أماني ربيع

حب النفس هو مفهوم عميق يتجاوز مجرد فكرة الاهتمام بها، فهو يعني تقدير الذات وقبولها بكل ما فيها من نقاط قوة وضعف، وهو الأساس الذي تبنى عليه الثقة بالنفس والعلاقات الصحية والقدرة على تحقيق السعادة والنجاح، وتجاوز الفشل، وسهولة البدء من جديد، لكن للأسف غالبا ما نغفل عن هذا المفهوم في حياتنا، ونوجه طاقة الحب لدينا للآخرين، ونضع اللوم على أنفسنا دائما عند الفشل في أي علاقة، ونترك أنفسنا فريسة لجلد الذات.

 في هذا الحوار تحدثنا د. شيماء إسماعيل، خبيرة التنمية البشرية عن أهمية حب الذات في تحقيق التوازن في حياتنا، ومنحنا القدرة على الاستمرار رغم الأزمات.

ما أهمية حب النفس في بناء ثقة المرأة بنفسها، وتعزيز قدرتها على النجاح في الحياة؟

حب الذات بالنسبة للمرأة والإنسان عموما مفتاح التوازن في الحياة، وهو مهم لأنه يضع الأساس لعلاقتنا مع أنفسنا، ويجعلنا نقبل أنفسنا على ما نحن عليه ونقدر قيمتنا، ولهذا تأثير صحي على احترامنا لذاتنا، ويشجعنا حب الذات أيضًا على الاعتناء بأنفسنا جسديًا وعاطفيًا ويساعد في حمايتنا من التأثيرات الخارجية التي قد تقلل من تقديرنا لذاتنا.

كيف يؤثر حب الذات على جوانب حياتنا المختلفة؟ 

لحب الذات تأثير كبير على جوانب حياتنا المختلفة، ويمكن أن يؤثر إيجابيًا على صحتنا النفسية وعلاقتنا مع الآخرين، فمن ناحية الصحة النفسية، يساعدنا حب الذات على الشعور بالثقة في أنفسنا وقدراتنا، كما يساهم في تعزيز إحساسنا بالسعادة والرضا عن أنفسنا، ويساعدنا في التعامل مع الضغوط والتحديات بشكل أفضل، ويقلل من الشعور بالقلق والاكتئاب، ويعزز من الشعور بالاستحقاق، وبكوننا نستحق السعادة والنجاح.

ويؤثر حب الذات أيضا على علاقاتنا فهو يساعدنا في بناء علاقات صحية مع الآخرين.، وزيادة قدرتنا على التواصل بشكل فعال مع الآخرين والتعبير عن احتياجاتنا ومشاعرنا، وتقليل الاعتماد على الآخرين، وتعزيز الشعور بالاستقلال والاعتماد على النفس، ويمكن أن يساعدنا حب الذات أيضا على زيادة الشعور بالتقدير تجاه أنفسنا وبكوننا نستحق التقدير من الآخرين، كما يساعدنا على تعزيز قدرتنا على النجاح، حيث يزيد من ثقتنا في قدراتنا وتحسين الأداء في العمل أو الدراسة، وتعزيز القدرة على الإبداع والابتكار، والشعور بالنجاح والرضا عن إنجازاتنا.

ما هي أفضل الطرق لتستعيد المرأة ثقتها وحبها لذاتها بعد تجربة سيئة، سواء في العمل أو الحب أو الحياة عموما؟

إعادة بناء الثقة بالنفس وحب الذات بعد تجربة ذاتيا قد تشكل أحيانا تحديًا كبيرًا، لكن هناك عدة طرق يمكن أن تساعدنا ومنها الطرق النفسية، وأهمها: التعرف على الذات عن طريق الاستماع إلى النفس والتعرف على مشاعرنا واحتياجاتنا، والقبول بما حدث، ثم تركه وراءنا باعتباره جزءا من الماضي، ولا نجعله يؤثر على الحاضر والمستقبل.

ومن الطرق النفسية أيضا لاستعادة الثقة بعد تجربة سيئة في الحياة، هو اعتبار هذا الموقف بمثابة تجربة نتعلم ونستفيد منها، ومن المهم التزام التفكير الإيجابي، بالتركيز على العناصر الإيجابية في حياتنا، ويمكن أيضا ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل: التأمل واليوجا.

ومن الطرق الاجتماعية، الحصول على الدعم الاجتماعي، سواء من الأصدقاء أو العائلة، أو الانضمام إلى مجموعات دعم من النساء اللواتي تعرضن لتجارب سيئة، والتطوع في أنشطة لمساعدة الآخرين، واستعادة التواصل مع الأقارب والأصدقاء لتعزيز العلاقات، والانفتاح على تجارب جديدة تشعرن بالطاقة والسعادة.

