كتبت : سكينة السادات

 

عجيب أمر هذه الحياة، إنها لا تدوم لأحد! فالسعيد لا يظل سعيدا طول العمر ولا البائس يظل بائسا إلى الأبد؟.. السعادة لا تدوم والشقاء لا يدوم وقد قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الحكيم (لقد خلقنا الإنسان فى كبد)، وكبد معناها معاناة وآلام، ومنا من يتحمل آلامه ويحاول أن يتأقلم ويحلها ومنا من يستسلم ويزداد همه، وصاحبة حكاية اليوم قالت إنها كانت إلى وقت قريب تعتبر من السيدات المحظوظات فى هذه الدنيا وقد كانت تتمتع بصحة جيدة وحائزة على شهادة عالية ومنصب مهم وزوج طيب وابنة جميلة حتى أدارت لها الأقدار ظهر المحن وكان ما كان!

قالت لى السيدة نعيمة(54 سنة): نعم كنت أعتبر من المحظوظات فى هذه الدنيا فقد تربيت فى أسرة سعيدة أب وأم فى حالة هدوء واستقرار وحب وتعاون وأخ واحد وأخت واحدة أصغر منى سنا والكل موفق والكل يؤدى واجبه بمنتهى التفانى والحب، وكان التوفيق حليفنا فقد تخرج أخى وتوظف وتزوج وأنجب الإناث والذكور، وتزوجت أنا من رجل طيب لا يقل عن أبى طيبة والتزاما فى بيته وعمله، وتخرجت من الجامعة وتوظفت ورزقنى الله سبحانه وتعالى بابنة جميلة كانت نور عيني وعين أبيها، ألم أقل لك إننا كنا أسرة سعيدة بمعنى الكلمة؟ وحاولت مرارا وتكرارا أن آتى لابنتى بأخ أو أخت لكنها كانت مشيئة الله الذى لا راد لمشيئته، وقال لى الأطباء هنا وفى الخارج أن رحمي لن يستطيع أن يحمل طفلاً ثانيا وأنها كانت معجزة من الله سبحانه وتعالى أن أتم حملي فى ابنتى وجاءت جميلة وسليمة ومعافية وأنها معجزة من السماء، ألم أقل لك إننى كنت إنسانة محظوظة وقنعت بما رزقنى الله من فضله وكرمه، وكبرت ابنتى والتحقت بالجامعة فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ذلك لأنها كانت قد خططت لنفسها أن تكون سفيرة لمصر فى سائر دول، وكانت تردد أنها سوف تثبت للعالم أن المرأة تستطيع أن تكون دبلوماسية ماهرة بل أن العمل الدبلوماسى ......................

واستطردت السيدة نعيمة.. كان الناس ينظرون إلي كنموذج حى للمرأة المحظوظة فى بيتها مع زوج فى منصب كبير بالدولة وبيت جميل وهادئ، وأنا فى منصب كبير أيضا وابنتنا حازت الامتياز فى كليتها ثم اجتازت امتحان وزارة الخارجية وعينت فى ديوان الوزارة حتى يتم تدريبها وتعيينها فى إحدى سفاراتنا فى الخارج، ثم كان الحظ أيضاً فى جانبنا عندما تقدم لها شاب من أسرة محترمة يعمل سكرتيرا أول فى إحدى سفاراتنا بالخارج، فماذا يكون أحسن من ذلك؟ وتم زواج ابنتى الوحيدة واتمت تدريبها فى وزارة الخارجية وسافرت مع زوجها إلى مقر عمله بالخارج والتحقت بالعمل فى نفس السفارة التى يعمل بها زوجها، ونجحت نجاحا فائقا فى عملها الدبلوماسى وكنت أسعد بنجاحها هى وزوجها ورضاء كل الكبار عنهما، حتى كان أسعد خبر فى حياتى وهو أن ابنتى حامل فى شهورها الأولى وسجدت لله شكرا وحمدا فقد كنت أتوجس خيفه من أن تكون ابنتى قد ورثت عنى (الرحم الطفيلى) الذى لا يتحمل الجنين، وجاءت التقارير من البلد الأوروبي الذى يعملان فيه بأن الابنة بخير والجنين بخير والأمر طبيعى مائة فى المائة، وباختصار يا سيدتي كانت تلك قمة سعادتى، وازدادت سعادتى عندما سافرت إليها وحضرت مولدا منها أول حفيد لى وعدت إلى القاهرة بعد أن اطمأننت عليها وعلى مولودها الجميل والدنيا لا تسعنى من الفرحة وكنت أسجد لله سبحانه وتعالى حمدا وشكرا على كل النعم، ومرت السنوات بسرعة وكعادة الدبلوماسيين يقضون أربعة سنوات فى الخارج وأربعة فى الوطن وعادت ابنتى مع زوجها وابنها إلى القاهرة وساعدتها فى إعادة إعداد شقتهما الجميلة البسيطة فى التجمع، وكانا يعملان فى ديوان الوزارة وإلى هنا يا سيدتى وكان كل شيء ميسرا وجميلا حتى كانت المفاجأة الأليمة أو قولى الكارثة التى ألمت بنا، وبما أن المصائب لا تأتى فرادى فقد توالت الكوارث.. الأسبوع القادم نكمل لك الحكاية.

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 570 مشاهدة
نشرت فى 16 ديسمبر 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,829,858

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز