بقلم: د. حنان سليمان

لأن رمضان شهر عبادة وصوم وتقرب لله، وموسم للطاعات وجوه مليء بالروحانيات فهو يبعث بالنفس البشرية العديد من الأخلاقيات والقيم المهمة وفى مقدمتها العلاقات الأسرية التى تقوى خلال أيام هذا الشهر الفضيل، وأتذكر فى طفولتى كيف كانت تجتمع الأسرة بل العائلة الواحدة على مائدة رمضان منتظرين سماع دوى مدفع الإفطار بالإذاعة، وكيف كانوا يجلسون لمتابعة الفوازير والمسابقات الدينية التى كانوا يتسابقون على حلها والإجابة على أسئلتها، إنها لمة العائلة التى قلما تحدث سوى فى رمضان!

لمة.. فى رمضان تمتلئ أجندة المواعيد بالزيارات العائلية خلال شهر رمضان من أول دعوات الإفطار والسحور التي نحصل عليها من أفراد العائلة والأصدقاء المقريبين منا والبعيدين، وبالطبع رد هذه العزومات بدعوات أخرى للإفطار والسحور، وبالرغم من أن هذه العزومات مجهدةلربة المنزل ومرهقة لجيوبنا لكنها فرصة رائعة للتجمع مع أفراد العائلة الذين لا نراهم كثيرا بسبب مشاغل الحياة، فمنهم من لا نراهم سوى في رمضان، ونسعد جدا بلقائهم ورؤيتهم، وفي الليلة السابقة لبداية الشهر الكريم نتصل بهم لنهنئهم برمضان.

ومن القيم التى ينميها رمضان فى الإنسان قدرة النفس على المقاومة وزيادة التقوى وتفهم المصاعب التي يمر بها الفقراء والمساكين بالصوم عن الطعام والشراب، كذلك مقاومة التصرفات السيئة والألفاظ الخاطئة، فهذا الشهر له قوة دينيةلكن إضافة للمعنى الديني له تأتي الأهمية الاجتماعية له خلال 30 يوماً حتى عيد الفطر، فنجد في رمضان العديد من القيم والمظاهر الاجتماعية المختلفة، ومنهاإدراك معنى الجوع الذي يتعرض إليه من هم أقل حظا منا، وبالطبع يتغير أداؤنا ونهتم بهم أكثر فلا يوجد وقت في العام يصبح فيه المصريون أكثر كرماوإحسانا من رمضان، آلاف من شنط رمضان يتم تحضيرها، وآلاف من موائد الرحمن تنتشر في الشوارع والأركان، والكثير من حقائب التبرع بالملابس تذهب إلى الفقراء.

أما بالنسبة للأطفال فيعد رمضان وقتا ساحرا ورائعايجوبون فيه الشوارع بالفوانيس وينشدون الأغانى التى تربى عليها أجيال أمثال من قبيل وحوى يا وحوى، فضلا عن أنهم يستمتعون بالتجمعات العائلية، والسهر واللعب والاستمتاع بمحبة المحيطين بهم، كما يعد رمضان تجربة فريدة يعيشها المصريون والتى لا تفرق بين مسلم أو قبطى، فالأخير لا يأكل أمام المسلمين في نهار رمضان مراعاة لحالة صيامه، كما يشارك جيرانه من المسلمين فى تزيين الشوارع بالزينة الرمضانية والفوانيس المضيئة ليؤكد الشهر الفضيل على أسمى القيم الإنسانية وهى الوحدة والتماسك بين أطياف الشعب.