كتبت: سمر عيد
عالم آخر يقبع خلف أسوار الجامعة يحلم به الكثير من الطلاب، يرونه فرصة للتحرر بعد أن كانوا سجناء طيلة مدة الثانوية العامة التي مثلت كابوسا زرع الرعب في قلوبهم، لكن هل الحياة الجامعية وردية كما يظن الكثير من الطلاب أنها مجرد لعب ورحلات ومساحة حرية وفرصة لإقامة علاقات عاطفية أم مرحلة تتعاظم خلالها المسئولية؟ وما المنظور الصحيح الذي ينبغي توصيله الأبنائنا عن الجامعة؟ وما الضرر الذي يمكن أن يقع على الفتاة والفتق في الجامعة جراء العلاقات العاطفية المندفعة والمتهورة غير المحسوبة؟ وكيف ينظر الشباب والفتيات والأمهات والآباء لهذه العلاقات؟
في البداية يقول أحمد محمد عبد الرؤوف، طالب بكلية هندسة قسم هندسة زراعية بجامعة سوهاج: للأسف يرى بعض الطلاب أن الجامعة فترة للتسلية وتمضية الوقت بصحبة فتيات ربما لا ينظرون إليهن نظرة جدية، وأغلب الشباب الذين يقيمون علاقات عاطفية بالجامعة لا يرتبطون بشكل رسمي بهؤلاء الفتيات في النهاية لكن بعض هذه العلاقات تكون ناجحة، والفتاة تستطيع أن تفرق بين الشاب الجاد الذي ينوي الارتباط بها ومن يتسلى بها وبمشاعرها من خلال أسلوب حديثه معها وعلاقته مع بقية الفتيات وتعامله مع أساندنه وزملائه، فالإنسان الذي يتمتع يخلق حسن ويحترم الجميع ويسعى لإيجاد فرصة عمل ويأخذ الحياة بمحمل الجد ويطلب منها مقابلة والدها أو التعرف على والدتها يمكن أن تثق به، أما من يدعوها للحفلات والسهرات ويطلب الخروج معها بمفردهما فعليها أن تشك في سلوكياته على الفور وتبتعد
عنه حتى تسلم. أما محمد طالبة بإدارة أعمال بإحدى سهي الجامعات الخاصة فلا تعتبر المشاعر والعلاقات العاطفية خلال سنوات الجامعة علاقات جادة لعدة أسباب ذكرتها لنا قائلة: هذه العلاقات لا تأخذها الفتاة على محمل الجد عادة، فهي مجرد تسلية وتضييع الوقت، لأن الفتاة ببساطة تنظر إلى زميلها في الجامعة على أنه صغير السن وشاب مندفع وليس لديه وظيفة أو دخل ثابت وأن أمامه سنوات كثيرة حتى يستطيع توفير منزل وشبكة ومتطلبات الزواج، وطبعا الفتيات اللواتي ينجرفن في هذه العلاقات تكون العواقب سيئة فيما بعد فإما أنها ستقع في براثن شاب. يسيء إلى سمعتها، وقد تجد شابا جادا فعلا يود الزواج منها لكنها تغير رأيها فينتقم منها لأنها جعلته يحبها ويرتبط بها ولم تكن هي شخصيا جادة في علاقتها به، وعموما أغلب هذه العلاقات غير جادة ونادرا ما نجد علاقة عاطفية جادة بالجامعة وأغلبهم ممن يستطيع أهلهم مساعدتهم في
الزواج وتكوين أسرة أو بعض الطلاب والطالبات المعتمدين على أنفسهم والذين يعملون في فترة الدراسة ويسعون للاستقلال الحقيقي عن الأهل ويقول طارق سعيد، مهندس مدني وأب لشابين للدخول فى علاقات عاطفية خلال فترة الدراسة عواقب غير محمودة فيما بعد. فالفترة العمرية التي يلتحق بها الشباب والفتيات بالجامعة مرحلة حرجة حيث إنها نهاية فترة المراهقة وبداية الشباب ولدي ولدان أحدهما بكلية الطب والآخر بالهندسة، وهما يأخذان الحياة الدراسية بجد نظرا لصعوبة كليتهما. وكلما كانت الدراسة صعبة انصرف الطالب عن العلاقات العاطفية، وقد يغير الشاب رأيه في فتاة اختارها في الجامعة بعدما ينضج ويتخرج ويعمل وكذلك الفتاة ومن ينشغل بالعلاقات العاطفية سيفشل دراسيا وعاطفيا لأن العلاقة العاطفية ستشغله عن الدراسة.
ویری محمود نور الدین طالب بالفرقة الأولى طب بشري بجامعة سوهاج أن طبيعة الدراسة بالكلية هي التي تفرض على الشخص طبيعة العلاقات، ويقول: طلاب الطب ليس لديهم وقت كي يتناولوا طعامهم نظرا لصعوبة الدراسة، وكذا طلاب الكليات العملية وبعض الكليات النظرية أما بالنسبة لبقية الكليات فريما تكون الدراسة صعبة أيضا لكن يمكن للطلاب الاستغناء عن المحاضرة أو شراء الكتاب وقراءتها في المنزل بعكس طلاب الكليات العملية والصعبة التي تفرض علیہم طبيعة دراستها عدم الانشغال بأمور
أخرى؛ لذا يجد طلاب الكليات النظرية السهلة فرصة لترك المحاضرات والبحث عن العلاقات العاطفية والمهاترات التي لاجدوى منها. غياب التوجيه الأسري يوجه د. السيد أحمد محمود صقر، أستاذ علم النفس التربوي بكلية التربية بجامعة كفر الشيخ النظر إلى ضرورة توعية الأبناء قبل دخول الجامعات والتنبيه على ضرورة الاهتمام بالدراسة أولا وقبل كل شيء، ويقول: مع الأسف الشديد نجد أن أكبر نسبة رسوب للطلاب والطالبات تكون في السنة الأولى من الجامعة نظرا لعدم استعداد بعض الطلاب للحياة الجامعية وصدمتهم بالعام الدراسي الأول بمجتمع الجامعة المفتوح، ودعينا نتوقف عند بعض الأمور التي تشكل أزمات بمرحلة الدراسة الجامعية وأولها نقل وسائل الإعلام والأفلام والدراما التلفزيونية صورة خاطئة عن مجتمع الجامعة حيث تركز الكثير من الأعمال الفنية على العلاقات العاطفية بين الطلاب، بالإضافة إلى عدم التوجيه الأسري وشعور الوالدين أن ابنهم قد كبر ولم يعد باحتياج إلى التوجيه والإرشاد والتابعة، أيضا من المهم التنبيه على أن الطلاب في مرحلة الجامعة في نهاية مرحلة المراهقة والتي تتميز بالتذبذب العاطفي: فهم لا يعرفون ما يريدونه بالضبط، كما أن الجامعات تكون ملتقى لكل الثقافات حيث يلتقي أبناء المدن بالأرياف وبالمحافظات فهي تمثل المصريين جميعا بتعدد ثقافاتهم وتقاليدهم وهذا أمر يكون صعب بالنسبة لبعض الطلاب، ومن
الجيد طبعا أن تعتمد بعض الكليات اختبارات القبول للطلاب جميعا قبل الحاقهم بالكلية التي يرغبون الالتحاق بها، وأفضل طبعا عمل توجية وإرشاد نفسي وتربوي لطلاب سنة أولى جامعة حتى نتجنب الكثير من المشاكل فيما بعد. ندق جرس الإنذار تقول د. نورا رشدي، أستاذة علم الاجتماع ووكيلة معهد الخدمة الاجتماعية سابقا: دعيني أخبرك أن بعض العلاقات العاطفية بالجامعة يكون الهدف منها الاستغلال المادي أو الدراسي وتنتهي تماما بانتهاء الدراسة الجامعية وهذه كلها أمور مرفوضة، لذا أدعو كافة الطلاب للمشاركة بالمعسكرات الشبابية والأنشطة الجامعية المختلفة التي تفرغ طاقتهم، وربما ترشدهم إلى فرص عمل بالمستقبل، وكذلك التدريبات العملية التي تجعلهم متفوقين في مجالهم، وطبعا لكل جيل وجهة نظر تحترم لكن الجامعة مكان للعلم وليس للتباهي أو الحب
ساحة النقاش