مارس شهر الحب والربيع وعيد الطبيعة حيث تتلون بكل ألوان الزهور والخضرة والجمال.. وقد ارتبط هذا الشهر بـ«حواء» ففى مارس تجتمع كل أعياد المرأة.. 8 مارس يوم المرأة العالمى وفى16 منه يوم عيد المرأة المصرية وفى 21 مارس عيد الأم الذى يواكب عيد الربيع.
لماذا عيد المرأة؟
وقد تتساءل بنات الجيل الجديد ومعهن أولاد آدم ولماذا عيد للمرأة ولماذا تحديدا هذا اليوم 8 أو 16 .. ولأن الإنسان هو محور الكون و«حواء» هى نصف الدنيا التى تنجب النصف الآخر من أبناء آدم.
فإذا صلحت صلح الكون وإذا كان العكس قلنا على الدنيا السلام..
وقد أعلن عن اليوم العالمى للمرأة فى المؤتمر الدولى للمرأة بالدنمارك عام 1910 لأول مرة تخليدا لنضال المرأة من أجل حقوقها والمساواة بالرجال ورفع الظلم عنهن.
ففى 8 مارس أعلنت عاملات النسيج بولاية شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية الثورة على الظلم.. فقد كن يعملن فى ظروف بالغة القسوة دون أىة رعاية صحية أو ساعات راحة من أجل صغارهن.. وبأجور لا تتساوى مع الرجال.. فقدمن احتجاجهن لصاحب المصنع.. فما كان منه إلا أن أغلق أبواب المصنع عليهن.. وعاد لمنزله.. كنوع من التأديب على تجرؤهن بمطالبهن.. وحدث حريق ضخم بالمصنع ولم تستطع العاملات الفرار والهروب من الأبواب الموصدة بإحكام.. وهكذا ذهبن جميعا ضحية.. فما كان إلا أن تفجرت المظاهرات فى أنحاء البلاد لعاملات المصانع مطالبات بالمساواة ورفع الظلم عن النساء وليمثل هذا اليوم رمزا لنضال المرأة.
أما يوم 16 مارس فاعتبر يوما للمرأة المصرية انطلاقا من مشاركتها السياسية فى المظاهرات من أجل استقلال بلادها فى ثورة 1919 والمطالبة باجلاء الإنجليز فى حركة وطنية شاركت بها النساء والرجال وتوحد خلالها الهلال مع الصليب فى ثورة شعب ليسقط الشهداء أمام رصاص الإنجليز وتختلط دماء النساء والرجال من أبناء مصر.
ولينطلق بعدها وفد مصر لأول مرة من النساء للمشاركة فى مؤتمر المرأة العالمى بروما لاتحادات نساء العالم وضم الرائدة هدى شعراوى وثلاث سيدات ليعلن عن حق بلادهن فى الاستقلال وأنها مطالب شعب بأكمله وليست مجرد مظاهرات.. وعندما رفعن علم مصر وقد رسمن بمركزه تعانق الهلال مع الصليب فى رد بليغ على مزاعم الاحتلال الإنجليزى بوجود فتنة طائفية واستطاع هذا الوفد النسائى المصرى رغم صغره من حيث العدد بالنسبة لباقى الوفود أن يقنع الجميع بقوة حجته.. فأعلن عن انضمامه رسميا إلى الاتحاد النسائى العالمى ويصبح هذا الوفد ميلادا للاتحاد النسائى المصرى.
ويعود الوفد مطالبا بحق المرأة المصرية فى التعليم الثانوى والجامعى والمساواة فى العمل أيضا مع الرجال ورفعن هذه المطالب إلى وزير التعليم ورئيس الوزراء.. ولتخوض المرأة المصرية معارك طويلة من أجل حقوقها ونجاحاتها وليعلن بعدها عن وثيقة عدم التمييز بمقر الأمم المتحدة التى اعتبر العقد الموالى لها العقد العالمى للمرأة وكانت مصر من أوائل الدول المصدقة على الاتفاقية لتصل المرأة المصرية إلى العديد من المواقع والمناصب فى كل مجالات الحياة ولتؤكد على طموحاتها وكيانها المهم والأساسى فى مجتمعها وعالمها.
