كتبت: سمر عيد
يعد المصريون من أكثر الشعوب احتفالا بالأعياد، فعلى مدار العام يتم الاحتفال بالعديد من الأعياد وتتبادل التهاني والتحية، وعلى الرغم من اختلاف الأعياد ما بين مسلم ومسيحى لكن لا يختلف الحب والمودة فالكل يحتفل ويفرح بالعيد، وتتفتح الأبواب وتتبادل التهانى والحلوى وتتشابك الأيادي بحب وسلام، وكلها عادات وتقاليد توارثها الأجيال منذ قديم الزمان، فكيف يحتفل المصريون بالأعياد معا؟
في البداية التقينا موريس عادل موظف بالمعاش ويقول: في الحقيقة لدي حكايات كثيرة تؤكد على مدى حب وتأخي المسلمين والمسيحيين، فأنا جميعا إلى أسكن وحيدا بعد أن هاجر أولادي . كندا، وعندما أصبت بأزمة . بأزمة ربوية في العيد السابق لم أجد سوى جاري محمد إبراهيم موظف مثلي مثلي : على المعاش ليحملني إلى المستوصف القريب وينقذني
كنت على مشارف الموت، هذه هي الأخوة والصداقة التي لا تقدر بأي ثمن في العالم ولا يمكن أن تجدها في أي مجتمع سوى مصر. أما ابتهال حسن، موظفة فتقول: ينتظر الجميع احتفالات عيد الميلاد، ويعتبرها احتفالات مبهجة وسعيدة وفرصة لإظهار مشاعر الحب المتبادل بين المسلم والمسيحي، والكل يـ يخرج ويحتفل ويشارك في الاحتفالات، ويهتم المسلم قبل المسيحي بشراء مستلزمات العيد خاصة شجرة الكريب الكريسماس وبابا نويل بجانب تزيين المنزل والاستعداد للاحتفالات وإعداد الحلوى والاستمتاع بالأجواء السعيدة
هدايا بسيطة القيمة كبيرة المعنى
تقول مريم محمد، طالبة بالصف الثاني الإعدادي: لا يمكن أن أنسى صديقاتي في عيد الميلاد، لذا أشتري كل عام ميداليات «بابا نويل» وقبعات حمراء، وأهديها لجميع الصديقات والزميلات وهي هدايا بسيطة جدا من حيث تكلفتها لكنها كبيرة من حيث معناها، حيث نؤكد من خلال هذه الهدايا البسيطة أن الدين لله والوطن للجميع وأننا إخوة، ولن نسمح لأي شخص أن يعبث باخواتنا وصداقتنا وتاريخنا الطويل
أن الأنشطة المختلفة خاصة في الأعياد كالرحلات تقرب هذا الجيل من بعضه البعض، وتقول: تنظم رحلات وسهرات في عيد الميلاد وكذلك في الكريسماس وبعض أنواع الشيكولاتة العادية. كما أشترى حلي للشعر واساور تحمل بابا نويل وشجرة الكريسماس، وهذا من شأنه أن يدخل السرور والبهجة علينا جميعا.
وتقول حنان عبد الله، طبيبة أطفال : أتذكر جدتي عندما كنت أذهب معها إلى الكنيسة في أفراح صديقاتها وجيرانها، فلم تكن تترك مناسبة الأخواتنا المسيحيات إلا وكانت تذهب إليها وأول من تتقدم بالتهاني في الأعياد المسيحية وتهتم في الأعياد مثل المولد النبوى بتحضير علبة حلوى للجيران الأقباط، وفي رمضان تقوم بإعداد أشهى الأكلات والحلويات وتوزعها عليهم، وهو ما كان يطلقون عليه الطبق الدائر» والذي كان يرمز للحب والترابط، وقبل العيد يجتمع كل الأصدقاء والأقارب في إعداد البسكويت والكعك وتلعب ونلهو كأطفال : ثم كبرنا وكبرت . معنا العادات والتقاليد، وأحاول أن أفعل جزءا مما كانت تفعله
وتقول نوال مهدی مدرسة: مصر لها أجواء مختلفة في أعيادها وأبنائها لا يختلفون ولا يمكن أن تفرق بينهم، ويتشاركون التهاني والتعازي، ففى عيد الفطر نتقاسم الطعام، فعادة ما أخصص أياما في رمضان لأصدقائي المسيحيين وأهتم بإعداد الأطعمة المميزة خاصة من الحلوى لقضاء يوم ممتع، وفى الأعياد نجتمع ونخرج في الحدائق وفي أعيادهم نشاركهم فرحتهم ونسعى لتقديم
الهدايا لهم. وتقول همت وليم ربة منزل ينتظر المسلم والمسيحى الاحتفالات ويفرح في استغلال المناسبة الكل على طريقته حيث يجتمع الأصدقاء ويحاولون إسعاد أنفسهم في الاستمتاع بالمظاهر الاحتفالية خاصة مع الأجواء التي تحدث مع بداية
العام الجديد ، فهذا الاحتفال لا يقتصر فقط على الأعياد المسيحية التي ينتظرها المسلم للتنزه والسفر والاستمتاع بالعروض والتخفيضات التي تحدث مع قرب هذه الأعياد سواء الإسلامية أو المسيحية، بل يظهر ذلك في الشهر الكريم حيث يشارك الشباب
الأقباط في إعداد وتنظيم الموائد الرمضانية. حكاية الطبق الدوار ويقول الأب بطرس دانيال، رئيس المركز الكاثوليكي للسينما المصريون يتعاملون مع أي شخص الدين، ففي من مفهوم أنه إنسان أولا وليس من منظور ففي الأعياد نتبادل الكعك والبسكويت
والشيكولاتة، وأذكر الطبق الدوار عندما كنت صغيرا الذي كانت ترسله أمي لجيراننا المسلمين في عيدنا، ويردوه في عيد القطر ممتلئا بالكعك والبسكويت، ولدي ذكريات جميلة بالجيش مع زملائي المسلمين، وأجملها في شهر رمضان كنت أقضيه بمطبخ الجيش كي أعد أعـ طعام الإفطار لزملائي المسلمين، وأتذوق الطعام قبل موعد الإفطار لضبط الملح والبهارات به وأتأكد من نضجه.
وتقول د. عزة فتحي، أستاذ مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس: عندما نتبادل الهدايا في الأعياد مسلمين ومسيحيين فنحن نسد كل الثغرات أمام الإرهاب والتطرف، ونؤكد أن الشعب المصرى بمختلف أطيافه يدا واحدة، ويذكر التاريخ دور الكنائس والمساجد في التصدي للاحتلال البريطاني فضلا عن دورها في مختلف الحروب والأحداث التي عاشتها مصر، كما أن تبادل التهاني في الأعياد دون النظر إلى الدين والمعتقد ترسخ الانتماء وتؤكد على وحدة المصريين التي يجب علينا جميعا الحفاظ عليها.
ساحة النقاش