كتبت : سكينة السادات
يا بنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئى الدكتور عاطف -28 سنة- فقد قال إنه ليس دكتورا فى الطب أو العلوم بل هو دكتور فى الهندسة والبناء, وهو صاحب الكثير من الجوائز بدبى منحت له عن مشروعاته واختراعاته الناجحة التى تستفيد منها البلاد, والتى أعجب بها الكثير من الهيئات الهندسية العالمية, وقال إن ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى بعد أن كاد ييأس من رحمته, فقد أصيب بمرض شلل الأطفال وهو فى سن الرابعة من عمره, فانعزل عن الأطفال الذين فى نفس عمره إذ نتج عن الإصابة بالمرض القاسي عرج فى ساقه وذراعه اليمنى, وكان الأطفال يتشاجرون معه ويقولون له يا أعرج, وكان يتألم, لكن قرر أن يتفوق فى دراسته وينال أعلى الدرجات وضحى والده ووالدته بالكثير من أجل استمرار دراسته هو وإخوته, ويقول إنه نشأ وهو لا يعرف عن والده سوى أنه بائع فى محل خردوات, ويكون لزاما متواجدا فيه من التاسعة صباحا حتى منتصف الليل, وعندما تأكد والده من تفوقه ونجاحه فى الدراسة قرر أن يكافح ويستدين أحيانا حتى يكمل الأبناء الثلاثة تعليمهم, وبالفعل وبحمد الله وبشكره تخرجنا نحن الثلاثة والتحقنا بالأعمال, وقررت أنا مواصلة الدراسة حتى أنال الدكتوراه بعد الماجستير, ونفذت ونجحت والحمد لله, وقال الدكتور عاطف إن إصابته بالمرض وهو العرج قد تسبب فى إصابته أيضا بالانطواء وحب العزلة منذ الصغر واستمرار ذلك حتى انتهاء الدراسة الجامعية, وقال إن علاقاته بالجنس اللطيف بالجامعة وفى العمل لم تخرج عن نطاق الصداقة أو الزمالة سواء فى النادى الذى نلتقى فيه وأصدقاؤنا ونمارس فيه مختلف الألعاب, وفيه قابلت مجموعة فتيات جميلات وثريات ومنهن سماء ووالدها من أثرياء مصر وجمالها يضرب به الأمثال فى النادى, وبالطبع تهافت الشباب على خطبتها فضلا عن كونها جميلة وثرية فهى تتمتع بأخلاق محترمة وسلوك مهذب تجاه كل الناس, وبالطبع لم أتحرك حركة واحدة نحو مصادقتها أو التواصل معها بمفردها, فكل اللقاءات التى حضرتها معها فى نطاق المجموعة والأصدقاء وهذا هو الطريق الذى أسير فيه لأننى أعرف جيدا قدر نفسى, وقديما قالوا "رحم الله امرئ عرف قدر نفسه", أعرف أننى فقير من أسرة فقيرة ولست من الأوساط العالية, وفوق كل ذلك فإننى كشاب لست وسيما بالمرة, فأنا أسمر اللون (تقاطيع) وجهى تنم عن فلاح أو صعيدى, وفعلا أسرة والدى أصلا من الصعيد وهو يفتخر أنه صعيدى الأصل.
واستطرد الدكتور عاطف أضيفى إلى كل هذه السلبيات فى نظرى أن أنظر إلى صديقة النادى سماء الجميلة وأنا القبيح, وأنا الأسمر ذو الأنف الكبيرة والشفتين الغليظتين, وهي التى تمشى مثل الغزال الجميل, وأنا الأعرج الذى أحيانا لا أستطيع أن أمشى أحيانا مترا واحدا.
سماء التى كانت ولا تزال فتاة أحلام كل شباب وشيوخ النادي من الرجال تترك كل هؤلاء وتفضلنى أنا عليهم وتخصنى بكلامها وحوارها وتحرص على أن تجلس بجانبى فى أى اجتماع أو فى الندوات, واسمع البعض يتحدث بغضب عنى وعنها فيقولون: هي عاجبها إيه فيه؟ لا مال ولا جمال ولا أصل عريق دى مجنونة فعلا! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أننى لم أسمع أى شىء حتى كان يوم عيد ميلادها وذهبت مع شلة النادى وكان حفلا جميلا في فيلا والدها بالمعادى, وفى نهاية الحفل كانت هناك مفاجأة هى طلب والدها أن أطفئ الشمع معها, وتعجبت! فقال لى سماء تذكرك عندنا بكل خير ونعرف عنك كل شىء تفضل, وكاد أن يغمى علي من الدهشة, وفعلا تماسكت وأطفأت معها الشموع, والسؤال يا سيدتى هل هذه دعوة من والد سماء لكى أتقدم لخطبتها؟ وهل معقول أنهم يعرفون أننى أعرج وفقير وأسرتى متواضعة؟ لماذا تخطبنى جميلة الجميلات رغم كل هذه المساوئ أو قولى النواقص؟ ولماذا رفضت عشرات الخطاب من النادى وغيره؟ أنا لا أريد أن يعايرنى أحد بفقرى أو بعرجى, ونسيت أن أسألك حتى لو وافقوا أهل سماء على خطبتها لى من أين آتى بالمال لشراء شبكة ودفع مهر وشراء شقة للزوجية؟
ربما تكون سماء قد تعلق قلبها بك لأنك الشاب الوحيد الذى لم يتهافت على معرفتها أو خطبتها, أو تكون معجبة بتفوقك العلمى وشهادتك العلمية, تشجع واسألها وأنتم فى النادى عن معنى هذه الدعوة, فإذا قالت سماء أنهم يعرفون كل شىء عنك ويريدون أن تتقدم لخطبتها فهذا خير وسعادة من عند الله لك, أو قالت إنها فقط معجبة بأخلاقك.
ساحة النقاش