جاءت من قلب الصعيد تستمد كيانها من نبضاته ، شابة في مقتبل عمرها تحمل ملامحها براءة الأرض الطيبة التي تجود بكل مالديها ، تعبر في تلقائية عن حب هذا الوطن تحمل أحلاماً كبيرة كأنها ترفرف بها علي بنات جيلها معلنة في صمت أن المرأة قادرة علي صنع ظروفها واتخاذ قرارها إنها ميرفت محمود زكي العادلي ابنة قرية المراشدة التابعة لمركز الوقف التي تبعد 28 كم عن محافظة قنا وتضم 14 نجعاً يحيا بها 40 ألف نسمة تقريباً التي سارت في طريق الكفاح المليء بالأشواك والعثرات تدفعها قوة دافعـة نحـو النجـاح الــذي لـم تــرض عنه بديلاً تكلل مشوارها في النهاية بالتفوق الذي يحمل نسمـات خــاصــة وتكتب اسمهـا فــي سجل البارزات كأول مأذونة في الصعيد والثانية علي مستوي مصر ، توجهت «حواء» إلي هـذه البقعــة البعيدة لترصد هذا الحدث وتسجل هذه الفرحة.
فى البداية نود التعرف عليك ؟
- بفرحة كبيرة ونظرة واثقة فى مستقبل باسم استهلت جديثها قائلة :
أنا ابنة الصعيد وبالتحديد هذه البقعة الغالية قرية المراشدة التى تتوسط محافظة قنا ومركز نجع حمادى وهذا مايميز موقعها حصلت على ليسانس حقوق عام 2005 ، ودبلوم فى الفقة الإسلامى عام 2006 ودبلوم القانون الخاص فى 2008 بما يعادل درجة الماجستير وحالياً أعد للكتوراة عن القانون المدنى مقارنة بالفقة الإسلامى .
كيف جاءت فكرة عملك كمأذونة وبذلك تعتبرين أول مأذونة بالصعيد ؟
- الأمر كله يتلخص أنه بعد وفاة مأذون قرية المراشدة فتح باب الترشيح لمدة ثلاثة شهور من 24/6 إلى 24/9 مثلما يحدث فى أى وظيفة أخرى فكرت فى التقدم لشغل هذا المنصب خاصة أن الشروط منطبقة تماماً فلماذا ألا أخوض التجربة وجاء ترشيحى مع ثمانية رجال منهم محامون أو من يعملون فى مهن أخرى وكنت أنا المرشحة الوحيدة .
كيف كان إختيارك وفوزك بالمنصب ؟
- إختيارى جاء من منطلق إننى حاصلة على أعلى مؤهل حيث أن المادة 12 من لائحة المأذونين تنص على أنه حينما تتوافر فى المرشحين كل الشروط يكون المؤهل الأعلى هو صاحب الكلمة الفاصلة فى هذه المسألة .
وبشكل عام أى شىء يكون غير معتاد يمثل صعوبة كبيرة فى بدايته إلى أن تهدأ الأمور رويداً رويداً وتسير على ما يرام وعموماً أنا متفائلة فى 27/2 بتعيينى وتكمل الفرحة بتصديق وزير العدل على قرار التعيين كأول مأذونة فى الصعيد وثانى مأذونة على مستوى مصر وأودى عملى على أكمل وجه ولكل مجتهد نصيب .
هل فكرت فى قسوة العادات والتقاليد التى ربما لا تتقبل عملك كمأذونة خاصة أنها صورة مخالفة تماماً للصورة التقليدية ؟
- بحماس كبير أجابت قائلة:
فى بداية تقدمى لهذا العمل كنت مدركة تماماً ما يواجهنى من صعوبات لكننى مؤهلة نفسياً تماماً فكما يوجد المؤيدون لى الذين يشجعون تفوقى وإصرارى وحبى للتحدى ، هناك المعارض من حيث العادات والتقاليد التى ترفض وجود المرأة فى مهن كثيرة.
هل مارست المحاماة قبل ذلك وما سبب إختيارك لدراسة الحقوق ؟
- عملت بالمحاماة لفترة وجيزة وأخذت مدة تدريب وجاء اختيارى لدراسة القانون عن حب وشغف بهذه المهنة التى تتيح لى التعامل مع الناس أكثر وكل فرد يعرف حقوقه وواجباته ثم رأيت أيضاً فى عمل المأذونية مشاركة أكثر فى قلب الحياة الاجتماعية تتيح إحتكاكاً واسعاً المدى .
