<!--<!-- <!--
إلي كل نفس مهمومة ومتعبة .. تبحـث عن ملجأ آمن تلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه.
نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها فإن كانت لديك مشكلة نفسية تحيركنا أرسليها لنا بالبريد العادي أو البريد الأليكتروني .. ونحن في انتظارك.
كلنا نخاف من الألم وأوجاع الجسد .. ولكن أن يتحول هذا الخوف إلى حالة نفسية معقدة فإن الأمر هنا يتعدى المعقول والعقل والمنطق ويتحول إلى شئ شاذ وغريب ومرضى يستوجب العلاج. وكثير منا يكرهون أطباء الأسنان ويخافون من التعامل معهم .. ولكن عند الضرورة .. يصبح لا مفر من اللجوء إليهم من أجل البحث عن العلاج والشفاء من آلام الأسنان.
وحالة اليوم هى حالة غريبة لسيدة فى العقد الثالث من عمرها .. لديها مشكلة نفسية تعانى منها وهى الرفض التام من التعامل مع طبيب الأسنان .. لذلك هى تتحمل آلام الأسنان وتلجأ إلى المسكنات هروبا من دخول عيادة الأسنان .. وهى تسأل الآن هل من الممكن أن تتخلص من مخاوفها النفسية هذه وخاصة أنها وصلت إلى مرحلة تستدعى علاجا فوريا لأسنانها ..؟ وهل من الممكن أن تنتقل حالتها هذه لطفلها الصغير.. ؟!
د. سمير نسيم استشارى طب الفم والأسنان يتحدث عن فوبيا آلام الأسنان فيقول :
- الخوف أحد مشاعر الإنسان تجاه الخطر .. وهو شعور يبدأ منذ الولادة .. فالطفل يبكى مع الأصوات العالية أو الارتجاج الشديد .. ومع نمو الإدراك يتطور الشعور بالخوف من الألم أو السقوط إلى الخوف من المستقبل والأخفاق فى النجاح وكلما كان الخوف فى حدود متوسطة يكون رد الفعل إيجابيا .. والخوف من علاج الأسنان يبدأ فى السنوات الأولى من العمر حيث أول تجربة فى آلام الأسنان .. وفيها يتم تبديل الأسنان اللبنية .. وهنا يتدخل أفراد الأسرة لمساعدته فى خلع الأسنان التى تهتز وتتحرك بشدة فى مكانها . وهنا أول مواجهة مع الألم الأسنان فى المرحلة العمرية الصغيرة .. والسؤال الذى يفرضه نفسه علينا فى هذه المرحلة هو كيف تم التعامل مع الطفل سواء داخل الأسرة أو فى عيادة الأسنان ؟ وبالتالى نتساءل هل تم التعامل معه بحرص من الناحية النفسية وشرح كل شئ ببساطة وحرفية سيكولوجية حتى تمر أول تجربة سهلة بدون ترك رواسب نفسية تزرع الخوف فى المستقبل من التعامل مع الأسنان.. هذا الخوف يجعل التدخل العلاجى مستحيلا تحت المخدر الموضعى ونضطر للتعامل من تحت مخدر كلى .
ان أول لقاء مع ألم الأسنان وطبيب الأسنان هو أهم لقاء لأنه يحدد مصير حب أو كراهية علاج الأسنان عند الطفل . فنحن لا نستطيع أن نمنع الشعور بالخوف نهائيا ولكن من الممكن أن نجعله فى الحدود الايجابية وفى مستوى درجة تحمل الألم .. لذلك فتدخل الطبيب أفضل بكثير من تدخل أفراد الأسرة عادة تتم بدون دراسة نفسية كافية للتعامل والتفاهم مع التكوينات السيكولوجية لكل طفل .. حيث يختلف كل طفل عن الآخر.. فهناك الطفل الوحيد .. أو أصغر أفراد الأسرة أى الطفل المدلل والطفل الذى يعانى من أمراض معينة مثل القصور الذهنى أو التوحد .. أو أمراض العجز الجزئى .. وغيرها من الأمراض التى يحتاج فيها الطفل إلى معاملة خاصة من الطبيب .. لذلك نفضل عدم تدخل الأهل مع طبيب الأسنان المعالج أثناء مراحل العلاج مع الطفل فى العيادة وترك فرصة للطبيب أن يعمل على تكوين علاقة ورابطة قوية بينه وبين الطفل لكى يقلل الشعور بالخوف من علاج الأسنان الذى يتم الآن بأقل قدر ممكن من الألم بفضل تطور أجهزة الأسنان العلاجية . من هنا يتضح أهمية الزيارة الأولى لطبيب الأسنان لأنها تعطى أول انطباع وتجربة عن أول شعور بألم الأسنان وتحفظه فى الذاكرة وتجعلها فى حجم بسيط ويتقبل الطفل تكرارها.
والعلاقة الجميلة التى تنشأ بين الطفل والطبيب سوف يحصد الطفل مميزاتها طول عمره من المحافظة على سلامه وصحة الفم والأسنان ، فتأجيل علاج الأسنان نتيجة الخوف يسبب الخلع المبكر للأسنان الذى يحتاج بعد ذلك إلى علاج بالتقويم فى مرحلة تالية .. لذلك انصح الأهل بعدم شرح خطوات العلاج لأولادهم لأنها تزيد من الخوف من طبيب الأسنان.
والآن .. هل علاج فوبيا الأسنان ممكن؟!
- يجيب د. سمير نسيم : ان العلاج يمر بمرحلتين.
المرحلة الأولى : وهى تقليل ومنع الخوف فى مرحلة الطفولة أو ما قبل العلاج عن طريق نشر ثقافة الاهتمام بالأسنان وذلك قبل سن 6 سنوات - ويكون ذلك عن طريق المدارس والمنزل بشرح أهمية نظافة الفم والأسنان وعمل زيارات دورية للأطفال لعيادات الأسنان لشرح الأجهزة والتعامل مع الفريق المعالج مع شرح مبسط عن كيفية التعامل مع آلام الأسنان وبطريقة علمية تعتمد على احترام عقلية ومشاعر الطفل.
المرحلة الثانية : وهى التعامل مع مريض يعانى من فوبيا علاج الأسنان وذلك يكون بلطف وهدوء والبعد عن العنف مما يزيد حالة الخوف وتأكيدها وحفرها فى الذاكرة وتجعل الطفل يكره علاج الأسنان وتجعله يتحمل الألم ولا يلجأ إلى طبيب أسنان.
ولا مانع من التعامل مع حالات فوبيا الأسنان تحت مخدر كلى فهذا أمن جدا ويحقق الهدف .. وهو العلاج بدون ألم.
ساحة النقاش