بقلم : د. رانيا شارود
"ولد الهدى فالكائنات ضياء، وفم الزمان تبسم وثناء"من أجمل ما قيل من أبيات شعرية فى مولد الهادى سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الإنسانية فقد تجلى بعبقرية أمير الشعراء أحمد شوقى بهذا البيت الشعرى، وتحدث هذه الذكرى العطرة فى النفوس طمأنينة وسكينة، فلقد كان مولد الهادى البشير ورسالته رحمة للناس أجمعين وهدى لهم للصراط المستقيم مصداقا لقول الله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"،ومن الأمور الباعثة للبهجة والسرور عندنا نحن المصريين وأعتقدأننا الشعب الوحيد المنفرد بها هى احتفالاتنا بمولدى سيدنا محمد وسيدنا عيسى عليهما السلام، فمن نوادر المصريين وأعتقدأنها سر قوتنا أننا نحتفل بالمولدين الشريفين سواء كنا مسلمين أو مسيحيين فنرى المصرى يشترى حلوى المولد المسيحي قبل المسلم بل و يتهادون بها، فهذا مسلم يشترى حلوى المولد ويهديها لجاره أو صديقه المسيحي، كما يحدث فى عيد الميلاد المجيد أن يقوم المسيحي بدعوة جاره أو صديقه المسلم على مائدة العيد. كم هى عادات طيبة وجميلة وسر من أسرار عظمة المصرى، كما رأينا أيضا أن الجندى المسيحي يقوم بمساعدة زميله المسلم فى الوضوء وحمايته أثناء الصلاة بل ومشاركته الصيام فى رمضان حتى لا يؤذى مشاعره، كم أنت عظيمة يا مصر بأبنائك، وكم ضرب الشعب المصري المثل فى التلاحم و الصمود أمام معاول الفتنة والفرقة التى حاولت ومازالت تحاول تمزيق الشعب وتفتيتهإلى طوائف وشيع وأحزاب، لكن هيهات هيهات أن ينالوا من هذا النسيج المتماسك المتلاحم بإذن الله، ولنا فى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة فى حسن المعاملةوحب الوطن والتمسك به وحمايته والتضحية من أجله والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، كما خص الرسول الكريم مصر وحدها دون بلدان العالم بالحديث عنها وأهلها وأننا فى ترابط إلى يوم القيامة حين قال:(ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لكم منهم ذمة ورحما) رواه مسلم، وقوله (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، قال أبو بكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة)، فنجعل من ذكراه العطرة شعيرة نحييها بتنفيذ تعاليمه السمحة والحض على نشر الحب والسلام والترابط وحب الوطن وإعلاء شأنه ونشر الخلق الكريم بين الناس ليعم السلام على البشرية بل ليتجاوز ذلك إلى كل الكائنات من نبات وحيوان وغيرها، فكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يوصى الصحابة عند مغادرتهم لغزوة ألا يقطعوا شجرة، ولا يهدموا صومعة يتعبد فيها عابد، ولا يروعوا امرأة أو طفلاأو مسنا،فكم كان رحيما رقيق القلب لينا، وما كان يعرض عليه أمرانإلا واختار أيسرهما، حتى فى صلاته فى المسجد كان لا يطيل فى الصلاة بل وصى من يؤم الناس فى الصلاة بأن يترفق ولا يطيل فمن المصلين من هو مريض أو مسن أو طفل وذلك رحمة بهم كما لا ننسى وصيته الكريمة بأقباط مصر حين قال صلى الله عليه وسلم: (إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة ورحما)، فمن صار على نهج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم و جعل من ذكراه العطرة نبراسا يهدى به وبخلقه الكريم ربح و فاز فوزا عظيما. ودعونا من الانسياق وراء شيوخ الفتنة ومدعى التدين الذين يسوقون الناس إلى التناحر والتشاحن وزرع الكراهية والبغضاء فيما بين الناس بعضهم البعض وإصدار الفتاوى الغريبة عن إسلامنا وعن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم و ما أنزل الله بها من سلطان، ويتقولون على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما لم يصرح به، ويتاجرون بالدين و آيات الله ويحرفون الكلم عن موضعه، ويفسرون الآيات كما يتماشى مع أهوائهم وما خفي فى نفوسهم المريضة، فوقانا الله من شرورهم وإياكم ونجانا من فتنتهم وما يفعلونه مع شبابنا وأولادنا من غسيل المخ وتغييب للعقول حتى يقودونهم إلى مهلكهم بدعوة الجهاد ومناصرة دين الله ويحرضونهم على معاداة بلدهم وجيشهم وهم والعياذ بالله شياطين الإنس والله ورسوله الكريم براء منهم، وينجينا الله جميعان فتنة المحيا والممات وكل عام والمصريين أجمع بخير ودائما تهب علينا النسمات العطرة المباركة من لدن عزيز حكيم ويجعلنا من عباده المتبعين لدينه ورسله الكرام عليهم جميعا وعلى نبينا أزكى الصلاة وأفضل التسليم.
ساحة النقاش