سماح موسى
ينصح الخبراء بضرورة إشراك الأبناء فى وضع ميزانية الأسرة وتحديد أوجه الصرف وفق إمكانيات الدخل، ويؤكدون أن الهدف ليس ماديا وتعليمهم التوفير فحسب بل يتعدى لبناء شخصياتهم وتعويدهم تحمل المسئولية، فكيف ندرب أبناءنا على إدارة ميزانية المنزل؟
في البداية يقول د. رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي: مشاركة الأبناء في وضع وإدارة ميزانية الأسرة أمر مهم جدا وليس مستحدثا، فقد كانت الأمهات تعلم بناتهن منذ الصغر إدارة المنزل كون البنت كانت تتزوج مبكرا حتى تكون مستعدة لتحمل مسئولية ومدربة على ذلك، إلا أن الجيل الجديد يرفض تماما مجرد الدخول للمطبخ أو تحمل المسئولية وهذا أمر خاطئ يخلق جيلا عديم المسئولية، فالفتاة كلاعب الكرة لا يمكنه النزول إلى أرض الملعب والمشاركة فى المباراة إلا بعد تدريب وتأهيل، لذا لابد من توجيه الأبناء إلى قيمة المال وإنفاقه في موضعه وذلك من خلال عمل حصالة للتوفير بحيث يوفر من مصروفه اليومي ولو مبلغا بسيطا مع عمل مسابقة "بطل التوفير" بين الإخوة بحيث يحصل من يدخر أكبر مبلغ على اللقب كنوع من التحفيز.
ويضيف: غالبا ما تكون ميزانية المنزل تكون شهرية، فمعظم الأسر تتقاضى أجرها شهريا، وعلى الأم تشجيع بناتها على إدارة ميزانية المنزل بوضع خطة تنافسية بينهن بمعنى السماح لكل ابنة بإدارة ميزانية المنزل لمدة أسبوع ومنح مكافأة لمن تنجح فى إدارة المنزل بشكل أفضل.
العمر المناسب
ترى د. أميرة شاهين، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية أن مشاركة الأبناء في تنظيم وإدارة ميزانية المنزل تساعد في تنمية وتكوين شخصياتهم، وتقول: ليس دور الأسرة فقط توفير المأكل والمشرب والملبس للأبناء لكن تشكيل شخصياتهم بشكل غير مباشر، وإشراكهم في وضع ميزانية المنزل يضعهم أمام تحديات ما يسهم فى تحقيق ذلك، فتعويدهم وضع خطة مناسبة لظروف الأسرة في ظل ارتفاع الأسعار وتحديد الأولويات والبدائل يعلمهم مواجهة الأزمات فى المستقبل ويمنحهم القدرة على تجاوزها، لذا يمكن منحهم الفرصة بإدارة المنزل لمدة يوم ثم أسبوع ثم شهريا فهذه الطريقة تكسبهم المهارات الاقتصادية لتولى شئون الأسرة مستقبلا.
وتتابع: أما عن العمر المناسب لتدريب الأبناء على المشاركة في وضع ميزانية للأسرة فيبدأ منذ سن صغيرة، حيث يمكن تعويد الطفل على تحديد مبلغ معين للطفل يشترى به الحلوى لا يسمح له بأن يتخطاه، وفى مرحلة ثانية يمكن إعطائه مبلغا محددا يشترى به احتياجاته دون منحه أى مبالغ إضافيه وبذلك نعوده ترتيب أولوياته الشرائية وفق إمكانياته المالية، وعند بلوغه سن 11عاما يكون قادرا على تحديد ما يريد شراءه، فيمكن إشراكه في تحديد ميزانية المنزل لمدة يوم بدعم ومساندة من أحد الوالدين، فهذا يشعر بنوع من القلق والإحساس بالمسئولية، ومع تقدمه فى السن يكون على دراية وخبرة بإدارة الميزانية ولديه شعور بالمسئولية.
مهارات قيادية
يقول د. وائل الكميلي، خبير التنمية البشرية: الموارد المالية أمر هام لكل أسرة لذا يجب على ولي أمر الأسرة تدريب كافة أفرادها على كيفية إدارتها وترشيدها، وتبدأ فكرة مشاركة الأبناء في عملية الإنفاق من خلال تدريبهم على كيفية إدارة مصروفهم الشخصي وحثهم على توفير ولو جزء بسيط منه حتى يصل بهم الأمر إلى المشاركة في الميزانية العامة للأسرة، مع الأخذ في الاعتبار تعظيم آرائهم وأفكارهم حتى ولو كانت بسيطة، ولا مانع من أن يقوم الوالدان بتفويض الأبناء بإدارة الموارد المالية لشهر كامل مع الأخذ في الاعتبار تحديد مبلغ مناسب لمصروفات المنزل الأساسية، مع إمكانية وضع بعض المعوقات أمام أبنائهم فى مراحل متأخرة حتى يلاحظوا قدرتهم على تخطيها.
ويضيف: أثبتت بعض التجارب والدراسات الميدانية أن تعويد الأبناء على إدارة ميزانية المنزل من شأنه تنشئة الأطفال بشكل سوي ومنطقي، وتعليمهم الإدارة بشكل عام والموارد المالية بشكل خاص ما يؤثر بشكل إيجابي في بناء عقليتهم وزيادة الوعي لديهم، وتوصي الدراسات أن تبدأ التجربة في سن مبكرة منذ 10 سنوات أو حسب قدرة الطفل العقلية مع الأخذ في الاعتبار الفروق الفردية بين الأبناء، ولا ينصح أن يقارن الوالدان بين أبنائهما خاصة إذا ظهر بعض السلبيات لدى أحدهم، فالأولى هو استخدام أسلوب التعلم بالمشاركة والتنشئة الجماعية، ويشترط في هذه التجربة أن يكون الوالدان لديهم ثقافة التعاون والمشاركة والقدرة على القيادة والمتابعة قدر المستطاع والتخطيط والتقييم والتقويم الجيد، بالإضافة إلى القدرة على تحمل العواقب التي قد تحدث جراء هذه التجربة، ويجب التنويه على أن التعاون والمشاركة أمر مهم جدا للأسرة في كافة جوانب الحياة ما يؤدي إلى الترابط الأسري وزيادة السلوك الإيجابي بين أفراد الأسرة.
ساحة النقاش