تحقيق: محمد الشريف
لم تكن إرادة المرأة الصلبة وحدها كافية للانتصار فى مسيرة نضالها من أجل نيل حقوقها السياسية، فقد كان لسان حالها فى مواجهة الثقافات الذكورية التى تعمدت النيل منها "لو أنى لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد"، ولأن الحق لابد له من قوة تحميه وتدافع عنه فقد كان إيمان القيادة السياسية بأهمية دور المرأة والذى اكتسبته بحبها الصادق لوطنها ودعمها المستمر له أثناء الأحداث السياسية التى شهدتها الفترة بعد الخامس والعشرين من يناير بمثابة الدرع الذى يحمى حقوقها والسيف الذى يحصد لها المكتسبات.
وعلى الصعيد السياسي كان للمرأة العديد من المكتسبات التى حصلت عليها خلال السنوات السبع الأخيرة والذى كان دعم الرئيس كلمة السر فى تحقيقها.
فى السطور التالية نستعرض أهم المكتسبات السياسية وتوصيف المرأة لها، وتطلعاتها للفترة المقبلة..
على الرغم من إنصاف الدساتير السماوية للمرأة وتأصيلها مبدأ المساواة بينها والرجل فى الحقوق والواجبات إلا أن قوانين الأرض أجحفت تلك الحقوق وهو الواقع الذى عاشته المرأة خلال الفترة ما قبل دستور 2014 ومدة حكم جماعة الإخوان، غيرأن الدستور الذى وضعته لجنة الخمسين أنصف المرأة فى مادته الـ 11 وفتح الباب أمامها لتقلد بعض الوظائف التي طالما تم استبعادها منها خاصة منصب المحافظ وبعض المناصب في القضاء، فضلا عن حقها فى تولى ربع مقاعد المجالس المحلية، كما وافقت لجنة تعديل قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية في يونيو 2014 على زيادة عدد مقاعد المرأة داخل القوائم من 3 : 5 مقاعد ما انعكس على تواجد المرأة تحت القبة.
وفى التعديلات الدستورية الأخيرة تضاعفت مكتسبات المرأة النيابية حيث نصت على تشكيل مجلس النواب من عدد لا يقل عن 450 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن ربع إجمالى عدد المقاعد بنسبة تصل إلى 25%.
المجالس النيابية .. تمثيل عادل وأداء مشرف
بعد الموافقة على الدستور الجديد بأغلبية كاسحة وتصدر المرأة صفوف الناخبين كانت الثمرة الأولى التى حصدتها حصولها على 15% من مقاعد برلمان 2015 والتى تعد النسبة الأكبر التى حصلت عليها المرأة منذ بداية الحياة النيابية فى مصر ليصل عدد النائبات إلى تسعين نائبة بين المعينة والمنتخبة.
وبعد الأداء المشرف للتسعين نائبة فى برلمان 2015 حازت النائبات على ثقة الناخبات فى الشارع المصرى ليتضاعف عددهن تحت القبة حيث بلغ عدد النائبات فى المجلس الحالي نحو 162بنسبة 27% من إجمالى 596 عضوا، وفى سابقة من نوعها ترأست النائبة فريدة الشوباشى الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب الجديد باعتبارها أكبر الأعضاء سنا وهو ما اعتبره الكثيرون بشرة خير ودليل على تمكين المرأة.
وفى مجلس الشيوخ حصدت المرأة عددا غير مسبوق من المقاعد ليصل عدد النائبات إلى 38 ما بين معينة ومنتخبة، كما فازت النائبة فيبي فوزى جرجس بمقعد وكيل المجلس لتصبح أو سيدة تتولى هذا المنصب.
حقائب وزارية .. ومناصب قيادية
بالنظر فى التاريخ المصرى نجد أن الحكومات المتعاقبة كادت تخلوا من النساء عدا عن تمثيل شرفى لهن فى حقيبة أو اثنتين، وهو ما اختلف جذريا مع الدور البارز الذى لعبته المرأة خلال الأعوام الأخيرة والتى حظيت خلالها بثقة القيادة السياسية وإيمانها بقدراتها على تولى مختلف المناصب،حيث تولت 8 سيدات حقائب وزارية مهمة فى التشكيل الوزارى الأخير ليصل عدد النساء اللائى تولين مهام حكومية خلال السنوات الخمس الأخيرة 13 وزيرة ما بين الموجودات والراحلات.
