يقول المهاتما غاندي أن الفقر هو أسوأ أشكال العنف وأن الحرية الحقيقية هي تلك التي تؤدي إلي التحرر من الفقر ورغم صعوبة حصر عدد الفقراء والجوعي في العالم إلا أن هذه الصعوبة لا ترجع إلي نقص المعلومات علي صعيد العالم بل ترجع إلي التفاوت في مناهج تعريف الفقر وقياسه وتفيد تقارير الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إلي أن مليارين من سكان العالم الذي يضم 8.6 مليار إنسان يعيشون تحت خط الفقر.
ورغم تعدد التعريفات التى قدمها الخبراء فى مجال التنمية البشرية «للفقر» إلا أن أكثر هذه التعريفات دقة ذلك التعريف الذى أشار إلى الفقر بأنه الحرمان من الفرص والخيارات التى تعتبر أساسية للتنمية البشرية أكثر من أى شىء آخر، كما يعنى أن يعيش المرء حياة طويلة وصحية وخلاقة وكذلك أن يتمتع بمستوى معيشى لائق .
سوء توزيع
هذا وتشير تقارير «الفاو» المنظمة العالمية للأغذية والزراعة إلى أن إنتاج العالم من الأغذية يزيد بنسبة 10% على احتياجات مجموع سكانه وتأسيسا على ذلك فإن فضيلة الجوع لاتعنى نقص الأغذية بل تعنى فى الأساس سوء توزيعها .
الفقر في مصر
وإذا كان الفقر يعد مشكلة عالمية وظاهرة اجتماعية متعددة الأبعاد فإننا نحاول وبشكل إيجابي وفعلى رصد هذه الظاهرة فى مصر فقد عرض جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أمام مجلس الشعب «أبريل 2010» تقريرا عن الحساب الختامى لموازنة الدولة 2008/2009 حيث أشار إلى ارتفاع معدلات الفقر فى مصر إلى 4.23% مقارنة بـ 20% فى موازنة 2007/2008 وفقا لتقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة وأكد الملط أن تقرير التنمية البشرية وضع مصر فى المرتبة 123 من بين 182 من أكثر دول العالم فقرا من النواحى الهامة فى تناول هذه القضية هو الجانب الإعلامى بكل وسائله لما يمثله من تأثير قوى وشامل على أفراد المجتمع وبسؤال الدكتورة عواطف عبدالرحمن أستاذ بقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة عن المعالجة الإعلامية ووضع الفقر طرحت الدكتورة عواطف ثلاثة سيناريوهات أساسية تشكل مستقبل الفقر فى مصر أولها يشير إلى استمرار زيادة اعداد الفقراء وسوء أحوالهم مع ارتفاع تضخم وغلاء الأسعار وتدهور مستوى الصحة والتعليم والسيناريو الثانى أطلقت عليه «القلاع الحصينة» والذى يشير إلى أن الأثرياء فى مصر أصبحت لهم تجمعات سكنية خاصة تقع فى مناطق معزولة عن الكتل السكانية الفقيرة والسيناريو الثالث فهو «المقنن» الذى يشير إلى اتساع الفجوة، بين الأغنياء والفقراء وحول دور الإعلام ومعالجته لقضايا الفقر اتهمت الدكتورة عواطف عبدالرحمن وسائل الإعلام بالميل للاثارة والتهويل وأوصت بضرورة تكاتف جميع مؤسسات المجتمع المدنى فى كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية من أجل التصدى لشبح الفقر والجوع. وتقول الدكتورة هويدا الدر مدرس بقسم الإعلام - كلية الآداب - جامعة المنوفية ان الفقر يمثل أبرز المشكلات التى تعانى منها الريفية فقد أوضح تقرير التنمية البشرية الصادر بعنوان «العقد الاجتماعى فى مصر» أن الفقر يتركز فى المناطق الريفية خاصة ريف صعيد مصر لذا نلاحظ قيام المرأة الريفية المصرية بأداء أعمال متنوعة من أبرزها أعمال الزراعة والحقل وممارسة الأعمال الخدمية فى المنازل وذلك لتحسين مستوى المعيشة لدى أسرتها وهذا شىء مشرف ونموذج إيجابى للمرأة المصرية للخروج من بوتقة الفقر والتهميش . من ناحية أخرى توصى الدكتورة داليا محمد عبدالله المدرس بقسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة بالحرص على تعليم الأطفال والمراهقين مدى واقعية ما يشاهدونه عبر وسائل الإعلام خاصة المشاهد المتعلقة بالثراء وذلك لتجنب التأثيرات غير المقصودة لوسائل الإعلام والتأكيد على أنه بالعمل الجاد والاجتهاد يستطيع الفرد تحقيق ذاته ويؤكد الدكتور محمد عزام أستاذ مساعد بنفس القسم أن مصر شهدت خلال السنوات العشر الماضية تطورا ملحوظا فى نشاط منظمات المجتمع المدنى فى كافة المجالات بما فى ذلك مجال مكافحة الفقر مما يجعلنا نأمل كثيرا فى الدور الكبير الذى تلعبه منظمات المجتمع المدنى الخدمية فى معالجة مشكلات الفقراء وذلك من خلال مساعدة الأسر الفقيرة ورعاية الأيتام وتقديم الرعاية للمكفوفين وضعاف البصر وكذا ذوى الاحتياجات الخاصة ورعاية الصم وضعاف السمع والاستفادة من الملابس المستعملة من خلال المعارض وزيارات الخير وإعادة التصنيع واطعام الاشد حاجة والأكثر فقرا ونقصا فى الدخل.. كل هذا يسهم فى حل قضيتنا وهى الفقر والعوز .
رأي الخبراء
توضح الدكتورة هبة حندوسة أستاذ الاقتصاد والمشرفة على تقرير التنمية البشرية للشباب أن نسبة مشاركة الشباب فى سوق العمل أصبحت أقل من 20% وذلك نتيجة ظاهرة دوراء العمل أى الانتقال من وظيفة لأخرى وإحجام الأنثى عن المشاركة نتيجة سوء وسائل المواصلات وارتفاع ساعات العمل مع تدنى الأجور وتعرضها للتحرش سواء اللفظى أو غيره مما يدفعها للجلوس بالمنزل .
وتوصى الدكتورة هبة حندوسة بضرورة توجه الحكومة لتوزيع الأراضى للمشروعات الذاتية للشباب وصغار المستثمرين بحيث توفر لهم القروض والبنية المناسبة ويكون هناك ارشاد صناعى كما الارشاد الزراعى .. وتنادى بضرورة توفير دليل للمشروعات الممكنة فى المجالات المختلفة وعلى المستثمر أن يختار ما يناسبه ويفيده ويخدم بلده وتحدثت الدكتورة هبة أيضا عن مساعدة الأهل فى تزويد أبنائهم برأس المال لانشاء مشروع خاص بهم وهذا ما يتم فى الريف أكثر من الحضر وأكدت وبشدة على ضرورة البحث عن فرص عمل للشباب وواجب الحكومة نحوهم فى توفير تلك الفرص سواء كان القطاع الحكومى أو الخاص فيضمن بذلك الشاب أو الفتاة ظروفاً لائقة آمنة تساعده على تكوين أسرة لديها اكتفاء وبين هذا وذاك .. لابد من نظرة أمل ... بحث دءوب .. لا تنتظر الفرصة .. بل ابحث عنها .. بالعمل والمثابرة .. هناك غد أفضل بلا عوز ولا حاجة ولا فقر .
ساحة النقاش