كتبت: أسماء صقر
العيدية من الطقوس المبهجة في العيد والتى ينتظرها جميع الأبناء، وعلى الرغم من أنه جرت العادة أن تكون عبارة عن نقود توزع على الأبناء، إلا أنه يمكن أن تقدم بأشكال أخرى كشراء اللعب المفضلة للطفل والكتب الملونة أو خروج الأبناء مع الأصدقاء للتنزه وغيرها من الطرق الحديثة والتى نتناولها فى هذا التحقيق ومن واقع آراء وتجارب الآباء والخبراء.
في البداية تقول هبة محمد نصر، ربة منزل: ابني عمره 10 سنوات ويحب لعب كرة القدم مع أصدقائه، لذا فكرت أن تكون العيدية هذا العيد شراء كرة قدم ليشترك في نشاط كرة القدم والمدرب يقوم بتدريبه في النادي ويعلمه أساسيات اللعبة مع زملائه.
وتقول نورا عبد الفتاح، موظفة: تحب ابنتي العزف على البيانو وتتعلم أساسياته من خلال اشتراكها في النشاط الموسيقي في النادي وتحلم بشراء بيانو خاص بها مثل صديقاتها وبالفعل تدخر مبلغا من مصروفها الشهري، لذا فكرت أن تكون العيدية هذا العام أن أكمل لها سعر البيانو الذى ترغب فى شرائه.
أما نعمة إبراهيم، ربة منزل فابنها يحب ممارسة الألعاب الإلكترونية على "البلاي ستيشن" الخاص بأبناء عمه، لذا فكرت أن تشاركه فرحة العيد هذا العام بأن تكون عيديته شراء جهاز بلاي ستيشن جديد خاص به ليشارك أقاربه وأبناء عمه وأصدقاءه اللعب.
ويذكر ماهر عبد السلام، محاسب أنه اعتاد إعطاء ابنه العيدية نقودا فهو يحب ادخار المال ولديه قوة وصبر في تجميع مبلغ كبير من المال ليترفه ويتنزه به أثناء المصيف السنوي لنا، ما يوفر في ميزانية الأسرة وفي ذات الوقت يتعلم تحمل المسئولية، ويستطيع استغلال العيديه أيضا في شراء ألعاب جديدة يفضلها.
ويقول جابر يحيى، مدرس: تحب ابنتي الخروج مع صديقاتها في العيد وتذهب للسينما لمشاهدة الأفلام الجديدة لذا فكرت أن تكون العيدية هذا العام الخروج معها والذهاب للسينما والتنزه فى رحلة نهرية معها، كما أنها تريد أن تحصل على دورات فى الكمبيوتر وتتعلم اللغة الألمانية أيضا وهى تدخر جزءا من مصروفها الشهري مع جزء من العيدية لتذهب في الإجازة الصيفية لهذه الدورات.
تعلم التوفير
يعلق د. حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع والأنثربولوجيا بكلية البنات جامعة عين شمس على كيفية الاستفادة من العيدية قائلا: تعد العيدية فرحة الأبناء المنتظرة صباح كل عيد والجميع كبار وصغار يشعرون بفرحتها، وسعادة الأطفال بها تكمن في العيدية التي لا تقتصر فقط على النقود فهناك رغبات للأبناء يمكن تحقيقها من خلالها كشراء ألعاب معينة أو أجهزة إلكترونية أو آلة موسيقية معينة، أو التخطيط مع الأسرة أو الأصدقاء للترفيه والتنزه والقيام برحلة جديدة في العيد، أو إدخار نقود العيدية لاستثمارها في تلبية احتياجات الأبناء، حيث تقوم الأم بتقسيم العيدية مع طفلها إلى أجزاء ما بين الادخار والإنفاق، ويجب أن يشعر الطفل أن الأم تثق فيه وقدرته على تولي مسئولية النقود، فيمكن للأم أن تدخر مع ابنها بعض النقود لحين التخطيط لإنفاقها وبذلك تضمن عدم إنفاق عيديته في أشياء غير مفيدة، ومن هنا يتعلم الطفل تحمل المسئولية والقدرة على اتخاذ القرار وإدارة أمواله بشكل جيد، كما أن إعطاء الطفل العيدية يساعد على غرس بعض القيم الاجتماعية بداخله منها قيمة العطاء والصبر والإحسان في التعامل مع الآخرين وزيارة الأهل والأقارب، ويمكن للوالدين توجيه الأبناء للتبرع بجزء من العيدية لغير القادرين، فضلا عن معرفتهم لأهمية صلة الرحم وقضاء عيد يعمه البركة والسلام والطمأنينة والراحة النفسية والإحساس بالحب والدعم النفسي من الأهل والأقارب.
تقسيم العيدية
يتفق د. محمود فوقي أحمد، أستاذ التربية بجامعة عين شمس مع الرأى السابق فى تقسيم العيدية ما بين التوفير والإنفاق، ويؤكد على ضرورة استثمار الأبناء للموارد المالية خاصة العيدية واستغلال جزء منها للإنفاق وآخر للادخار، ويمكن استخدام الجزء المدخر للاستثمار الذاتي سواء الحصول على دورات في اللغات أو الاشتراك في أنشطة اجتماعية أو رياضية، والجزء المتبقي يمكن استثماره في شراء الاحتياجات وتلبية الرغبات، وهنا ينمو لدى الطفل منذ الصغر عدة مفاهيم تربوية مثل حرية الاختيار ومساعدة الأسرة على التوفير في الميزانية، والاعتماد على النفس وتحقيق الرغبات الذاتية، وتكوين شخصية سوية مستقلة قادرة على مواجهة الأزمات وإدارتها.
دمج ثقافة الادخار في المناهج الدراسية
يقول د. علي شعيب، أستاذ علم نفس الطفل والصحة النفسية بجامعة المنوفية: للعيدية تأثير نفسي إيجابي كبير على نفسية الأبناء وبناء شخصيتهم وخلق روح الإنسانية والتراحم والمودة بداخلهم في التعامل مع الآخرين، كما أنها تعلم الأبناء في مرحلة الطفولة العمليات الحسابية والتفكير في إدارة المال وإنفاقه، وفي عصرنا الحالي ومع المغريات الكثيرة وتنوع الاهتمامات فإن تسليط الضوء على تعزيز ثقافة الادخار أصبح ضرورة ملحة وقيمة أساسية، وقد وجد بعض الخبراء ضرورة دمجها في المناهج الدراسية لتعليمها للطلاب في المدرسة وتعزيزها كسلوك داخل محيط الأسرة وبذلك ينشأ الإحساس بالمسئولية المالية بالتدريج عند الأبناء، إذ يؤكد علماء تربية الطفل على أهمية بدء تثقيف الطفل عن مفهوم المال عند سن الرابعة من عمره، ويجب على الوالدين سؤال الطفل عن العيدية التي يفضلها، فإذا كانت شراء ملابس جديدة تعد فرصة جيدة لمعرفة الطفل للأزياء والألوان ومزجها معا لتنسيق الأزياء والحصول على الأناقة، ويتيح الخروج مع الأصدقاء للتنزه فرص عديدة له للتعامل مع مواقف اجتماعية قد لا تتوفر في الأيام العادية، ويمكن استغلال هذه الفرص لتعليمه كيفية التعامل الاجتماعي اللائق مع الآخرين والتواصل الإيجابي مع الأقارب والأصدقاء وإظهار مشاعر الاحترام لهم، ما يكسب الطفل القيم والسلوكيات التربوية السليمة.
ساحة النقاش