الإجازة بالنسبة للأبناء انطلاقة .. فما أن يفرغوا من أداء الامتحانات حتى ينطلقوا إلى اللهو واللعب، والتسلية بكل ما هو متاح تحت أيديهم من ألعاب وأجهزة كهربائية، واليكترونية، فهى الوسائل المتوفرة فى معظم بيوتنا، وعند معظم أسرنا، فحتى ابناءنا الذين ندفعهم للاشتراك فى بعض الأندية الرياضية، لكى يمارسوا رياضة بدنية تفيد تكوينهم الجسمانى ، وتشغل ساعات من يومهم فى التمرينات والتدريبات، فإنهم يهرعون بعدها للهو بالساعات الطويلة، مع تلك الأجهزة الحديثة، التى يعتقدون ، ونحن معهم، أنها تسلى وتنفع .
ولكن، وللأسف، ففى مجالات تلك الأجهزة الحديثة، قد تكمن بعض الأضرار التى قد لا ينتبهون إليها، ونحن معهم، مما يؤثر عليهم سلبا، ولذا لابد من أن ينتبهوا إليها، ونحن معهم، حتى يحصلوا على الفوائد النفسية، والبدنية، بدون أن تلحقهم أى سلبيات أو نتائج مؤلمة لهم، ونحن معهم بالطبع.
فتعالى بنا نستعرض أبرز، وأكثر الوسائل انتشارا بين ابنائنا من مختلف الأعمار، والتى يستعينون بنا من أجل الحصول على المرح، وقضاء الوقت فى اللهو، على اعتقاد أنهم يحصلون منها على فوائد جمة، ولكنها فى الحقيقة قد تنقلب إلى الضد، لو أنهم لم يستعينوا بها فى اطارها الآمن.
أولا: الموسيقي أثناء الجري
من المشاهد المألوفة فى الكثير من «تراك» النادى، منظر الأبناء، وحتى الكبار، وهم فى ملابسهم الرياضية، يمارسون رياضة الجرى، أو الهرولة، أو حتى المشى، ويضعون على آذانهم سماعات جهاز التسجيل «الهيدفون»، أو سماعات «الآى بود» ، لسماع الموسيقى السريعة أثناء رياضتهم .
ولكن فى دراسة طبية حديثة للرياضيين، قد تمت منذ السنوات الأخيرة من القرن الماضى، حذر الباحثون من وضع هذه السماعات حيث أنها يمكن أن تؤثر على قوة السمع .. بل وربما أدت إلى الصمم.
واستندت تلك الدراسة إلى أن الدم، والأوكسجين، يندفعان أثناء الجرى، ومزاولة الرياضة إلى الذراعين، والساقين، على وجه الخصوص، وبالتالى، فإن منطقة الأذن الداخلية تصبح معرضة للخطر.
ثانيا: الموسيقي والاستريو
ولأننا نلاحظ إقبال الأبناء، من مختلف الأعمار، على الاستماع إلى مختلف أنواع الموسيقى من خلال أجهزة الاستريو الشخصية ذات السماعات فى معظم أوقات اليوم، وطوال تواجدهم فى البيت، أو فى السيارة .. فلابد أن نعرف أن بعد تلك الدراسة الحديثة التى تحدثنا عنها، فقد تلاها دراسات مكثفة، توصل فيها باحثون علماء فى كل من بريطانيا، وايطاليا، وقبل أن ينتهى القرن الـ 20 ، إلى أن أجهزة الاستريو الشخصية ذات السماعات تضر بحاسة السمع .. أى أنهم أكدوا، ما كانت ترجحه الدراسة الأسبق .. بل ولقد اضــافوا إلينا معلومة مهمــة، وهى أنه قد تكون الموسيقى الكلاسيكية أشد ضررا من أى موسيقى أخرى .
المهم هو أن هؤلاء الباحثين أكدوا على أنهم قد وجدوا أدلة على وجود خطر على السمع فى هذه الحالة .. ولذلك، فلقد وجه فريق البحث تحذيرا من احتمال إصابة الأذن بالضـــرر، إذا ما استمر الشخص فى الاستماع إلى أصوات الموسيقى من خلال الاستريو بعد الشعور برنين فى الأذن، وضعف فى السمع، من جراء أجهزة الاستقبال الشخصية .