وهناك طرق جسدية تساعدنا في استعادة الثقة بالنفس، منها ممارسة التمارين الرياضية، وكذلك تناول أطعمة صحية، والحصول على نوم جيد، والعناية بالبشرة والشعر، وهي أمور مهمة لتعزيز الصحة النفسية والجسدية، وروحانيا تساعدنا الصلاة في تعزيز ثقتنا بأنفسنا، وكذلك التأمل والخروج إلى الطبيعة، وممارسة القراءة.

كيف نطور علاقتنا بأنفسنا؟ 

حب النفس رحلة مستمرة لكنه يستحق الجهد المبذول، فعندما تحب نفسك تصبح أكثر قدرة على تحقيق التوازن في حياتك والعيش بسعادة ونجاح، وتطوير العلاقة مع الذات قد يشكل أحيانا تحديا وطريقا صعبا يحتاج منا إلى الصبر والتفهم، وهناك عدة طرق قد تساعدنا في تحقيق ذلك وأهمها: التعرف على الذات بالاستماع إلى أنفسنا والتعرف على مشاعرنا واحتياجاتنا، والقبول بما حدث من تجارب سيئة، وتقبل أنفسنا بكل ما فيها من نقاط قوة وضعف، والتوقف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين، والتركيز على الإيجابيات، ونقاط القوة والإنجازات والاحتفاء بها، وممارسة الامتنان، بتخصيص وقت يوميا للتفكير في الأشياء التي نشعر بالامتنان لها في حياتنا، وتخصيص وقت للأنشطة التي نستمتع بها وتشعرنا بالسعادة.

وكذلك الاستمرار في التعلم وتطوير المهارات والقدرات، والتحدث مع أنفسنا بلطف وتفهم بدلا من النقد واللوم، والاعتراف بالجهود المبذولة لتجاوز المشكلات وتقديرها، والتواصل مع مشاعرنا والاعتراف بها، والاهتمام بصحتنا النفسية والجسدية، وكذلك الاستمتاع بالحياة، والاستفادة من الفرص المتاحة أمامنا.

كيف نتعامل مع الفشل بطريقة صحية وإيجابية ونحوله لدرس نستفيد منه بدلا من عقبة تقف في طريقنا؟

الفشل أمر طبيعي في الحياة، ويجب أن نتعامل معه باعتباره مرحلة وليس نهاية الحياة، وأهم شيء هو القبول بالفشل والاعتراف بأنه جزء من الحياة، وتحليل التجربة وتحديد الأسباب التي أدت له لنتمكن من تجاوزها في المواقف المقبلة، والتعلم من التجربة والاستفادة منها، والنظر إلى الفشل كفرصة لتحسين خبراتنا وتعديل وجهات نظرنا في التعامل مع الأمور.

كيف نصبح أكثر مرونة في مواجهة الفشل والتحديات لنبدأ من جديد؟

من خلال تغيير طريقة التفكير وتطوير المهارات والاعتناء بأنفسنا وطلب الدعم من الآخرين وعلى التفاؤل، يمكن أن نصبح أكثر مرونة في مواجهة الفشل والتحديات، وهناك عدة طرق تساعدنا في ذلك منها؛ تغيير طريقة التفكير، وتقبّل الفشل كجزء من الحياة، واعتباره فرصة للتعلم والنمو، فلا يوجد شخص ناجح لم يمر بتجارب فاشلة، والتركيز على الدروس المستفادة بدلًا من التركيز على الفشل نفسه، ومحاولة تفهم الأسباب التي أدت إليه، وهو ما يساعدنا على عدم تكرار نفس الأخطاء في المستقبل.

النظر إلى التحديات كفرص للتطور وليس مجرد عقبات، وأن نحاول رؤية الجانب الإيجابي في التحديات، بكونها تجعلنا أكثر قوة وقدرة على التكيف، تعلم القدرة على حل المشكلات، وكيف نحلل أسبابها ونضع الحلول المناسبة لها وننفذها بنجاح، وهو ما يساعدنا في التعامل مع التحديات بشكل فعال، ويجب وسط كل ذلك أن نحافظ على النظرة المتفائلة للأمور، والتي تساعدنا على رؤية الجانب المشرق في المواقف الصعبة، وتمنحنا الأمل في المستقبل والقدرة على البدء من جديد، ويأتي ذلك بالتركيز على الحلول، بدلًا من التركيز على المشكلات، فالرحلة ليست سهلة فهي تستغرق وقتا وجهدا، ويجب أن نتحلى بالصبر وألا نيأس إذا لم نر نتائج فورية لجهودنا، وأن نكون لطفاء مع أنفسنا، وبأنها تستحق الحب والتقدير.

المصدر: أمانى ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 176 مشاهدة
نشرت فى 16 فبراير 2025 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

24,057,152

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز