كتبت: أسماء صقر
"لما يبقى فيه حد من أول ميلاده يسألوه نفسك في إيه؟ يقول لهم: نفسي أبقى ضابط ..أيوا كان باين عليه.. نفسه يخدم مصر.. نفسه يفديها بروحه..." هذه ليست فقط كلمات قصيدة لكنها حلم أطفال الجمهورية الجديدة الذين يكبروا يوما بعد يوم على قصص الشهداء، فهم من عاصروا الإنجازات والمشروعات القومية وهم من أبحروا في قناة السويس الجديدة ليشهدوا على عظمة الإنجازات، هم أطفال اليوم وحماة مصر غدا.
وعن أحلام أطفالنا المستقبلية واستغلالها في تنمية روح الانتماء للوطن بداخلهم كان هذا التحقيق.
في البداية تقول جيلان مصطفي: ابني في الصف الخامس الابتدائي ويتمني أن يصبح ضابطا بالجيش فهو يشعر بالهيبة والفخر وأهمية دوره في الحفاظ على الوطن، وعندما يسمع قصص الشهداء ويشاهد تكريم الدولة لهم يحلم بأن يكون مثلهم يشهد الجميع بدوره الوطني، ومثله الأعلى الشهيد منسي.
ويقول مدحت جاب الله: يبلغ ابني من العمر 9 سنوات ويحلم بأن يكون ضابط شرطة مثل عمه ليعمل على حماية المواطنين والحفاظ على أمنهم والتصدي للسرقة وارتكاب الجرائم.
أما نجلة هبة جمال فتولدت لديها رغبة الالتحاق بالشرطة وذلك بعد مشاهدتها عرض تخرج كلية الشرطة ورؤيتها لعناصر الشرطة النسائية ومنذ هذه اللحظة تذاكر جيدا لكي تحقق حلمها وهدفها المستقبلى.
ويتمنى نجل حسام عبدالرحيم ابن الـ13 عاما الالتحاق بالكلية الحربية ليصبح ضابطا بالجيش ليدافع عن الوطن، وقد تولدت لديه الرغبة نتيجة مشاهدته للمسلسلات الوطنية كالاختيار والكتيبة 101.
بعد التعرف على تطلعات وأحلام عدد من الأطفال والتى يشاركهم فيها أطفال مصر كيف يمكن استغلال تلك الأحلام فى تعزيز روح الانتماء والمواطنة فى نفوس الأبناء؟
تقول د. هناء جلال، أستاذ أصول التربية بجامعة المنوفية: الأحلام والطموحات مشتركة بين الأطفال والكبار، وتمثل هدفهم الأسمى في الحياة، كأن يصبح ضابطا في الجيش أو الشرطة أو فناناً أو بطلا رياضيا أو شخص ثري أو الوصول لدرجة علمية معينة، والكثير من الأشياء الأخرى التي تمثل الطموح المهني، وهناك بعض العوامل التي يمكنها أن تحقق نتائج التربية الجيدة وتساعد الطفل على بناء شخصيته، ويتم تصنيفها بناء على قوة الارتباط بين الوالدين والأبناء ومدى سعادة الأبناء وصحتهم النفسية، ومنها الحب والعاطفة، لذا يجب أن يظهر الآباء مشاعر الحب والحنان والإحساس بالأمان للأبناء منذ الصغر، والمعاملة الحسنة وعدم القسوة في القول والفعل، وكذلك التحكم في العصبية والتوتر داخل الأسرة والتعامل مع الضغوط الحياتية بحكمة وهدوء، مع ضرورة عمل حوار أسري بشكل مستمر وتنمية قدرات الأبناء الذهنية وخلق روح الأمنيات بداخلهم، كما يجب إدارة السلوك عن طريق التحفيز الإيجابي بشكل مكثف وتشجيع الطفل على تحقيق حلمه من خلال توجيهه بضرورة وضع المهنة التي يريدها في المستقبل نصب عينيه والتفكير في كيفية تحقيقها كالاجتهاد في المذاكرة والنجاح بتفوق، وعلى الوالدين تنمية العادات الصحية السليمة داخل الأسرة مثل التغذية السليمة وممارسة الرياضة بانتظام، وتعويد الأبناء على المشاركة في الأنشطة الجماعية.
