إيمان العمري
أصحابي الأعزاء صديقتنا فريدة كانت تجلس بجوار جدتها وهي تشاهد الفيلم العربي القديم "مدرسة البنات" بطولة نعيمة عاكف، وكمال الشناوي، والفيلم ينتمي لنوعية الأعمال الخفيفة التي تعتمد على الاستعراضات في المقام الأول، وقصته تقليدية عن طالبة في مدرسة داخلية تقع في حب فنان شهير لكن عمها الصعيدي يقف ضد قصة الحب تلك مدعيا التمسك بالتقاليد وأنها يجب أن تتزوج ابنه، لكن الحب ينتصر في النهاية.
تعجبت فريدة من حب جدتها لهذا العمل البسيط، فأجابتها أن رغم بساطة العمل فقد ضم عددا كبيرا من النجوم، هذا غير الاستعراضات التي تميزت بخفة الظل، كما أن الفيلم لا يخلو من مناقشة قضية مهمة جدا لا تزال موجودة بأشكال مختلفة وهي ارتداء عباءة المحافظة على التقاليد والقيم والعادات والتي تخفي خلفها أغراضا دنيئة، فالعم الذي يدعي المحافظة على شرع الصعايدة كما يدعي ويريد أن يزوج ابنة أخيه اليتيمة إلى ابنه ويحرمها من حبيبها هو في الحقيقة يسعى للاستيلاء على ميراثها، ولكنه يغلف ذلك بغلاف من الشعارات الجوفاء، ولو ركزنا قليلا في المحيطين بنا سنجد نموذج هذا العم يتكرر في أماكن كثيرة ويرتدي كل مرة قناعا مختلفا من القيم النبيلة أو التقاليد التي يجب التمسك بها لكنه في الحقيقة لا يسعى إلا لمصلحته الشخصية والاستيلاء على حقوق الآخرين.
ابتسمت الحفيدة لجدتها مؤكدة أنها تزايدت في تفسير قصة الفيلم ولا تعتقد أنه حتى صناع العمل كانوا يقصدون ذلك، هنا قاطعتها الجدة بأن هذا يعكس الجمال الحقيقي للفن الأصيل، نجده يناقش أصعب القضايا وأعقدها بتلقائية وببساطة قد يراها البعض أنها أقرب إلى السذاجة لكنها في الحقيقة مناقشة جادة نابعة من الواقع.
ساحة النقاش