<!--<!-- <!--
كل عام وأنتم بخير كانت نسمات الغروب قد بدأت تلطف الجو بعد أن آختفت الشمس التى كانت حارقة جدا فى ذلك اليوم!
كنت أجلس مع مجموعة من الصديقات فى حديقة النادى عندما اقتربت منى سيدة ظننت أنها فى الخمسينات من العمر ، أنيقة ، لطيفة كنت أراها كثيرا لكننى لم أكن قد تعرفت عليها .
قالت لى أنت فلانة .. وأنا لا أريد أن أزعجك وأنت جالسة مع صديقاتك لكننى أريد أن أتحدث إليك على انفراد .. هل يمكن أن أتكلم معك الآن ؟ أرجو أن توافقى لأننى حقيقة مخنوقة !
انتحيت بها جانبا وجلسنا على كرسيين متلاصقين بجوار سور (التراك) أى المنحنى الذى يمارس فيه الأعضاء رياضة المشى والهرولة والجرى (قالت .. الكل يعرفنى هنا فى النادى باسم (الحاجة كريمة) وليكن هو الاسم الذى أرجوك أن تنادينى به وسوف أدخل فى الموضوع حتى لا أعطلك عن صديقاتك .
قالت .. أنا أرملة فى الخامسة والخمسين من عمرى وكان زوجى الذى فقدته منذ حوالى خمس سنوات يعمل مدرساً فى إحدى مدارس الحكومة ، ولنا ثلاثة أولاد بنتان وولد هم الآن يشغلون وظائف مناسبة والبنات متزوجات أما ابنى فلم يتزوج بعد وهو يعيش معى حتى الآن .
تسألين عن المشكلة .. أقول لك - وأستحلفك بأولادك ألا تحكى حكايتى لأى من صديقاتك وأثق أنك لن تفعلى لكنى أريد أن أرتاح وأفضفض لك وربما تكتبينها للناس فتكون عظة وعبرة لمن لا يعتبر !
وأطرقت برأسها وتنهدت وقالت ..
هل تصدقين أن السيدة التى أمامك وأشارت إلى نفسها قد أقترفت من الذنوب ما يجعلنى عندما أتذكرها الآن أبكى وأطلب مغفرة ربى وأستشبع بما فعلته فى شبابى ولا أصدق أننى كنت تلك الشريرة الجشعة وربما يكون من الأوفق أن أحكى لك طرفا مما اقترفته عن قصد.!
واستطردت .. كنا كما قلت لك أسرة فقيرة ، ولا دخل لنا سوى راتب زوجى المدرس ذلك الراتب الذى لا يكفى حتى منتصف الشهر ولما كنت أنا بدون مؤهلات فلم أفكر فى العمل خاصة أننى كنت مهتمة بالبيت والأولاد .
كنت شابة طموحة لا أكتفى ولا أقتنع بحياة القحط والانفاق (على النوتة) من عند الجزار والبقال والفرن حتى آخر الشهر ، كانت لى تطلعات فى حياة أكثر راحة وأكثر (بحبحة) سعيت أنا وعمى لكى يسافر زوجى للعمل منتدبا فى إحدى البلاد العربية وأخيرا وبعد كفاح طويل نجحت مساعينا وسافرنا إلى الكويت ومكثنا هناك عشر سنوات وعدنا بثروة لا بأس بها .
انفرجت الحال واشترينا شقة واسعة ودخل الأولاد الجامعات ولم أكتف بذلك بل بدأت التطلعات إلى مزيد من الثراء والأبهة كيف؟ عن طريق نهب مال سيدة ثرية تعرفنا عليها خلال سفرنا وهى مصرية كانت تعمل هناك وكانت دائما تقول أنها تريد أن تتوسع وأن تبدأ مشروعا كبيرة فى مصر وكانت تلك السيدة عاقرا لا تنجب ومن ثم فقد طلقها زوجها وتزوج بأخرى لغرض الانجاب !
وتدمع عيون الحاجة كريمة ..
تصورى يا سيدتى أن يصل بى الطمع والشراهة للمال إلى التغرير بتلك السيدة (المقطوعة من شجرة) التى كانت تثق بى وتثق بزوجى باعتبارنا بلديات من مصر وناس محترمين ؟
ماذا فعلت أنا ؟ ربما لن تصدقينى !
إننى أنا التى أقنعت زوجى وكان رافضا فى البداية أن يتزوجها ! أى والله العظيم .. وظل الرجل غير مصدق لما أقوله حتى رسمت له الخطة !
والخطة هى أن يقنعها بالزواج ثم يقنعها بأن تشاركه فى بناء عمارة سكنية (مما يسمونها برجا هذه الأيام) ثم يقنعها بأن تكتب له توكيلا شاملا لكى يستطيع أن يدير أموالها ثم بالتدريج يستحوذ على كل ما عندها من أموال بعد أن يتم البناء والتشطيب وبعد أن تباع الشقق ويحصل على أثمانها؟ وربما تسألين وكيف قابلت تلك السيدة ذلك الموقف ؟ أرد عليك أننى حبكت التمثيلية وعملت نفسى غضبانة فى بيت أهلى وأتقنت الدور حتى جاءت لى وقالت وهى تبكى .. أرجوك وافقى لأنه زواج صورى فقط أمام الناس حتى لا يدخل ويخرج علىّ وأنا بمفردى فأرجوك ألا تغضبى ! ماذا حدث بعد ذلك.
الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية .
ساحة النقاش