القدوة الوطنية
تقول د. نانسي محمد علي، مدرس علم نفس الطفل بجامعة بنها: من الضروري أن يكون هناك حلم أو أمنية يتمناها الطفل في مرحلة الطفولة ويسعى لتحقيقها في الكبر، وعلى الوالدين دور كبير في تنميتها، واطلاعه على ما يدور من أحداث سياسية دولية وعالمية، مع تجنيبه رؤية المشاهد الإنسانية الصعبة والمؤلمة نفسيا كي لا يصاب بالاكتئاب والأذى النفسي وذلك لإشعاره بأهمية الوطن والحفاظ عليه ما ينشئ بداخله روح الانتماء والولاء للوطن.
وتتابع: لابد أن يعي الوالدان أهمية تنشئة الأبناء على المسئولية الوطنية مع ضرورة الاستمرار في وضع المناهج الدراسية التي تشجع الطفل على الانتماء للوطن وسرد حكايات الأبطال والشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن، وعندما يدرك الطفل البطولات العسكرية ودور الجنود والضباط في الحرب مثل نصر أكتوبر يشعر بالفخر بوطنه ويحلم بتقليد الضباط والقيام بدورهم الشجاع في حماية الوطن ما يخلق لديه القدوة الوطنية ويعزز بداخله الولاء للوطن.
ويوجه د. رسمي عبدالملك، أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية إلى ضرورة أن يتربى الأبناء على الانتماء والديمقراطية حتى يدركوا أن عليهم مسئولية تجاه نجاحهم الدراسي وكذا خدمة وطنهم والنهوض به وهو ما يعد أحد عناصر الانتماء للوطن.
ويقول: عندما يطمح الابن في الالتحاق بمهنة معينة كالضابط علينا تحفيزه وتوظيف طموحه لخلق روح الانتماء وحب الوطن بداخله خاصة وأن الأحداث السياسية تعطي فرصة لأولياء الأمور ومؤسسات الدولة بذلك، حيث يجب على المدرسين تعزيز روح الولاء لدى الطلاب وتعريفهم بأن هناك دورا وطنيا عليهم القيام به في الكبر، وكذلك الإعلام وعرض التليفزيون للدراما الوطنية وتقديم محتوى يغرث الانتماء فى نفوس الأطفال.
ويشير د. رسمي إلى أهمية دور الوالدين في تعزيز روح العزيمة والإصرار فى نفس الابن والسعي الدءوب لتحقيق هدفه، من خلال عرض نماذج حيوية ووطنية تضحي بنفسها فداء للوطن.
الأنشطة الدرامية تعزز الانتماء داخل الطفل
يشدد د. شحاته سليمان، أستاذ علم نفس الطفل والصحة النفسية والتربية الخاصة ورئيس قسم العلوم النفسية بكلية التربية للطفولة المبكرة بجامعة القاهرة على ضرورة تعزيز مفهوم الانتماء عند الطفل منذ نعومة أظافره من خلال الأسرة وحتى التحاقه بمرحلة رياض الأطفال التى يتعلم فيها الانتماء للفصل وتقديم الأنشطة الجماعية مع الزملاء كالمسابقات وغيرها كي يتعلم المشاركة والتعاون وتعزز بداخله الانتماء للوطن في الكبر.
ويقول: بالنسبة لحلم وأمنية العديد من الأطفال وهى العمل كضباط في الشرطة أو الجيش يأتي عن طريق أنشطة لعب الأدوار الاجتماعية كاللعب مع الأطفال والقيام بمشاهد درامية، ولكل منهما له دور معين كقيام أحدهما بعمل شخصية ضابط في الجيش يحرص على حماية الحدود بين الدول ويحافظ على الوطن ويضحي بروحه من أجل الوطن، وكذلك قيام طفل آخر بعمل شخصية ضابط شرطة ويحافظ على حماية وأمن المواطنين، فهذه الأنشطة الدرامية تعزز من الانتماء داخل الطفل وتبرز أهمية دور ضابط الشرطة والجيش في المجتمع.
ساحة النقاش