إيمان الرئيس بالمرأة وقدرتها بدا واضحا في قراره التاريخي بتعيين د. فايزة أبو النجا، أول امرأة مستشارة للأمن القومي ما يؤكد إدراك الدولة قيمة المرأة وما تستطيع تقديمه لوطنها، وكان إعطاؤها الفرصة فى تولى المناصب الإدارية ومراكز اتخاذ القرار إشارة لإدراك القيادة السياسية أهمية دورها فى تحقيق النهضة المنشودة، حيث تولت مناصب صاحبها وصف "للمرأة الأول" فكانت نادية عبده أول امرأة تعين كمحافظ فى تاريخ مصر حيث عينت كمحافظ للبحيرة، لتعين د. منال عوض ميخائيل فى العام التالى محافظا لدمياط،كما تولت د. غادة والى، منصب وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة للجريمة ومدير مقر المنظمة الدولية فى فيينا وذلك بعد توليها منصب وزير التضامن الاجتماعي،ووصلت المستشارة أمل عمار إلى منصب ممثلة مصر بانتخابات عضوية المجلس الاستشاري للاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد، كما وصلت المرأة لمنصب معاون وزير لترتفع نسبتها فى هذا المنصب من 17% عام 2017 إلى 27% في عام 2018،وفي عام 2019 وصلت نسبة تواجدها فىمنصب نائب محافظ31 إلى%..
العدالة فى أيدى ناعمة
لم يكن دخول المرأة مجال القضاء واعتلاء منصته بالأمر اليسير فقد شهدت هذه القضية فصولا متعاقبة من الجدل والصراع، لكن مع اقتحامالمرأة جميع المجالات وإثبات كفاءتها وقدرتها على العمل تحت أي ظرف وفى أيمكان بدى اقتحامها مجال القضاء ممكنا،فبعد سنوات من الإقصاء اعتلى الجنس الناعم منصات القضاء لتثبت 66 قاضية قدرتهن على شغل تلك المناصب، كما تم تعيين 6 سيدات نائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة، والمستشارة حسناء شعبان أول رئيس محكمة، كما كان ديسمبر 2020 شاهدا على تعيين د. فاطمة محمد أحمد الرزاز، عميدة حقوق حلوان نائب رئيس المحكمة الدستورية كثانى سيدة تتولى هذا المنصب، فضلا عن تعيين أول مساعدة لوزير العدل، وشغلتالمرأة مناصب فى وزارة الخارجية منها سفير ممتاز وسفير ووزير مفوض، ومستشار، وسكرتير أول وسكرتير ثان،كما عينت هيئة قضايا الدولة امرأتين في منصبىالأمين العام المساعد لشئون المرأة والعلاقات الإنسانية كأول مستشارة تتولى هذا المنصب فى تاريخ قضايا الدولة، والأمين العام المساعد لشئون الموظفين، بالإضافة إلى منصب مساعد وزير العدل في شئون المرأة والطفل، وأربع قاضيات منصة لمحاكم الجنايات، ورئيسللمحكمة الاقتصادية.
وكان القرار التاريخى الذى أصدره المجلس الأعلى للهيئات القضائية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي بتعيين المرأة في النيابة العامة ومجلس الدولة اعتبارا من أكتوبر 2021 انتصارا حقيقيا للمرأة فى معركة وصولها للنيابة العامة، حيث تم تعيين 26 قاضية جديدة في محاكم الدرجة الأولى، و28 سيدة في هيئة النيابة الإدارية فى مايو 2021كمديرات لنيابات الهيئة بالمحافظات في سابقة هي الأولى من نوعها، كما كلف رئيس الهيئة عددا من عضوات النيابة الإدارية لتمثيل الادعاء في المحاكم التأديبية لمجلس الدولة، وبلغ عدد عضوات هيئة النيابة الإدارية 1986 قاضية من إجمالي 4635.
أفكار غير مسبوقة
فى البداية تقول الإعلامية والنائبة البرلمانية هند رشاد: منذتولىالرئيسعبدالفتاحالسيسيحكمالبلادوضعسيادتهملفتمكينالمرأةكأهمأحداستراتيجياتبناءمصرالحديثةويسعىبكلماأوتيمنقوةلنصرتهامراهناعلىعظمتهاعبررسائلقويةفىكلالمحافلعندورهاالمحورىفىأىخطةبناءوطنية،فوقفبجانبهاوساندهاودعمهابانتصاراتغيرمسبوقةيفخرالتاريخبتسجيلهابحروفمننورويقفشاهداعلىأنحواءفىعصرالرئيسالسيسيكانتفىقمةعصرهاالذهبي، وكانت البداية بفكرة غير مسبوقة وهى إطلاق عام لها لتسليط الضوء على قدراتها وإمكانياتها وهو ما حدث مع الشباب وذوى القدرات الخاصة فى إشارة إلى أن تلك الفئات قادرة على العطاء وتمتلك من الإمكانيات ما يسهم فى تحقيق تنمية الوطن لكنهم ليسوا قادرين على إيصال أصواتهم وعرض أفكارهم، ويكفيشرفاأنهاستطاعتغييرثقافةالمجتمعبإرادتهالسياسيةوقدرتهعلىدعمالمرأةوتوليهاالمناصبالقياديةفىمختلفالمواقعالتنفيذية، مؤكدة على أن المناصب التى وصلت إليها المرأة وما حصدته من مكتسبات إنما هى حقوق شرعية كفلها الدستور وأعاقتها الثقافات الذكورية والتى لانت صلابتها أمام وعى الرئيس بأهمية دور المرأة وإصراره على تنفيذ وعده بتمكينها فى مختلف المجالات، ومناشدة المرأة بالحفاظ على ما حققته من مكتسبات من خلال صقل مهاراتها ورفع مستواها التعليمى والانخراط فى العمل العام منذ وقت مبكر باعتباره المؤهل الأول لتولى أعلى المناصب.