وبعد أن كانت من أوائل المدافعات عن حقوقها وسباقة من عصر الفراعنة حيث كرمت وكانت ملكة متوجة على شعب مصر وقاضية وعالمة ومن قبل كرمها الخالق وخلقها من ضلع مجاور لقلب آدم لتكون له الحبيبة والتى تؤنس وحشة أيامه رغم أنه خلق بالجنة ولتعمر معه الأرض والدنيا.. وليكرمها ويعزز قدرها ويعلنها صريحة فى قرآنه الكريم لا فرق بين ذكر وأنثى إلا بالتقوى وهو مبدأ المساواة ويعلن رسولنا الكريم عن مبدأ المواطنة لا فرق بين رجل وامرأة فالكل بادر وأسرع بمبايعته والكل حرص على أن يجتمع معه لتعلم أمور الدين والدنيا.
والآن وبعد أن أصبحنا فى عصر وصلت فيه المرأة إلى منصب رئيس جمهورية ورئيسة وزراء كما فى الهند وباكستان وبنجلاديش والأرجنتين وإنجلترا، ورئيسة برلمان كما فى الهند والبانيا وقاضية فى كثير من البلاد العربية والإسلامية وبعد أن كانت مصر أول المطالبات وأول من شغلت المنصب فى عهد الفراعنة.. وكانت آخر المعينات وللأسف بعد أن أكدت وجودها ونجاحاتها فى القضاء ووصلت لما وصلت إليه من نائب رئيس المحكمة الدستورية ونجاحاتها بمحاكم الجنايات والأسرة والاقتصادية خرج علينا من يحاول أن يعود بها للوراء مرة أخرى.. فى القرار الصدمة الذى يتحدى الجميع حتى الدستور وبنوده من الجمعية العمومية بمجلس الدولة واصرارها على ذلك حتى بعد إعلان رئيس المجلس عن الموافقة على تعيينها كما ينص الدستور.. فهل هذه هدية المرأة المصرية فى عيد المرأة.. بعد أن حققت نجاحاتها.. بتعيين أول وزيرة للأسرة والسكان السفيرة مشيرة خطاب بقرار جمهورى من الرئيس حسنى مبارك وأيضا تعيين أول رئيسة لجامعة الاسكندرية وهو مطلب نادت وسعت إليه المرأة المصرية بعد أن أثبتت نجاحاتها كعميدة ونائب رئيس للجامعات المصرية وأيضا رئيس مجلس أمناء الجامعة.
ومازلنا نأمل أن يرفع هذا الظلم الذى يسلبها حقوقها وممن من مستشارى مجلس الدولة؟! ومازالت عيون «حواء» تتطلع للمزيد من وجودها والتكافؤ والعدالة الاجتماعى وهو ما يؤكد على مبدأ المواطنة فى الدستور والذى نادى به سيادة الرئيس كحق لها ولجميع المواطنين فى المساواة فى الحقوق والواجبات لا فرق بين المواطنين فى النوع والدين والعقيدة وكما كان من المؤتمر الدولى للمرأة فى عيد المرأة المصرية الذى قادته السيدة الفاضلة سوزان مبارك وباجتماع وفود من دول العالم أشادوا بتجربة المرأة المصرية التى يجب أن تحتذى بها والآن نأمل فى تحقيق آمال المرأة فى منصب المحافظ والتى تعى جيدا أنها تستطيع أن تحقق به النجاح بقدراتها وكفاءتها كإنسان مصرى وصلت إلى أعلى الدرجات العلمية والخبرات فى الخدمات والتعامل مع الشعب من خلال المحليات والنقابات وحققت بها نجاحات وفوز ساحق ووصلت إلى سكرتير عام بالمحافظة وعمدة وبعد أن سبقتها فى التجربة وبنجاح المرأة العربية بتونس والمغرب والسودان.
فهل تكون هذه هدية المرأة المصرية فى عيدها هذا العام؟ هذا ما نأمله جميعا من القيادة السياسية التى تؤمن بقدرات ونجاحات حواء المصرية لصالح بلادها على كل المستويات فى تربية الأجيال ومزيد من الإنتاج فى كل مناحى الحياة ولا ننسى أن تقدم الأمم يقاس بمدى رقى المرأة ونجاحاتها..
وكل عام ومصر دائما بكل مواطنيها بحب وخير وسلام.
ساحة النقاش