اشراف : ايمان عبدالرحمن - سماح موسى- شيماء أبو النصر- جلال الغندور - أماني ربيع- هدى إسماعيل
"وراء كل باب مغلق أسرار لا يعرفها أحد"تلك هى حقيقة الأسر التى قد نراها تعيش أسعد لحظات حياتها لكنها فى الحقيقة تعانى أشد معاناة، فالبوت أسرار.
بيوت يسودها الصمت وتعلوها الكآبة وتسيطر الرتابة والعزلة على العلاقة بين طرفيها – الزوجين - اللذين اتخذا قرار الانفصال داخليا مع البقاء على الشكل الاجتماعى لعلاقتهما الزوجية بهدف الحفاظ على الأطفال وتجنب تشردهم أو تخيرهم بين العيش مع أيهما، وهو ما يعرف علميا بالطلاق الصامت، لكن هل يعد هذا الطلاق علاجا للخلافات بين الزوجين؟ وهل يجنب الأطفال تبعات الانفصال المعلن؟ هذا ما حاولنا التعرف عليه من خلال مناقشة عدد من المختصين فى الطب النفسى وعلم الاجتماع..
في البداية يؤكدد. طارق نصار،أخصائي الطب النفسيأن الطلاق الصامت أو النفسي نوعين، الأول اتفاق ما بين الطرفين وفق إراداتهما وبعلمهما الكامل، أما الثاني فيكون من أحدهما دون علم الطرف الثاني، ويتمثل في شعور الطرف الأول بعدم الرغبة في استمرار العلاقة الزوجية والنفور من الثاني ما يؤدي لبعده وتجنبهبشتى الطرق.
ويقول: إذا كان الطرفان واعيان للطلاق النفسي أو الصامت فإنهما يتحاشيان أي حديث أو انفراد بينهما، أما بخصوص النوع الثاني فإن كانت المرأة هي الطرف الواعي فإنها تلجأ لتجنب زوجها بحجة الأولاد والتعب الجسدي وعدم رغبتها في التحدث، أما لو كان الزوج هو الطرف الواعي بالطلاق النفسي فإنه يلجأ غالبا "للهروب المكاني"، فيحاول دائماأن يبقى معظم الوقت خارج المنزل، وللطلاق الصامت آثاره النفسية الخطيرةلكن التبعات النفسية للنوع الثانىأشد تأثيرا على الطرف الواعي الذي يعيش ضغوط نفسية مستمرة بسبب حرصه على الانفصال النفسي والجسدي عن الطرف الثاني في الوقت نفسه الذي يحرص على عدم إيصال تلك الحقيقة للطرف غير الواعي.
ويتابع: أما بخصوص الآثار النفسية للنوع الأول من الطلاق الصامت فتقع بشكل أكبر على الطرف الثالث في العلاقة وهم الأولاد لأنهم لا يشاهدون بين أبويهما سوى الصمت المستمر أو الخلاف الشديد ما يؤثر عليهم بالسلب سواء من الناحية التربوية أو النفسية.
تبلد المشاعر والاكتئاب
يتفق مع الرأي السابق د. مصطفى حسين، استشاري الطب النفسي ويقول: من الطبيعي أن ينشأ الأولاد في جو أسري سليم يتمثل في أمتحتضنهم وأب يرعاهم، وسط جو من الألفة والتفاهم بين الأبوين، وهذا كله عكس ما يحدث في الأسرة التي يقع بها الانفصال العاطفي بين الأبوين، وهو ما ينعكس نفسيا على الأطفال ما يجعلهم أكثر عرضة للأمراض والاضطرابات النفسية كفقدان الثقة في النفس والعجز عن اتخاذ القرار وربما يصل الأمر لانفصام الشخصية.
ويكمل د. حسين حديثه:حالة الصمت وعدم التواصل التي تسود بين الزوجين المنفصلين نفسيا وعاطفيا تؤثر أيضا عليهمافتصيبهما بدراجات متفاوتة بتبلد المشاعر والعواطف وتجعلهما أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والنوبات الانفعالية، بالإضافةإلى أنأحدهما أوكلاهما قد يلجأ للاستهزاء والسخرية من الطرف الآخر ومحاولة التقليل منه وجرح مشاعره بشكل مستمر، وترجع أسباب هذا الطلاق إلى غياب التفاهم بين الزوجين سواء بسبب الفارق العمري الكبير بينهما أو تفاوت المستوى المادي أوالاجتماعي، كما أن تدني وعي الزوجين وعدم قدرتهما على حل المشكلات يلعب دورا أساسيا للوصول لتلك النتيجة، وكذا عدم التوافق في الطموح والطباع والميول، والعصبية والخلافات المستمرة، وقد يكون تدنى المستوى الاقتصادي وعدم قدرة الزوج على دفع مصاريف الطلاق،بالإضافة لنظرة المجتمع السلبية للمطلق والمطلقة فكل هذا قد يؤدي للوصول للطلاق العاطفي أو النفسي.
الأصل المودة والرحمة
أما د. رشا محمد أستاذ علم الاجتماع فتقول: الأصل في الزواج أن يكون مودة ورحمة بين الطرفين كما قال الله في كتابه العزير "من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها"، وفي غياب تلك السكينة والرحمة والمودة يغيب المعنى الأصلي للزواج، ولأن الأسرة هي الوحدة الأساسية المكونة لأي مجتمع فيجب أن تكون تلك الوحدة سليمة ومبنية على أساس صحيح لضمان سلامة المجتمع كله، والشكل الأمثل لأي أسرة أن تكون العلاقات داخلها علاقات صحية قائمة على التفاهم والتآلف والاحترام بين كل الأطراف.
وتؤكد د. رشا أن الأسرة التي تربي طفلاينشأ وهو يرى العلاقة بين أهم شخصين في حياته وهما أبواهمشوهة تنتج أطفالا مشوهين نفسيا واجتماعيا على قدر ما شاهدوه من تشوه في علاقة الأبوين، وأن هؤلاء الأطفال هم الأكثر عرضة لأن يصبحوا أفرادا لديهم الرغبة في تدمير وإيذاء من حولهم، ومن هنا ينشأ مجرمي الغد.
ساحة النقاش