إشراف: أميرة إسماعيل - سمر عيد - أسماء صقر
يحتاج الإنسان إلى الراحة بشكل مستمر بعد فترة عمل طويلة ومرحلة عناء أو مشقة، لذا تعد إجازة منتصف العام فرصة لراحة الطالب من فصل دراسى كامل مليء بالمذاكرة والضغوط النفسية التى يعيشها بسبب الامتحانات، إلا أن بعض الأمهات يضغطن على أبنائهن لاستكمال دروسهم ومتابعتها خلال تلك الإجازة فما خطورة ذلك على الطفل ورغبته فى التحصيل؟ وهل يتسبب ذلك فى شعوره بالملل واستقبال الفصل الدراسى الثانى بطاقة سلبية؟
البداية مع شرين محمد، ربة منزل وتقول: اعتدت ألا أجعل أطفالي يدرسون في وقت الإجازة، لكن العام الماضي كان ابني الكبير بالصف الثالث الإعدادي، وخوفى من حصوله على مجموع لايؤهله للالتحاق بالثانوية العامة دفعنى للضغط عليهللدراسةخلال فترة الإجازة الصيفية،وكانت النتيجة إصابة ابني بسكر في الدم نتيجة الضغط والدروس الخصوصية والمجموعات والكتب الخارجية والامتحانات الكثيرة التي أجبرته على حلها في فترة الإجازة الصيفية،وتدهورت صحته بشكل ملحوظ ولجأنا إلى طبيب سكر كي يعالجه فأخبرني أن تعرضه لضغط وتوتر شديدينوعدم حصوله على قسط وافر من الراحة والاسترخاء سبب تدهور حالته الصحية.
أما نرمين إبراهيم، صاحبة محل أجهزة كهربائية فتعترف بخطئها عندما حبست ابنها في المنزل وأجبرته على المذاكرة في فترة الإجازة، وتقول: كنت أخشى ألا يحصل على مجموع كبير يؤهله لدخول كلية جيدة،وكانت النتيجة أنني تفاجأت بهروبه من المنزل بعدما جمع ملابسه،وكدت أجن عندما لم أجده عند أي من أقاربي وقد أغلق محموله،وقبيل انتهاء الإجازة الصيفية اتصل بي وأخبرني أنه مع بعض أصدقائه في الإسكندرية،من وقتها تعلمت ألا أجبر أي ولد ولا أية فتاة من أطفالي على المذاكرة في الإجازة.
وتقول منى إسماعيل، معلمة لغة إنجليزية بإحدى المدارس الخاصة: أجبرت ابنتي الكبيرة على البدء مباشرة في الاستذكار بعد نهاية امتحانات الصف الثاني الثانوي استعدادا للعام الثالث،واتفقت مع مدرسين في مجموعات مدرسية للبدء معها في شرح المواد دون إعطائها فرصة للراحة ولا الاستجمام ولا لالتقاط الأنفاس من امتحانات،وفوجئت بابنتي تصرخ ذات يوم دون سبب وأغلقت على نفسها غرفتهاوحاولت الانتحار وأنقذتها أنا وأبيها وركضنا إلى أقرب مستشفى حيث قام الأطباء بعمل عملية جراحية سريعة لإنقاذ حياتها.
مخاطر صحية وخلل في الهرمونات
يوضح د. جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة واستشاري الطب النفسي أن عدم السماح للأطفال بالحصول على إجازة وراحة والفصل بين عامين دراسيين أو بين فصل دراسي وآخر تكون نتيجته كارثية على المستويين الصحي والنفسي،ويقول: إذا تمالضغط على الطفل أو المراهق ولم يحصل على وقت كاف للنوم والراحة واللعب فهذا يتسبب في زيادة نسبة هرمون "الإدرينالين"في الجسم الأمر الذي سيترتب عليه عدم التركيز والتشتت وانقباض الأوعية الدموية والشعور بالحزن والاكتئاب، وربما الإصابة ببعض أمراض الدم مثل السكري وضغط الدم،كمايتأثر القلب أيضا بزيادة هذا الهرمون الأمر الذي قد يؤدي إلى إصابته بالأمراض النفسية العضوية (كالقولون العصبي) وأنواع مختلفة من الحساسية الصدرية والجلدية وسقوط الشعر،ومادة (الدوبامين) أو مايسمى (بهرمون السعادة) تفرز عندما يكافئ الإنسان نفسه أو يكافأه غيره، ويعتبر الأطفال والمراهقون فترة الإجازة مكافأة لهم على أدائهم في العام أو الفصل الدراسي السابق،واللعب والاستمتاع والتنزه وكل عمل يسعد الإنسان يعمل على زيادة مادة "الدوبامين"التى يتسبب نقصها فى خلل بوظائف الجسم الحيوية ويؤدي إلى ارتعاش اليدين والأقدام وفقد الثقة بالنفس، كمايؤدي إلى مايعرف بمرض "باركنسون"الشلل الارتعاشي.
التطوير مهم
تشيد د. سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس بتغيير مناهج وزارة التربية والتعليم الذى أجراها د. طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، وتقول: كانت المناهج الدراسية القديمة تربك الأسرة المصرية وتجعلها تنفق نصف دخلها تقريبا على الدروس الخصوصية وتربك نفسية الطالب وتجعله يدرس في الإجازة والدراسة حتى يستطيع حفظ المناهج لذا كان تغيير فكر الطالب من الحفظ إلى الفهم وضرورة إعمال العقل والبحث عن المعلومة ضرورة ملحة.
وتنصح د. سامية باستغلال الإجازة في التثقيف وممارسة الهوايات الممتعة مثل ممارسة الرياضات المفيدة للجسم والتي تنشط العضلات والعقل معا،أو عزف الموسيقى والغناء أو الكتابة والشعر والتمثيل، وتقول: علينا أن نبحث داخل أبنائنا عن مواهبهم ومميزاتهم ونشجعهم على إتقان مايحبونه،وإذا كانت هناك بعض الأمهات يرين ضرورة الدراسة في فترة الإجازات نظرا لطول المناهج الدراسية فعليهن من وقت لآخر منح الطالب إجازة ولو قصيرة حتى يستطيع الاستيعاب،وألا تصبح الإجازة مجرد امتدادا لفترة الدراسةبحيث لايستطيع الطالب التقاط الأنفاس ولا الترفيه عن نفسه ولا الراحة والنوم.
ساحة النقاش