أما الخطوة التالية للعلماء فى هذا المجال، فهو أنهم، قد قاموا بابتكار طريقة لقياس مدى تأثير السماعات الخفيفة الوزن التى توضع عادة على الرأس، وبتقييم أنواع الموسيقى المختلفة مثل «الچاز»، و«الروك» ، و«البوب»، بالإضافة إلى الموسيقى الكلاسيكية .
وعليه، فلقد أوضحت نتائج البحوث أن 5% من العينة (وكانوا 60 شخصا) التى أجريت عليها الاختبارات، كانوا يستمعون إلى أصوات موسيقية عالية، تهدد بالخطر ولفترات طويلة جدا، وبالتالى فلقد اصيبوا بأضرار فى حاسة السمع.
وتواصلا للاهتمام بتلك الأبحاث المؤثرة فى كيان الناس، كرر الباحثون فى ايطاليا، الاختبارات على حوالى 160 مدينة «تورينو» .. فتوصلوا إلى نتائج مشابهة لتلك النتائج التى توصل إليها الباحثون فى بريطانيا.
وعلى ذلك أصبح هناك إجماع ومنذ تلك السنين الفائتة بالاقلاع، والامتناع ، عن سماع الموسيقى الصاخبة، وكذلك عدم استخدام سماعات أجهزة الاستريو عند سماعها بوجه خاص.
ثالثا: الموسيقي الصاخبة
هل لاحظت تصرفات الأبناء بعد سماعهم للموسيقى الصاخبة، لفترة من الوقت ؟؟ فما بالك ومعظم الموسيقى والألحان حولنا تميل إلى الصخب و«الدوشة» ؟
الحقيقة أنه من بعد الأبحاث السابقة، زاد الاهتمام بالموضوع ، فقامت بعض الدراسات العلمية، الطبية المتخصصة، فأكدت أن الموسيقى الصاخبة تفرز نوعا من الهرمونات الذى يسمى «نور - ادرينالين» .. وهذا الهرمون يدفع الإنسان إلى العدوانية، كما يجعله ميالا للشجار، والقتال، ويسعى سعيا إلى العنف، وإلى التصرفات العنيفة .
أما المهم جدا، فهو أن القليل من هذا الهرمون «نور - ادرينالين» ينشط الذهن والذاكرة، وذلك إذا استمع الإنسان لبضع دقائق لتلك الموسيقى الصاخبة .. ولكن، ان طال الوقت لاستماعه لها، فان كمية افراز الهرمون فى جسمه تزيد، وتتفاقم، وبالتالى ، فان الإنسان يزداد ميلا إلى الشراسة، والعنف، وحدة الطبع والتصرف .
وهنا، قارئتى العزيزة، لابد أن أشير لك، بأن هذا الهرمون الذى نتحدث عنه، وهون هرمون «نور - ادرينالين» ، هو على النقيض والعكس من هرمون «الادرينالين»، الذى يتكاثر افرازه ليشكل جهاز انذار، وتحذير، يدفع الإنسان إلى الهرب، وذلك عند حدوث أى خطر .. ذلك لأن الخوف هو الذى يسبب افراز «الادرينالين»، وهو ما يفيد الإنسان فى انقاذ نفسه فى لحظة الخطر.
فكيف تتصرفين ؟
حقيقة أنت فى غنى عن أى نصيحة، فانك سوف تحسنين التصرف تجاه تصرف أبنائك الذين لا يدركون مدى، ولا أبعاد النتائج السيئة، بل الخطيرة على كيانهم، وصحتهم، فى حين أنهم يعتقدون أنهم سوف يحصلون على اللهو، والمرح ، والسرور مع «سماع الموسيقى» .. لكن ها نحن عرفنا، وبالوثائق العلمية، أنه حتى سماع الموسيقى، له أصوله، وله حدوده .. فكل شئ فى الحدود، والأطر الطبيعية، والمعقولة، والموزونة، يكون مفيدا، وهادفا، ومحققا للسرور، وهو ما يستحقونه بعد عناء سنة دراسية مجهدة .. أما ما زاد عن حده، فانه ينقلب إلى ضده .. فلتعرضى عليهم معلوماتك الجديدة، حتى يقتنعوا ويتصرفوا بما يسرهم ، ويسرك .
ساحة النقاش