إنجاز حقيقى
تقولالنائبة البرلمانية سناءالسعيد،ورئيسلجنةالمشاركةالسياسية بالمجلسالقوميللمرأة: نالت المرأةوتحديدافيالسنواتالأخيرةتمكيناسياسيافيكافةالمجالاتعدا أماكنظلتحكراعلىالرجالفقط،فقدرأيناهابنسب مشرفة بالمجالسالنيابيةوالحكومة،وتمكسرالسقفالزجاجيللوظائف فأصبحتمحافظاونائبوزيرووزيرةوالفضلفيذلك للقيادةالسياسيةالتيدائماماتثنيعلى المرأة وتهتمبتمكينها،لكنماكانينقصهاهوالتمكينفيالسلكالقضائي وهو ماناضلنا كثيراً للوصول له، وأذكر أنه عندما رفضت الجمعية العمومية لمجلس الدولة تعيين المرأة قاضية بالمجلس عام ٢٠١٠ وكنت وقتها أمينة اتحاد النساء التقدمي بأسيوط نظمت وقفة أمام مقر حزب التجمع بساحل سليم وأخرىأمام مجلس الدولة بالمحافظة وقابلت نائب رئيس المجلس ورئيس محكمة القضاء الإداري بأسيوط وقتها، لذا أرى أن توجيهات الرئيس بتعيين قاضيات بمجلس الدولة استكمالاً لإيمانه بدور المرأة وسعياً لإنصافها في جميع المجالات، وتأكيدا علىالتمكينالكامللها عبرمسيرتهاوالذىتحققعلىيدسيادة الرئيس.
نقلة نوعية
أعربت النائبةد. رشاإسحقعضومجلسالشيوخعنحزبحماةالوطنوأمينسرلجنةحقوقالإنسانوالتضامنالاجتماعىبالمجلسعن شكرها للرئيسعبدالفتاحالسيسىعلىالنقلةالنوعية لمكانة المرأة التى أحدثها إيمانه الحقيقى بدورها وقدرتها على المشاركة فى رسم السياسات واتخاذ القرارات، وتقول: حصلتالمرأةلأولمرةفىتاريخهاعلىنسبة ٢٧ ٪ منمقاعدمجلسىالنوابوالشيوخ، و٢٥ ٪ منمقاعدالوزراءفىالحكومة،وتقلدتالعديدمنالمناصبالقياديةجاءأهمهاوآخرهاقرارتعيينهافىالنيابةالعامةومجلسالدولةبدءامنأولأكتوبرالجارى ليؤكدهذاالقرارأننانسير بخطواتسريعةفىتحقيقرؤيةمصر ٢٠٣٠.
وتستطرد: على الرغم مما حققناه من مكتسبات خلال السنوات الأخيرة والتى تعد طفرة حقيقية فى وضع المرأة داخل المجتمع إلا أننا نتطلع إلى مزيد من المكتسبات فى ظل القيادة السياسية التى تؤمن بقدراتنا وتعطينا الفرصة الحقيقية لإثباتها.
الثقافات الذكورية
وصفت د. دينا الجندى،عضوالمجلسالقومىللمرأة ما حصدته المرأة خلال السنوات الأخيرة من مكتسبات بالإنجاز الذى يرقى إلى مكانة الإعجاز، مؤكدة أن ما تحقق من مكتسبات لم يكن ليتحقق فى عقود لولا وقفتها الصامدة فى ظهر الوطن خلال الفترة التى أعقبت أحداث يناير 2011 ومشاركتها الفعالة فى كافة الاستحقاقات الدستورية والتى أكسبتها دعم القيادة السياسية، لافتة إلى أنه رغم صعوبة تغيير الثقافة الذكوريةالخاطئةالمترسخةفى المجتمع إلا أن التصدى لها والعمل على تغييرها بات ممكنا وفقاللإرادة السياسيةوالموادالدستورية،مشيرة إلى أن التمكينلميعديهدففقطإلىتحقيق المساواةبينالجنسينوإنماأصبحضرورةلتعظيم الاستفادةمنالطاقاتالإبداعيةالتىتتمتعبهاالمرأة لتحقيقالنمو.
وعن دور المجلس فى تحقيق التمكين السياسى للمرأة أوضحت الجندىأنه تم إطلاق العديد من البرامج والمبادرات فى هذا الصدد من بينها استخراج بطاقات الرقم القومى لسيدات القرى والريف لتمكينهن من الإدلاء بأصواتهن فى مختلف الانتخابات والاستفتاءات الدستورية، كما تم إطلاق برامج تدريبية للمرشحات على مقاعد مجلسى النواب والشيوخ، لافتة إلى أن المجلس بصدد تنظيم دورات تدريبة للفتيات والسيدات اللائى يعتزمن الترشح للمجالس المحلية.
ساحة النقاش