هل ترين عمل المأذونة مناسباً للمرأة عموماً والصعيدية بصفة خاصة ؟
- بكل تأكيد أراه أنسب للمرأة بشكل عام دون الوقوف على حدود جغرافية لأنه عبارة عن توثيق للعقد لا يأخذ سوى دقائق معدودة وأقبلت على هذا العمل بكامل قناعتى حباً فى الموضوع فهو عمل مناسب جداً للمرأة فأنا لو زوجة وأم تتيح لى هذه المهنة الوقت لأرعى بيتى وأولادى كما أنها تفسح لى المجال فى الدراسة حالياً وفرصة الإطلاع وأنا داخل البيت لإعداد رسالة الدكتوراة بجانب عملى . لكن فكرة الناس مازالت مرتبطة بالصورة الذهنية التقليدية للمأذون وأن هذا العمل مرتبط بالذكورية فى المقام الأول ولذلك فى بداية ترشيحى كانت هناك لهفة كبيرة لمعرفة من التى تسعى لهذا المنصب وكثيراً ما تصادفنى ناس تقول لى نفسنا نشوفك لأنه شىء غريب على المجتمع الصعيدى الذى يتعارض مع بعض المهن التى تطرقها المرأة فما بالك لو كان هذا العمل مأذون الخطوة كانت جريئة والقرار لم يأت لى بسهولة استخرت الله سبحانه وتعالى كان قراراً صعباً لكننى وجدت الترحيب الأول من البيت الذى دفعنى فى طريق النجاح .
هل ترين أن الفتاة الصعيدية داخلها طموح كبير تكبته العادات والتقاليد ؟
- أرجع هذا فى المقام الأول إلى الأسرة ومدى تفاهمها لطموح ابنتهم وحرصهم على بناء هذا الكيان لتحقيق النجاح وهكذا لو اجتمع طموح الفتاة وتفتح فكر الأسرة بكل تأكيد يدفع هذا بالفتاة خطوات واسعة تستطيع خلالها التغلب على كل العراقيل والعادات المجحفة لحق هذا الكائن فى الإنطلاق .
ما أبرز مشكلات المرأة الصعيدية كما تتراءى لك ؟
- الحمد لله أرى الإقبال على تعليم البنات بصورة رائعة بل أن الظاهرة المنتشرة هى تفوق الإناث أكثر من الذكور لكن تظهر مشكلة الميراث فى مناطق كثيرة من الصعيد حينما تطالب المرأة بحقها الشرعى فى الإرث عندئذ تكون كأنها ارتكبت إثما لايغتفر ، أيضاً تظهر مشكلة الزواج المبكر للفتيات ومن خلال عملى كمأذونة بإذن الله من أولى الإجراءات لابد من الإطلاع على تحقيق الشخصية فلابد من التأكد لأن هذا ضد القانون ونحاربه أيضاً بالشكل القانونى فليس هناك أى تهاون فى هذه المسألة.
دور الأسرة
وبكل حب وإحترام واصلت الحديث حول دور أسرتها فى تشجيعها لتحقيق النجاح وترشيحها لهذا المنصب الجديد على خريطة الحياة الاجتماعية فى الصعيد تقول :
تمثل أسرتى حجر الزاوية لدفعى وتشجيعى واهدى إليهم أى نجاح أحققة فى حياتى فهى مثال رائع لمعنى الأسرة بأنه حقيقة النواة الأساسية التى يرتكز عليها المجتمع الناجح أبى رجل عصامى مكافح يتفانى فى حبنا وخدمتنا والمرأة عنده كائن محترم له كيانه المستقل وقف بجوارى فى إكمال دراستى العليا وقال لى أنا معك للنهاية وأمى تدفعنى وتقف بجوارى تساندنى فى كل خطوة ولى ستة أخوات بنتان وأربعة أولاد فى مراحل التعليم المختلفة أصغرهم تسعة شهور ، أسرتى علمتنى الحرية المسئولة لمواصلة رحلة كفاحى العلمية .
العمل الاجتماعي
ماذا عن مشاركتك المجتمعية بالنسبة للمرأة ؟
- الحقيقة أخذتنى دائرة الدراسات العلمية حيث أننى بدأت بالمجال الأصعب أولاً قبل المجال العملى لأ ترجم كل هذا إلى واقع ملموس لخدمة مجتمعى مستقبلاً وبنات بلدى بشكل خاص وأرى أن المرأة والرجل شىء واحد والقضية ليست رجلاً وإمرأة وإنما الفيصل دائماً هو فى الكفاءة وهذا دليل قوى على أن بلدنا فى طريقها للقضاء الكامل على التمييز بين المرأة والرجل والمرأة حالياً تشغل مناصب قيادية عديدة على أساس كفاءتها التى تؤهلها لذلك.
ماهى رؤيتك حول زوج المستقبل ؟
- أتمنى من الله سبحانه وتعالى كأى بنت أن يمنحنى زوجاً متديناً يتقى الله فى لأن الكريم لو أحبك يكرمك ولو كرهك لايظلمك والرسول صلى الله عليه وسلم قال لو جاءكم من ترضون دينه زوجوه .
وعن أمنياتها حول المستقبل فى المنصب الجديد ؟
أجابت باسمة :
- أولاً أفكر أن أكسب ثقة الناس وكل خطوة يجب أن تكون متأنية فأفضل شىء هو المحافظة على النجاح وليس تحقيقه فحسب لذلك تأتى كل قراراتى هادئة وفى تأن كبير استخير وأستشير من حولى.
ساحة النقاش