العليم، وأنها ترضى بقضائه ومن
األجدى لها أن تبذل أقصى جهودها لرعاية
أبنائها، سواء كن بنات أو بنين.. بدال من أن
تدخل فى سباق األرانب!
ساحة النقاش