محمد عبدالعال
يعتقد البعض خطأ أن الصيام يحتاج إلى راحة نظرا للتعب الذى يلحق بالصائم نتيجة امتناعه عن تناول الطعام والشراب طوال اليوم، الأمر الذى ينعكس على إنتاجية الفرد، فهل يتعارض الصيام مع العمل والإنتاج أم أن رمضان فرصة لزيادة الإنتاج وتوظيف سلوكياته وتعاليمه فى إتقان العمل ودفع عجلته؟
فى البداية ترى ألفت محمد أن الالتزام في العمل جزء لا يتجزأ من الصيام الذي يدعو إلى طاعة الله والبعد عن المعاصي لكي لا يبطل الصيام، لذا من الأولى مراعاة الضمير في العمل.
وتقول أماني فتحي، طالبة جامعية: يساعد رمضان على النشاط والحركة أكثر غير ما يعتقد البعض، لذا يجب على الطالب أن يكون حرصه على الاجتهاد في الصيام كحرصه على المذاكرة والمواظبة على حضور دروسه ومحاضرته.
وترى مودة رفعت أن الحرص على الطاعة والاجتهاد فيها للتقرب إلى الله يجب أن ينعكس على العمل من خلال مراعاة الضمير والاتقان الذي يكون أفضل من غيره من الشهور.
فرصة للتغير
تقول د. مايسة فاضل، أستاذ علم النفس التربوي: رمضان هو شهر التغيير والسمو الروحي لأنه يختلف عن كافة الشهور بسبب نوعية الأنشطة التي يقوم بها الفرد، فدائما ما نحاول كجماعة أن نظهر نوعا من الاستعداد لهذا الشهر الكريم مختلفا عن كافة الشهور مؤكدة أن التغيير في هذا الشهر عادة ما يكون إيجابيا يحول الإنسان من شخص غير منتج إلى فرد فاعل، لذا فإن رمضان شهر عطاء وتطوير حقيقي.
وتؤكد د. مايسة أن الشهر الكريم فرصة عظيمة للاجتهاد في العمل بجانب العبادات، فهو موسم الانطلاق نحو إصلاحات عديدة في الحياة وتربية الأولاد، موضحة أن من لم يتغير ويجتهد وينضبط في الحياة عامة والعمل خاصة في رمضان لن يتغير في غيره من الشهور، فهو عنوان للرحمة والتطوير والتغير للأفضل، ولذلك لابد من عقد النية منذ بداية الشهر على تثبيت الأعمال التي سوف نقوم بها ونستمر عليها خلال رمضان سواء في هذا العام أو الأعوام المقبلة من خلال المحافظة على إتقان العمل والصلاة وتدبر القرآن.
ودعت خبيرة علم النفس بجانب إتقان العمل إلى التخلي عن كافة العادات الضارة كالتدخين وعدم السهر باعتباره لص النشاط وعدم الفاعلية في العمل.
نظرة شرعية
عن النظرة الشرعية للعمل فى رمضان يقول د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: الدين الإسلامي ليس قاصرا على بعض الشعائر والعبادات، يقول الله عز وجل "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون"، فالفهم الصحيح للصيام هو الاجتهاد والإتقان في كافة الأعمال وليس السهر والتكاسل، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وكالقائم لا يفتر والصائم الذي لا يفطر"، وفي الحديث الشريف يظهر عظمة السعي وفضله كأحد أفضل العبادات، لذا لا يستقيم الصوم إلا بإتقان العمل والجد فى السعى.
ويذكر د. كريمة أن أعظم المعارك الكبرى التي خاضها المسلمون كانت خلال شهر رمضان منها غزوة بدر وفتح مكة، وفي العصر الحديث معركة العبور، لذا فإن سمعة الدين الإسلامي تستوجب من المسلمين أن يكونوا قدوة حسنة، وألا تكون ساعات الصيام عائقا أمام بذل المجهود، فلم يكن في عصر النبوة من تكاسل في العمل بحجة الصيام.
من جانبها ترى بسمة سليم، خبيرة العلاقات الأسرية أن شهر رمضان هذا العام يعد فرصة كبيرة للنشاط والعمل بسبب انخفاض درجة الحرارة، محذرة من التعامل مع الشهر الفضيل على كونه شهرا للروحانيات فقط، بل هو فرصة للاجتهاد والانضباط فى العمل وتعديل السلوك، داعية إلى استغلاله ليكون عاملا مساعدا على التميز والإتقان.
وتقول: الصيام دعوة للالتزام تشمل مختلف جوانب الحياة من عبادات ومعاملات، لذا لا يجب الفصل بين العبادة والعمل، فالعمل عبادة كما الصلاة والصوم، وكما أن من أخلاق الصيام الإخلاص فإن هذا الخلق يجب أن يتحلى به المسلم فى علاقته مع ربه وفى عمله حتى يستقيم صيامه.
ساحة النقاش